قد تتنافس الشركات التجارية والفعاليات الصناعية في جذب اهتمام الزبون نحو السلع الخاصة بها، وذلك عبر إبراز الميزات وتقديم العروض، ولكن غالباً ما يكون لـ"جودة المنتج" الكلمة الأخيرة.

يقول السيد "منير السيد" من أهالي حي "الميدان": «عندما أقوم بشراء للسلع الجديدة، أجري عملية تفاضل للسلع لاختار إحداها، ولكن مع تكرار عملية شراء هذه السلعة يبرز عامل الجودة كعامل فيصل في الاختيار، والحقيقة أتمنى أن يكون المنتج السوري بنفس جودة المنتجات العالمية؛ لأنني في تلك الحالة لن اضطر لشراء المنتجات غير المصنعة محلياً».

شهادة الجودة ستمنح المصنّع السوري مصداقية وستفتح أمامه أبوابا جديدة للتصدير؛ ذلك أن عدداً من الدول لا تستقبل البضاعة دون شهادة مخبر معتمد. لذا فإن لتطوير البنية التحتية للجودة أهمية كبيرة تؤدي إلى تحسين التنافسية بما يحقق مصلحة المستهلك والمصنّع على حد سواء

عند البحث عن "مفهوم الجودة" في المنتجات الصناعية، نجد أنه تدرج من شكله البسيط المتمثل في ثقة الزبائن بالمُصنع الذي ينتج السلعة، ليصل إلى شكله الاحترافي المتمثل بمعايير وضعتها هيئات ومنظمات ذات مصداقية مستندة إلى عوامل ومرجعيات متفق عليها بين المختصين».

السيد "رفعت المرعي"

وللجودة فوائد وأهمية كبرى على الصعيد الوطني، وعن ذلك يتحدث الدكتور "عبد الرحمن عطار" رجل الأعمال بالقول: «شهادة الجودة ستمنح المصنّع السوري مصداقية وستفتح أمامه أبوابا جديدة للتصدير؛ ذلك أن عدداً من الدول لا تستقبل البضاعة دون شهادة مخبر معتمد.

لذا فإن لتطوير البنية التحتية للجودة أهمية كبيرة تؤدي إلى تحسين التنافسية بما يحقق مصلحة المستهلك والمصنّع على حد سواء».

السيد "عبد القادر بدوي"

وأضاف: «بصفتي عملت في غرفة التجارة لفترة طويلة، فتطوير البنية التحتية للجودة والتنسيق بين المؤسسات المعنية أمر هام جدا وخاصة بالنسبة للصناعة السورية، ففي العالم كله- وأوروبا على الخصوص- لا يمكن التصدير إلا في حال وجود "شهادة" من مخبر محلي معتمد ومعترف فيه دوليا، فمن الضرورة إنشاء هيئة خاصة هدفها توحيد المخابر وتعطيها أهميتها؛ بشكل تدعم فيه المصدّرين السوريين، ما يزيد قوة منتجنا ويجيز عبوره إلى العالم».

وللبحث في منعكسات برنامج تطوير البنية التحتية للجودة على المنتج السوري موقع "eSyria" بتاريخ 2/10/2011 التقى السيد "عبد القادر بدوي" مخترع من شركة بدوي التقنية الذي بدأ بقوله: «عندما نتحدّث عن رفع جودة المنتجات، فلا بد من رفع سعرها بالنتيجة، لكن السوق يطلب السلعة متوسطة السعر، وفي حال رفعت جودة وسعر المنتج الوطني؛ سيقع التجار والمستهلكون في حالة سلبية هي التوجه للمنتج الأجنبي، وذلك- برأيي- لانخفاض الثقة في الصناعة الوطنية.

