المواطنة الفعالة سر يكمن وراء نهضة المجتمعات وتقدمها، ولتحقيق ذلك فإنه ينبغي علينا أن نفهم ماهيتها والقواعد التي تقوم عليها.

"eSyria" قام باستطلاع آراء الشارع السوري بتاريخ "21/10/2011"، للتعرف على مفهوم المواطنة الفعالة، حيث تقول الآنسة "جلنار اليونس" طالبة جامعية: «مفهوم المواطنة ضمن إطار العيش المشترك والوحدة الوطنية، هو أهم رد على كل أولئك الذين لا يدركون معنى هذا النسيج الذي يربط بين الإنسان وأخيه الإنسان، انطلاقاً من أن فكرة الحوار كانت دائماً سيدة الموقف في العلاقات بين الأديان والمذاهب والاثنيات.

لخلق مواطن صالح، فإنه ينبغي على المواطن أن يدرك قضية هامة وهي أن الحياة والمواطنة أشبه بالقطار الذي يسير فوق السكة، وهذه السكة لها جانبان، الحقوق، والواجبات، ودون تحقيق كلا هذين الجانبين، فإنه ليس بمقدورنا تحقيق المواطنة الفعالة

المواطنة تقوم على أن يكون هناك ولاء كبير للوطن بالمرتبة الأولى، فكل إنسان يعتبر مسؤولاً عن الوطن الذي يعيش فيه ومن واجبه حمايته وضمان أمنه واستقراره».

السيد أحمد منصور

أما السيد "هاني هاشم" طالب جامعي فيقول: «لخلق مواطن صالح، فإنه ينبغي على المواطن أن يدرك قضية هامة وهي أن الحياة والمواطنة أشبه بالقطار الذي يسير فوق السكة، وهذه السكة لها جانبان، الحقوق، والواجبات، ودون تحقيق كلا هذين الجانبين، فإنه ليس بمقدورنا تحقيق المواطنة الفعالة».

وحول المواطنة ومفهومها والمعاني التي تعبر عنها، يقول السيد "أحمد منصور" مدير إنتاج تلفزيوني: «إن مفهوم المواطنة قادم من الوطن وهو البلد الذي ولد الشخص وعاش فيه، حيث جاء في معجم "الصحاح" للجوهري أن الوطن محل الإنسان ثم اتسع معنى المواطنة ليشمل إضافة إلى النسبة للوطن الشعور بالتعلق به أكثر من غيره والانتماء إلى تراثه التاريخي وعاداته ولغته.

الآنسة جلنار اليونس

يتشكل مفهوم المواطنة في سياق حركة المجتمع وتحولاته وتاريخه، وفي صلب هذه الحركة تنسج العلاقات وتتبادل المنافع وتخلق الحاجات وتبرز الحقوق وتتجلى الواجبات والمسؤوليات.

ومن مجموع هذه العناصر المتفاعلة ضمن تلك الحركة الدائبة يتولد موروث مشترك من المبادئ والقيم والسلوك والعادات يسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميزها من غيرها وبهذا يصبح الموروث المشترك حماية وأماناً للوطن وللمواطن، فالمواطن يلوذ به عند الأزمات ولكنه أيضاً يدافع عنه في مواجهة التحديات لأن المواطن لا يستغني عن الوطن والوطن لا يستغني عن المواطن فوجود أحدهما واستمراره المعنوي رهن بوجود الآخر واستمراره».

السيد هاني هاشم

ويضيف "منصور": «إن التربية تلعب دوراً هاماً في تكويـن الإنسان/ المواطن الواعي الممارس لحقوقـه وواجباته في إطار الأسرة والمجتمع والبيئة التي ينتمي إليها كما تتمثل في العمل المبرمج من أجل أن تُنَمـّى لديه القدرات والطاقات التي تؤهله مستقبلاً لحماية خصوصياته وهويته وممارسة حقوقه وأداء واجباته بكل وعي ومسؤولية حتى يتأهل للتواصل الإيجابي مع محيطه.

حيث تخاطب التربية عقل المواطن لتمده بالمعارف اللازمة عن تاريخ بلده وحضارته وبالمعلومات الضرورية عن حقوقه وواجباته كما تخاطب وجدان المواطن لتشكل لديـه منظومـة قيـم وأخـلاق تنمي لديه الإحسـاس بالافتخـار والاعتزاز وتحفزه على العطاء والإخلاص والتضحية كما تتوجه إلى حواسه لتمده بالمهارات الكافية في كل المجالات التواصلية والتقنية والعلمية التي تجعله قادراً على الإبداع والتميّز من جهة وقادراً على التعريف بحضارة بلده والدفاع عنها من جهة ثانية.

