تعتبر المواقع الأثرية ومقتنيات المتاحف الأثرية في سورية من أهم الثروات التي تحمل قيمة إنسانية وحضارية فريدة، ومن المعروف أنها جميعا مؤرشفة ومحمية وموجودة في أماكن آمنة.

لكن هناك بعض التعديات التي لايمكن تجاوزها في سرقة هذه الآثار، ورغم أن هناك إجراءات قانونية وصارمة بهذا الخصوص إلا أنها قد لا تكون كافية إذا لم يساندها وعي أثري من قبل المواطنين والمعنيين بأن الآثار مسؤولية المجتمع بأسره.

ويبرز أيضاً دور مهم لوزارة الدولة لشؤون البيئة التي يقع عليها عبء كبير أيضاً بالحفاظ على تراثنا البيئي الكبير والذي يعتبر أيضاً حاضنة آثارنا ولمسة جمالها، بالإضافة إلى ذلك ينبغي التنبيه إلى أمر غاية في الأهمية يقع على عاتق الجميع وهو الحفاظ على المورث الثقافي والتقاليد والأزياء الشعبية التي ورثناها أباً عن جد، والتي تعبر عن مخزون عميق من الإرث الحضاري والتمازج البشري حيث بدأ لهاثنا وراء الحضارة المستهلكة يقضي عليها شيئاً فشيئاً وهي مسؤوليتنا جميعاً

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 13/5/2013 رصدت آراء بعض المختصين، فالتقت أولاً الأستاذ "جوني سنجر" مدرب معتمد في مجال حقوق الإنسان، وتحدث عن دور المؤسسات الحكومية والانتربول في المحافظة على الآثار واستعادتها فقال: «نبدأ من اللبنة الأولى وهي الوعي بأهمية ما نملك، ثم بإظهار القيمة المادية والمعنوية لكل ممتلكاتنا وبيئتنا والتعريف بها عن قرب، وقد علمت أن الإدارة العامة للآثار والمتاحف طرحت موضوع رفد المناهج التعليمية بمادة الآثار.

الأستاذ "جوني سنجر"

النقطة الثانية في غرس ونشر التوعية هي البرامج والندوات والإعلانات، واعتقد أن دور وزارة السياحة والثقافة هنا دور كبير ومهم. وتضطلع وزارة الداخلية تحديداً بحكم الدور المناط بها بحراسة وحماية دور الدولة ومؤسساتها وتقدم كامل الدعم والمؤازرة في ضبط وقمع أي اعتداء يقع على ممتلكاتنا الثقافية، يداً بيد مع حراس ذات المنشأة أو الدائرة والمكلفين بالضبط فيها وتساهم الدوريات الجوالة ليلاً ونهاراً بمنع أي اعتداء. ولا ننسى الدور المهم والفعال الذي تتولاه الشرطة الجنائية (الانتربول) في سورية التي تعمل مع الانتربول الدولي في ملاحقة كل أثر يخرج خارج البلاد والتعميم عنه وعن مرتكبي جريمة التهريب».

وتابع: «ويبرز أيضاً دور مهم لوزارة الدولة لشؤون البيئة التي يقع عليها عبء كبير أيضاً بالحفاظ على تراثنا البيئي الكبير والذي يعتبر أيضاً حاضنة آثارنا ولمسة جمالها، بالإضافة إلى ذلك ينبغي التنبيه إلى أمر غاية في الأهمية يقع على عاتق الجميع وهو الحفاظ على المورث الثقافي والتقاليد والأزياء الشعبية التي ورثناها أباً عن جد، والتي تعبر عن مخزون عميق من الإرث الحضاري والتمازج البشري حيث بدأ لهاثنا وراء الحضارة المستهلكة يقضي عليها شيئاً فشيئاً وهي مسؤوليتنا جميعاً».

