رغم أنه لم يتذكر أسماء المعلمين الذي أثروا به، إلا أنه مازال يتذكر صورة أستاذ العلوم في مدرسة "طارق بن زياد" عندما كان يتحدث عن دوران الدم في الجسم، الذي اعتبر القلب محطة ودوران الدم (وريدي، شرياني) سككاً حديدية، وما زال يشرب من أفكار أستاذه في ثانوية "أمية"، لأنه زرع فيه حبه لكل الأديان حيث كان يشرح الديانات بشكل حديث غير متعصب بتدين... مما شوقه لمعرفة الأديان كلها.

موقع eLatakia التقى البروفسور المغترب السوري في "إيطاليا" د."نبيل المريدن" الذي ولد في "دمشق" 1939 وسافر إلى "إيطاليا" بالصدفة بعد أن سجل ليدرس الجغرافيا في جامعة "دمشق"، وجاء خروجه بناء على استفسار خاله عن أحواله ليفتح له الباب ويقله معه إلى "إيطاليا" ويأخذ اللغة من معهد في مدينة "بيروجيا" لمدة شهرين، ليسعى بعد ذلك لدخول كلية الطب.

تزوجت من "إيطاليا" أيضاً بالصدفة، فقد عملت بمشفى خاص صاحبه يرغب بمعرفة تاريخ الطب "العربي" من خلالي لأنه مولع به فكان هو والد تلك الفتاة التي تعرفت عليها من خلاله. أخذت من الغربة ما كنت أتمنى إيجاده في بلدي "دراسة الطب"، فتحت لي جامعات "إيطاليا" أبوابها بينما كنت أحتاج لمعدلٍ عالٍ في "دمشق" لدخول الطب في جامعتها.. ورغبتي بدراسة الطب كانت كبيرة نتيجة عمل والدي الذي كان طبيباً

يقول "د.مريدن": «بحثت خلال وجودي في المعهد عن أصعب الجامعات في "إيطاليا" وأكثرها تشديداً على العلم فكان الجواب جامعة "بولونيا" وهي الجامعة الأقدم في "أوروبا"، سجلت فيها إلا أني تخرجت خلال سنوات الدراسة الست دون الرسوب بأي سنة، واستوقفني خلالها أستاذ التشريح الذي بسط مقرر التشريح المؤلف من ستة أجزاء، ونجحت به على الرغم من قلة الذين يحصلون على النجاح. وتساءل الأستاذ عن أجوبتي التي كانت تماثل 1+1=2،فكان ردي: لا يمكن أن يكون التشريح 1+1=3 ... حينها أثنى على "السوري" الذي أمامه، كان جوابي هناك الأفضل مني في "سورية"».

د.مريدن أثناء اللقاء

«تزوجت من "إيطاليا" أيضاً بالصدفة، فقد عملت بمشفى خاص صاحبه يرغب بمعرفة تاريخ الطب "العربي" من خلالي لأنه مولع به فكان هو والد تلك الفتاة التي تعرفت عليها من خلاله.

أخذت من الغربة ما كنت أتمنى إيجاده في بلدي "دراسة الطب"، فتحت لي جامعات "إيطاليا" أبوابها بينما كنت أحتاج لمعدلٍ عالٍ في "دمشق" لدخول الطب في جامعتها.. ورغبتي بدراسة الطب كانت كبيرة نتيجة عمل والدي الذي كان طبيباً».

«تمكنت من الوصول إلى هدفي بالاغتراب، هذا الحل أخذ مني جهداًً كبيراً لأني بدأت الدراسة بلغة أخرى .. وابتعدت بسن باكرة عن عائلتي.. أحبابي .. أصدقائي، والآن أعطيت لذلك البلد خدمة أربعين عاماً بإخلاص، تكونت لي علاقات كثيرة كان خلالها اسمي عالياً، وعشت بها أياماً جميلة، لكن بنفس الوقت لم أنس وطني وكنت أقضي عطلتي السنوية لمدة شهر في "سورية". وسعيت لخدمة بلدي ومهما قدمت لها أبقى مقصراً، وأنقل العلم الجديد من خلال المؤتمرات الطبية المشتركة "السورية-الايطالية"».

«خلال المؤتمر الطبي الأول جمعت عدداً كبيراً من الأخصائيين الايطاليين بهدف تعريف زملائنا في "سورية" بالطب في "إيطاليا". وبنفس الوقت تعريف "الايطاليين" على "سورية" وحضارتها وشعبها وكفاءات أبنائها.. وهذا فتح المجال للتعاون في أشياء كثيرة، كما فتح المجال أمام "الايطاليين" لقضاء لحظات بديعة في "سورية" والتعرف من خلال الإجازات التي يقضونها فيها عن المفردات السياحية الفريدة. وما تزال المؤتمرات الطبية مستمرة في كل عام بمختلف المجالات (الجراحة العامة والتنظيرية) التي أول من باشر بها "الايطاليون" مع "الفرنسيين"، ونقلت إلى "سورية" حين لم يكن فيها إلا طبيان مبتدئان بالجراحة التنظيرية.

كما قمنا بدورات تدريبية متعددة بمختلف الاختصاصات الجراحية من العامة إلى النسائية والبولية، علاوة على ذلك وقعنا اتفاقيات عدة بين وزارة الصحة ونقابة أطباء "سورية" مع أكبر الروابط الطبية الجراحية في "إيطاليا" كرابط جراحي "ايطاليا" ورابطة الجراحة التنظيرية والتكنولوجيا الحديثة "الايطالية".

وهذه الاتفاقيات ساعدت الكثير من الزملاء "السوريين" على المشاركة في ورشات العمل للتدريب على الجراحة التنظيرية دون أي مقابل مادي حتى إن المنامة والطعام مؤمنة.خلال المدة الأخيرة أضفنا مجال الأورام السرطانية وقمنا بمؤتمرات مشتركة "سورية إيطالية" في مجال السرطانات والعنق بالتعاون مع المشفى الجامعي "البيروني" ووزارة التعليم العالي، وتبعه مؤتمر آخر (من الوقاية إلى العلاج في الأورام السرطانية) وقد شارك فيه الكثير من "الايطاليين" في الجامعات والمؤسسات العلمية المهتمة بالسرطان، وآخر المشاركات لعدد كبير من الطليان كان مع الرابطة الجراحية التنظيرية النسائية "السورية"».

والجدير ذكره أن "د.نبيل المريدن" كرئيس للجالية "السورية" في "إيطاليا" يسعى لجمع الشباب المغتربين فيما بينهم لتفعيل التقارب بين الشباب العربي ليتعرفوا على بعضهم بعضاً، عل هذا التعارف يتوج بالزواج.. فالزواج من أجنبية جيد في حال قرر المغترب البقاء في الغربة، فالدكتور "نبيل" تزوج الأولى "ايطالية" والثانية "سورية" وكل واحدة لها نكهتها الجميلة.