الدكتورة رجوه جبيلي

لماذا لا نقدّم المنتج ذا الجودة المتوسطة؟ بحيث يرغبه السوق ويحقق بعض المعايير الهامة التي تنادي بها الشروط العالمية، وهي المعايير الأهم كشروط الأمان والسلامة..، لأن التوجه الحقيقي لدى المستهلك المحلي هو السلعة المتوسطة، ولكون معايير الجودة المكتملة هي شرط التصدير إلى الأسواق العالمية والأوروبية؛ فلا أجد مشكلة في وجود خطّي إنتاج، أحدهما "متوسط" محلي ويحقق الشروط الأساسية في الصحة والأمان، والآخر عالي الجودة يأخذ بالاعتبار المعايير العالمية بدقة ولو ارتفعت الكلفة».

  • عقبات تطبيق المعايير العالمية في الجودة؟
  • يحدّثنا السيد "رفعت المرعي" رئيس مكتب برنامج الجودة بهيئة الطاقة الذرية عن ضرورة التنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية من أجل تطبيق المعايير العالمية ويضيف: «مكونات البنية التحتية للجودة هي نفسها في كل مكان، وفي سورية تمارَس بعض النشاطات الجزئية ولكن بشكل غير مكتمل وقليل التنسيق، فكل وزارة تقوم بما يخدم وزارتها دون برنامج متكامل مع الوزارات الأخرى، ما يؤدي أحيانا لحصول تضارب في المهام.

    وأود التطرق إلى وضع المخابر الذي أراه "سيّئا" فلا توجد لدينا خبرة كافية في اعتماد المخابر، ولا في متابعة ومراقبة مستوى المخبر الذي قد يتدنى مع الزمن، والأمر الأهم هو أن "الإنسان" في مخابرنا قد لا يُختار بعناية، وأحيانا أخرى لا يعطى الثقة فيما يطلب لضمان عمل مخبره، ويجب النظر إلى أن سورية تنفق /2/ مليار ليرة سورية سنويا على المخابر ولكننا نفتقد المردود المكافئ، فإنتاجيتها ضعيفة وكذلك دقتها، رغم أننا نملك تجهيزات هائلة ولكن المشكلة أن الإنسان بحاجة للتهيئة، إن تدني الجودة وقياسها يولّد قناعة لدى المنتِج أنه سيبيع أيا كان منتجه، وبالتالي ستنخفض النوعية التي سيقدمها للمستهلك».

    * حلول:

    الدكتورة "رجوة جبيلي" معاونة وزير الصحة للشؤون الدوائية أوضحت لموقع "eSyria" أن الجودة وتطوير بنيتها التحتية بحاجة لتكاتف جميع الجهات الحكومية ولا يكون ذلك بجهود فردية فقط وتضيف: «علينا استثمار الجهود الضائعة والأموال الطائلة معها، وكذلك الوقت عبر تنسيق بسيط له هدف واحد هو جودة السلع وأيضا الخدمات الحكومية، نحن نتأمل ببرنامج "تطوير البنية التحتية للجودة" الذي انطلق مؤخرا بأن ينسق الجهود لمسايرة المعايير العالمية، وأعرب عن سعادتي وفخري بأن فريق عمل البرنامج سيكمل ما بدأه بأيدي وطنية، بعد أن انطلق بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في البداية، وبداية الحل ستكون عبر "الهيئة الوطنية للجودة" باجتماع كل الجهات وإزالة الأنانية والفردية في التعامل وأن نكون كوزارات "فريق" واحد لتحقيق ذلك».

    الجدير بالذكر أن البرنامج الوطني لدعم البنية التحتية للجودة قد انطلق بتاريخ 2/10/2011 بتمويل من وزارة الصناعة وينفذ بالتعاون مع مركز الأعمال والمؤسسات السوري، ويهدف إلى تأهيل منظومة البنية التحتية للجودة وفقاً للمتطلبات الدولية، وذلك عن طريق تطوير الإطار التشريعي والسياسة الوطنية للجودة وتطوير البنى المؤسساتية وبناء القدرات للجهات المكونة للمنظومة الوطنية للجودة كما يعمل على تأهيل قطاعات الأعمال للاستفادة من خدمات البنية التحتية للجودة وممارساتها.