الإنسانية والعقلانية في الفلسفة العربية والإسلامية كان عنوان المحاضرة التي أقامتها الجمعية الكونية السورية ضمن موسمها الثقافي للعام /2011-2012/.

موقع "eSyria" تواجد خلال المحاضرة والتقى السيد "محمود عزات" -أحد الحضور- الذي بدأ بقوله: «ليست لدي معلومات كثيرة حول الفلسفة ولكن لديّ عدة قناعات أستطيع دخول حوار بها في سبيل اثبات فكرتي، فمثلا أنا مقتنع أن الكون "حادث" وليس "قضية" كما يقول العديد من الفلاسفة، فلا بد من قوة وحيدة في الكون تتحكم به وليس لأحد عليها سلطان؛ مؤكد أن تلك القوة هي من وضعت القوانين التي نكتشفها نحن اليوم، أعارض تماما فكرة التحرر المطلق التي يسوقها ويدّعيها البعض وكأن الإنسان هو القوة المطلقة بحد ذاته ليكون "إلها" في الأرض».

يجب أن نعرف الحقيقة المطلقة، وهذا لايكون إلا عن طريق التجرّد والإبحار بعيدا عن جميع المعتقدات والعادات، لنضعها كلها وتكون قابلة للتفكير، وعندما نصل إليها بالتدرّج وبالطريقة المنطقية بعيدا عن الجدل يمكن اعتناقها، أعتقد أن الفلسفة رياضة العقل التي لا يمكن الإستغناء عنها، ولكن من المهم أن لا نصل إلى حالة "مرَضية" من الشك فالإعتدال مطلوب في كل المجالات

الدكتور المحاضر "فندي أبو فخر" أوضح أن أول شرط أو لإعمال الفكر هو التدرب على الشك والتحرر من سحر الكلام، وكذلك الشك في الأفكار المألوفة والمفاهيم الشائعة، وأضاف: «الشرط الثاني هو التحرر من الأطر الناجزة والأفكار والتصورات السائدة المحصنة بقوة الرأي العام، فقد اتسم تاريخ التطور العلمي والمعرفي في ظل الحضارة العربية والإسلامية بالموسوعية والنزعية العقلية، لأن العقل هو الأداة الصالحة للمعرفة، وقد تمكّن العلماء العرب في الفلسفة والطب والفلك من تجاوز المعتقدات الغيبية، وانطلقوا نحو البحث عن الأسس الأولية للعالم المادي والروحي.

الدكتور "فندي أبو فخر"

اهتم الفلاسفة بالجنوح نحو الرمزية ومنهم ابن طفيل الذي ندرس الطابع العقلي والإنساني في فلسفته، فقد رأى أن السماء ومافيها من الكواكب أجسام ممتدة في الطول والعرض والعمق الذين أطلق عليهم الأقطار الثلاثة إلى مالا نهاية، ثم تراجع ليعتبر الكون كتلة مقوسة سماها ابن طفيل كرة في فضاء متسع يتمدد فيه، ويتسائل: هل السماء ممتدة إلى مالانهاية أو هي متناهية محدودة بحدود تقطع عندها ولا يمكن أن يكون وراءها شيئ من الإمتداد».

ويتحدّث المحاضر عن التناسق الكوني على لسان "ابن طفيل" فيقول: «إن الكواكب والأفلاك كلها منتظمة الحركات جارية على نسق، وإن مواد الكون مختلطة ومركبة من أشياء متضادة لذلك تؤول إلى الفساد والعدم، ثم تعمق في نظرته للكون متسائلا هل كان موجودا فيما سلف ولم يسبقه العدم، أم خرج الى الوجود بعد العدم، ويقول اذا كان الكون حادثا فلابد له من محدث، و-في الحقيقة- لقد أثار المعتزلة قبل ابن طفيل مسائل العدم والكون وبحثوا في مسألة الخلق والعدم والحداثة والكون، وأعتقد أن رؤية ابن طفيل الكونية جديرة بإعادة قرائتها بشكل عصري يساهم في تأصيل هذا العالم».

مداخلات

السيد: "أيمن سمير" يرى أن التفكير الفلسفي قيمة إنسانية لابد منها للوصول إلى الحقائق، ويضيف:«يجب أن نعرف الحقيقة المطلقة، وهذا لايكون إلا عن طريق التجرّد والإبحار بعيدا عن جميع المعتقدات والعادات، لنضعها كلها وتكون قابلة للتفكير، وعندما نصل إليها بالتدرّج وبالطريقة المنطقية بعيدا عن الجدل يمكن اعتناقها، أعتقد أن الفلسفة رياضة العقل التي لا يمكن الإستغناء عنها، ولكن من المهم أن لا نصل إلى حالة "مرَضية" من الشك فالإعتدال مطلوب في كل المجالات».

يذكر أن المحاضرة التي أقيمت في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة من تنظيم الجمعية الكونية السورية وهي جمعية غير نفعية غير حكومية، تعمل على نشر العلم والمعرفة، وتحفيز الفكر لدى الشباب خاصة من أجل الإبداع والارتقاء.