فالتربية تتمثل أهميتها بالمواطنة الفعالة عموماً في كونها ترسخ الهوية العربية والحضارية بمختلف روافدها في وجدان المواطن، كما ترسخ حب الوطن والتمسك بمقدساتـه مع تعزيـز الرغبـة في خدمته وتتجلى هذه الأهمية أيضاً في تقوية قيم التسامح والتطوع والتعاون والتكافل الاجتماعي التي تشكل الدعامة الأساسية للنهوض بالمشروع التنموي للمجتمع السوري خصوصاً والعربي عموماً. وبفضل ما تثمره التربية على المواطنة من روح الأمل والتعبئة فإنها تعتبر حصناً متيناً ضد ثقافـة اليأس والتشاؤم والانهزامية وتفتح آفاقاً ملؤها الثقة في استشراف مستقبل أفضل.

حيث إن المواطنة لا ينبغي أن تُختزل في مجرد التوفر الشكلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر، وإنما يجب أن تُجَسَّد في الغيرة على الوطن، والاعتزاز بالانتماء إليه، وتوسيع إشعاعه العالمي ما يساعد أيضاً في الوقوف في وجه الأزمات التي تحيط بوطننا والتصدي لمحاولات القوى الكبرى في استعمار شعوبنا بالطريقة الخلاقة والحديثة.

ومن جانب آخر تعرف "هزار الجندي" الأستاذه في تاريخ الفكر السياسي والاقتصادي في قسم الإعلام بجامعة دمشق بقولها: «المواطنة هي الانتماء بصورة كاملة للجماعة التي تعيش فيها بأحلامها وطموحاتها وعاداتها وتقاليدها، وذلك للارتقاء بها نحو الحلم الذي تسعى إليه، فالمواطنة هي الانتماء للوطن، بالإضافة إلى كونها الرابط الذي يربط بين الإنسان والمجتمع بصورة إيجابية وليس سلبية».

أما فيما يتعلق بالفرق ما بين المواطنة الإيجابية والسلبية فتقول "الجندي": «إن المواطنة الإيجابية تتمثل في قيام الإنسان بواجباته كاملة وبمطالبته بحقوقه كاملة، أما المواطنة السلبية، فهي تتمثل في مطالبة الإنسان بحقوقه كاملة بغض النظر عن واجباته، فهذا لون من المواطنة الهدامة، نتيجة لاعتمادها على أنانية الفرد وليس على خدمة الجماعة ومساعدتها على تحقيق أهدافها».

وبما يتعلق بآلية تعزيز المواطنة الفعالة، تقول "الجندي": «إن تعزز المواطنة الفعالة يكون من خلال الأسرة والحي والمدرسة وعن طريق قادة الرأي الذين يتولون محاورة طلاب الجامعات على اعتبارهم الشريحة المثقفة والواعية في المجتمع، في حين أن المسؤولية الكبرى عن تعزيز مفهوم المواطنة الفعالة في نفوس المواطنين تقع على عاتق وسائل الإعلام، وذلك نتيجة لدورها في تعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم.

بالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي أن يُربط مفهوم المواطنة الفعالة بعادات وتقاليد وقيم المجتمع، فمجتمعنا لديه قيم عالية المستوى لكنها غيبت، وعندما نستعيد القيم الإنسانية والأخلاقية لهذا المجتمع وننتمي لها بصورة صحيحة فبالتأكيد ستنحسر مفاهيم المواطنة السلبية ونعزز المفهوم الإيجابي لها».

وفيما يتعلق بدور المواطنة الفعالة في فترة الأزمات، فتقول الجندي: «تلعب المواطنة الفعالة دوراً هاماً في فترة الأزمات التي تمر بها المجتمعات، ففي هذه المرحلة تشعر المواطنة الفعالة الإنسان بأهمية إيقاف المطالبة بحقوقه، والقيام بواجباته على أكمل وجه، وذلك بهدف مساعدة مجتمعه على تجاوز الأزمة التي يمر بها، وهنا يظهر أيضاً دور قادة الرأي الذين يقنعون المواطنين بضرورة عدم القيام بالأعمال التي من شأنها أن تؤذي الوطن والقيام بما من شأنه أن يجنبه مخاطر الأزمة التي يمر فيها».