في عالمٍ باتت فيه التكنولوجيا والاتصالات أكثر تطوراً، وتخدّم شريحةً واسعةً من المستخدمين، على اختلاف أعمالهم وقطاعاتهم (في التعليم، الاقتصاد، السياحة، وغيرها)، بات من الضروري إنشاء منصات تحقّق غايات المجتمع، وتسهّل عملية الوصول إلى الخدمات المطلوبة، وإتمامها عن بعد، عبر الإنترنت والتقنيات الحديثة.

ولم يقف المبتكرون السوريون مكتوفي الأيدي، بل قدموا أفكارهم لتحويلها إلى تطبيقات ومنصات من السهل الوصول إليها، وقدّموا بعضها عبر المسابقات كمسابقة "المحتوى الرقمي العربي"، لكن السؤال الملح، هل يتم فعلاً استثمار هذه الأفكار ونقلها من أذهانهم وأوراقهم إلى أرض الواقع؟ وما هو مصير المشاريع الخلّاقة التي لم يتسنَ لها الوصول إلى المسابقات؟

الحل يكمن في سن القوانين والتشريعات التي ترفع الحواجز بين الشركات الخاصة التي تعتبر بيئة حاضنة للمشاريع الخلاقة، وأصحاب المشروع وفكرتهم، وتخصيص ميزانية معينة لدعم المشاريع الشبابية، وهذا ما سيعود على الجميع بالفائدة سواء باستقطاب كوادر جيدة، ونقل بعض الأفكار إلى براءات الاختراع، ومجالات التطبيق العملي

التقت مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 20 كانون الأول 2019 رئيس "الجامعة الافتراضية السورية" د. "خليل عجمي" الذي حدثنا عن الآلية التي ستتبعها الجامعة للاستفادة من المشاريع المطروحة عبر مسابقة "المحتوى الرقمي العربي" الأخيرة بالقول: «هذه المسابقة هي نقطة البداية للمشاريع التي شاركت فيها، وحفلها الختامي لا يعني أبداً نقطة النهاية، مبدئياً هناك اتفاق لتنظيم ورشة عمل ستضم 19 مشروعاً، وهي المشاريع التي بلغت المرحلة النهائية من المسابقة، مع جهات يمكن أن تتبنى هذه المشاريع، وأولى هذه الجهات هي شركة "مبدع" التي يملكها مركز الدراسات والبحوث العلمية، وسندرس معاً خلال ورشة العمل آلية التعاون فيما بين الفريق الذي سيتم تبنيه والشركة الراعية بحيث يمكن التعاقد مع المشروع لتطويره وتحويله إلى منتج بشكل تشاركي، كما نعمل مع وزارة الاقتصاد - مديرية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومع بعض جهات الإقراض من أجل دعم هؤلاء الشباب المشاركين».

د. "خليل عجمي" رئيس الجامعة الافتراضية

وأردف: «بالنسبة لنا كجامعة افتراضية نحن مهتمون بأربعة مشاريع سيتم تبنيها، والمشروع الأول هو المشروع الفائز بالمرتبة الأولى في المسابقة "الصف الافتراضي"، والذي سيتم تبنيه ضمن منظومة قانونية مع شركة "مبدع"، وتوقيع اتفاقية شركة بين الشركة الأخيرة والفريق المذكور، ومشروع "البيان" وفكرته تستهدف خدمة الصم والبكم بتحويل المحتوى الرقمي العادي إلى محتوى رقمي يتناسب معهم، والمشروعين الآخرين هما "ترجم"، و"التلخيص" في حال لمسنا إمكانية تحويلهم إلى منتجات بشكل سريع، فنحن سندعو المهتمين إلى ورشة العمل التي سنقيمها، وسنعلن عن النتائج التي توصلنا إليها خلال هذا العام قبل الإعلان عن المسابقة القادمة».

د."أيمن السواح" مدرس اتصالات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، أوضح أهمية استثمار كل الأفكار التي يتم طرحها في هذا الإطار بالقول: «أفكار الشباب في ميدان التكنولوجيا والاتصالات هي أفكار مبدعة، خارجة عن المألوف، فهذه الشريحة تجاوزت الأكبر منها عمرياً بالقدرة على التعلم الذاتي والاطلاع على كل جديد في عالم التطور التقني، بالتالي نحن نلمس الكثير من الإبداع، والقدرات الكامنة التي لم تسعفها الظروف لتنتقل إلى التطبيق الواقعي، ومن الإيجابي فتح الباب أمامها من خلال المسابقات، والهيئات، والجامعات، لكن من المؤسف أن بعض هذه المشاريع تطوى بعد المسابقات والتكريمات، وقد يكون السبب هو هموم الحياة اليومية لأصحاب المشروع من دراسة وعمل، وكي تبقى حية يجب أن تستمر المبادرات تجاهها من القطاعين العام والخاص».

د. "أيمن السواح" مدرس اتصالات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا

وأضاف "سواح": «الحل هو إيجاد حاضنات أعمال على نمط حاضنة أعمال "الجمعية السورية للمعلوماتية" كمثال، والتي أدت إلى ظهور شركات صغيرة تمكنت من الحصول على عائد مادي من خلال مشاريعهم، فكل مجموعة تنتج مشروعاً هي خلية نحل نحن بأمس الحاجة إليها في "سورية"، بالإضافة إلى منح التسهيلات لهؤلاء المبدعين، ومنحهم التراخيص المناسبة للبدء بتنفيذ مشروعهم على أرض الواقع، بعيداً عن التأطير بالمسابقات التي تعتبر هامة لكنها ضيقة النطاق، ولا يتمكن البعض من المشاركة فيها، أو إيصال مشروعه إليها بسبب عائق جغرافي، أو غيره».

واختصر "السواح" الحل الأمثل لاستثمار المشاريع قائلاً: «الحل يكمن في سن القوانين والتشريعات التي ترفع الحواجز بين الشركات الخاصة التي تعتبر بيئة حاضنة للمشاريع الخلاقة، وأصحاب المشروع وفكرتهم، وتخصيص ميزانية معينة لدعم المشاريع الشبابية، وهذا ما سيعود على الجميع بالفائدة سواء باستقطاب كوادر جيدة، ونقل بعض الأفكار إلى براءات الاختراع، ومجالات التطبيق العملي».

من الحفل الختامي لمسابقة "المحتوى الرقمي العربي"

"محمد علي الحماد" من مشروع "فليكس" الفائز بالمرتبة الأولى في مسابقة "المحتوى الرقمي العربي" عبّر عن رغبته في استثمار مشروع فريقه بشكل فعلي بعد التكريم بالقول: «حاولنا جاهدين أن نقدم فكرة يمكن تطبيقها في حياتنا العملية كي يتم استثمارها فيما بعد، والعمل على تنفيذها، لأن هذا ما يهمنا كفريق عمل، ولا نستطيع أن نكمل ما بدأنا به دون دعم، أو جهة تتبنى هذا المشروع، لأن الأمر ليس سهلاً، وعندما نجد من يدعمنا سيحفزنا ذلك على الإنجاز بشكل أسرع، ويمنحنا مرونة في تطبيق بعض الأفكار الجديدة التي تحتاج ربما إلى مساعدة يمكن أن تقدمها لنا الجهة الداعمة».