المهندسة "لونا رجب" إجازة في الهندسة المعمارية وعضو مجلس إدارة في جمعية أصدقاء دمشق، قالت فيما يخص دور المجتمع المحلي في الحفاظ على الممتلكات الثقافية: «تعبر هوية أي شعب عن ماهيته وتاريخه وإمكانياته، ويشكل التراث في سورية أحد أهم مكونات هذه الهوية وعمقها، فالتراث ملك الجميع وملك الإنسان والحفاظ عليه وحمايته هو واجب جماعي لازم للحفاظ على الوجود والكيان والهوية الثقافية والحضارية، وللتوعية حول هذا الموضوع الأثر الأعظم في الحفاظ عليه بين أفراد المجتمع المحلي سواء من المعنيين منهم بالمسؤولية المباشرة أو أولئك المتصلين معه بالهوية من أبناء الوطن، ولا بد من التأكيد على القيمة المعنوية العالية لهذا التراث والضرر الذي قد يتسبب به أي تخريب وإن كان صغيراً جداً، ناهيك عن أهمية الإسهام العالمي لهذا التراث بما يحتويه ( تراث مبنى ومواقع أثرية وتراث حي منقول وغير منقول) في حقل العلوم والسياحة الثقافية والازدهار الاقتصادي الذي يؤدي إلى تحسين الواقع الثقافي والمعيشي للمجتمع والوطن بأكمله وذلك بالتعامل مع موضوع التراث بشكل منهجي ومدروس وربط المجتمع المحلي ربطاً مباشراً بتحسين واقعه المعيشي».

الدكتورة "هبة السخل" مديرة شؤون المتاحف في المديرية العامة للآثار والمتاحف، أضافت: «إن المخزون التراثي الذي تحتضنه سورية من أهم مكونات التراث العالمي وهو أمر طبيعي متى أدركنا عراقة وتنوع الحضارات التي عاشتها المنطقة منذ أكثر من مليون عام من حضارات ما قبل التاريخ والتي تميزت بشكل خاص في سورية في العديد من المراحل مروراً بحضارات الشرق القديم والمدن الأولى إلى الفترات التاريخية والإسلامية، إن لهذه الآثار أهمية كبيرة في تاريخ العالم ولا تزال إلى اليوم مجالاً واسعاً لبحث العلماء، ومن هنا المسؤولية الكبيرة والثقيلة المعهودة إلينا من أجل إحكام الخطط وآليات العمل وتطويرها بما تتيحه الوسائل العصرية لحماية تراثنا واعتماد طرق جرد وتوثيق تقنية متطورة لكافة المجموعات الأثرية والمتحفية وذلك عن طريق التسجيل والتوثق بالوصف الدقيق العلمي والصور وحفظها بطرق مناسبة وأماكن آمنه يمكن الوصول إليها بمختلف الظروف».

المهندسة "هبة السخل"

الأستاذ "أيمن سليمان" مدير الشؤون القانونية في المديرية العامة للآثار والمتاحف، قال: «تقتضي الإحاطة بالموضوع تسليط الضوء على الإطار القانوني الوطني والدولي لحماية الممتلكات الثقافية عن طريق البحث بالقواعد القانونية الوطنية التي تضمنها قانون الآثار السوري والاتفاقات الدولية ذات الصلة بالموضوع كاتفاقية "اليونسكو" لعام1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حال نزاع مسلح وبروتوكولها الأول والثاني واتفاقية "اليونسكو" لعام 1970 بشأن الوسائل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة بشكل قانوني، فالمشرع السوري حظر الاتجار بالآثار وصنف مخالفة هذا المنع بالجناية التي يعاقب عليها القانون لمن قام بالفعل أو شرع بالقيام به وخول السلطات الأثرية اتخاذ جميع التدابير والإجراءات لاستعادة الثروات الثقافية المهربة خارج البلاد، وتوفر الاتفاقيات الدولية بما تضمنتها من قواعد قانونية ملزمة للدول التي انضمت إليها، إطاراً ومجموعة مبادئ وأحكاماً تقنية على الصعيد الدولي تساهم بحماية الممتلكات الثقافية وتشكل مبادئ مرجعية أساسية للتشريعات الوطنية.

إن عرض المبادئ والأحكام التي تضمنتها تلك الاتفاقيات لحماية الممتلكات الثقافية وتنظيم تداولها وعبورها واقتنائها عبر العالم سيساهم دون شك بإغناء الإطار القانوني لمشكلة الاتجار غير المشروع وتسليط الضوء على سبل مكافحتها والحد من مخاطرها».