ظاهرة الكذب موجودة في كافة المجتمعات وعبر مختلف العصور، وتختلف التسمية بين الكذب والكذب الأبيض، ولكن لماذا يلجأ الناس إليه ومتى؟ وهل للكذب ألوان بعضها مقبول والآخر مرفوض؟

مدونة وطن "eSyria" كان لها وقفتها بتاريخ 21 تشرين الثاني 2014، مع عدد من الأشخاص والمختصين لمعرفة آرائهم في الكذب وأنواعه.

الكذب لا مبرر له سواء كان أبيض أم أسود، ودائماً تأتي نتائجه وخيمة على كلا الطرفين، وقد يلجأ له بعضهم من خوف التصريح بشيء ما، ولكنهم لا يدرون أن النتائج ستكون أكبر وتؤزم الموضوع، فيما لو عُرفت الحقيقة

"آمال العمري" طبيبة قالت: «الكذب ظاهرة متفشية، أو بالأحرى أصبحت سلوكاً يومياً لدى الجميع، وتتفاوت درجاتها، فمنها ما قد يحمل في أحيان قليلة جداً نيات طيبة، إلا أنه يستخدم في أغلب الأحيان لتسيير مصالح شخصية، أو للهروب من حقيقة مؤذية للشخص نفسه أو لأشخاص آخرين، فمنهم من يلجأ للكذب ظناً منه أن قول الحقيقة سيسبب له مشكلات متنوعة، لكن على العكس فالحقيقة ستظهر ولو بعد حين، وربما يؤدي الكذب لمخاطر أسوأ من قول الحقيقة، لست مع الكذبة بيضاء كانت أم سوداء، لكن هناك حالات خاصة يضطر لها الإنسان، وتكون إنقاذاً لموقف».

الأديبة سوسن رضوان

"سوسن رضوان" أديبة قالت: «الكذب هو التعبير المخالف للواقع، وهو إخبار عن شيء أو أمر بخلاف ما هو عليه، ولا يوجد كذب ملون أو أبيض وأسود، والكذب بأنواعه يجر صاحبه إلى المراوغة والخداع، وقد يبرر بعض الشباب الكذب على سبيل النكتة أو المزاح لإدخال السرور إلى جلساتهم، إن ذلك لا يجوز بشريعة الأخلاق، فالكذب وإن كان مزاحاً يورث عدم الثقة بالشخص ويودي به إلى عدم احترام الآخر له في مواقف حرجة، علينا عدم التهاون بأمر الكذب منذ النشأة الأولى ليبقى الصدق ملازماً لمراحل الشباب العمرية، ولتتأسس شخصيات سوية قادرة على أن تكون محترمة».

"وضاح رجب باشا" باحث موسيقي قال: «الكذب أحد ثلاثة أمور، إما منهاج حياة، فمنهم من يكذب في كل شيء حتى في أبسط الأمور، وآخر يكذب ليتجمل أمام الناس. والثاني يكذب ليتخلص من أمر محرج أو ورطة معينة. والثالث يمزح وتكون الكذبة هنا بيضاء لأنه لا يتقصد من الكذب إلا المرح، والكذب برأيي مذموم بكل أنواعه، مع أنني قد اضطر له ببعض الأحيان للمجاملة، وخاصة مع الجنس اللطيف، والكذب ليس صفة ضعيف الشخصية أبداً، فحتى الكبار يكذبون ولا أتصور أن الصغير يتعلم من الكبير الكذب كما يقولون، فالكاذب يتخذ من كذبه منهاجاً ومورد عيش كالعرافين، ولا يرتبط الكذب بالأخلاق بتاتاً، فكثيرون من الأخلاقيين يضطرون للكذب لسبب ما، وحتى كلمة لا أعرف وأنا أعرف هي كذبة».

الشاعرة ريما عفلق.

"ريما عفلق" شاعرة قالت: «الكذب لا مبرر له سواء كان أبيض أم أسود، ودائماً تأتي نتائجه وخيمة على كلا الطرفين، وقد يلجأ له بعضهم من خوف التصريح بشيء ما، ولكنهم لا يدرون أن النتائج ستكون أكبر وتؤزم الموضوع، فيما لو عُرفت الحقيقة».

"حنان خير الدين" موظفة قالت: «الكذب في هذه الأيام هو الأخ التوأم، وهو الأخ بالرضاعة بالنسبة لنا، هو الهواء الذي أجبرنا أنفسنا على استنشاقه، رغم عظم خطئه إلا أننا تساهلنا به حتى استسغناه، الروادع المعروفة والحواجز المنيعة تهاوت هذه الأيام أمام الكذب، هو ليس وليد اللحظة بل سلسلة طويلة، لكن بدايتها هي المصيبة».

الباحثة سارا تلمساني.

الباحثة الاجتماعية "سارا تلمساني" قالت: «الكذب خصلة ذميمة، وظاهرة اجتماعية سيئة انتشرت بين الناس، وقلّ أن يسلم منها أحد، وكم من كذبة أوقعت بين الناس عداوةً وبغضاً، إذ إن الكذب يقلب الحقائق ويقبح الحسن ويحسن القبيح، إلا أن دراسات عديدة أكدت أن تزييف الحقيقة أو الكذب الأبيض من أجل مراعاة مشاعر الآخرين لا يعد إثماً، خصوصاً إذا كان لا يضر ولا يؤذي أحداً، لكن هذا الكذب الأبيض يجب ألا يكون أساساً لأية علاقة، لأن المرء قد يصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها قول الحقيقة، والشخص الكاذب يذكر شيئاً غير حقيقي بنية غش وخداع الآخرين، وهو مدرك لهذا ومتعمد لتحقيق هدف معين، قد يكون مادياً أو معنوياً، من أجل الحصول على فائدة، أو التملص من أشياء غير سارّة، وللكذب أنواع منها: "الخيالي، الادعائي، الانتقامي، الدفاعي العنادي، المرضي"، دراسات أكدت أن الشباب في العالم العربي يكذبون أسبوعياً 12 مرة بينما تكذب الفتيات 21 مرة، كما يرتفع منسوب الكذب بين الفئة العمرية 16-25، ويقل بعد ذلك، ومن الصورة العامة فإنه لا محاسن للكذب، إلا أنه ينطوي على أمرين اثنين إيجابيين، هما: الكذب على العدو بقصد تضليله، والكذب بنية حسنة بقصد الإصلاح بين شخصين متخاصمين، وبما أن الكذب سلوك مكتسب فهو لا ينشأ مع الفرد وإنما يتعلمه ويكتسبه من البيئة والمجتمع، لذا لا بد من الاعتناء بتربية الأبناء على الصدق تفادياً لمخاطر هذه الظاهرة وآثارها السيئة، والشخص الكاذب آثم لا ثقة بكلامه، ولا اعتماد عليه، ولا تقبل شهادته، ولا يؤخذ برأيه وكلامه، ويقتضى القصاص منه. عموماً فإن الكذب من علامات الشر ومن دونه تصلح الحياة على الأرض، وينشأ مجتمع صادق سوي، لأن معظم أخطائنا تعتمد على الكذب، وإذا عقدنا مقارنة بين سلبيات الكذب وإيجابياته نجد أن السلبي 98% والإيجابي 2% فقط».