فور إعلان نتائج الثانوية العامة، تنهال على الطلاب التهاني وفي نفس اللحظة يطرح السؤال الأهم "ماذا تريد أن تدرس؟".

إنها مهمة الطالب أولاً!

تعتقد السيدة "نجلاء سياف"- مدرسة لغة عربية متقاعدة- أن اختيار الاختصاص الجامعي يجب أن يعتمد على عوامل أساسية؛ وتقول: «على الطالب أن يبدأ بالتفكير والبحث عن ميوله منذ بداية العام الذي سيقدّم فيه امتحان الشهادة الثانوية، وذلك بأن يقرأ عن الاختصاصات الجامعية ويلتقي طلاباً ودارسين في المجالات التي تنال إعجابه المبدئي، ومن ثم ستتوضّح عنده بعض الأهداف العامة التي سيعمل عليها ويقارب نتيجته النهائية بطموحه الذي وضعه لنفسه، ليدخل في النهاية إلى الاختصاص الأقرب إلى ما خطّط له والذي يلائم قدراته وطاقاته الأقرب فالأقرب، لأن وضع الأهداف المستقبلية هي الخطوة الأولى نحو النجاح والتفوق».

لم اجبر ابنتي على اختيار أي اختصاص بل أشرت عليها بذلك الاختيار، لأنها تتفوق دائما في المواد المتعلقة بذلك، وهي تثق بما أقوله لها وعلى هذا الأساس قامت بتسجيل رغباتها.. وهي الآن من المتفوقين في الأدب العربي

الطالب "سليم العائدي" حصل على /214/ درجة في امتحان الشهادة الثانوية- الفرع العلمي- في هذا العام، ويبحث الآن عن الخيارات المتاحة له للدراسة، يقول: «في الحقيقة وقعت في حيرة من أمري؛ إما أن أدرس في كلية الاقتصاد وإما في كلية الحقوق، أو أدخل في مفاضلة التعليم الموازي عسى أن أحصل أحد أفرع الهندسة التي كانت هي حلمي في الدراسة، لا أدري ما أفعل؛ فوالديّ لا يمانعان في أي هذه الخيارات، ولكن أصدقائي كلٌ يشير علي برأي، وأنا أخشى من اختيار أندم عليه لاحقا.. أتمنى لو اطلعت على الخيارات المتاحة في فترة سابقة لأستطيع أخذ القرار الأفضل..

في الحقيقة حاولت أن أستشير أحد المختصين في كلية الاقتصاد، ولقد كنت موفقاً في ذلك خاصة أنه سألني عن المواد التي تفوقت بها أثناء سنوات دراستي السابقة، والمواد التي كنت أحبها، واعتقد أنني سأدخل كلية الاقتصاد واختص بالأسواق المالية والبورصات».

ثمار تعاون الأهل مع المؤسسة التعليمية:

اختبارات تحديد الميول

ترى السيدة "كريمة سخلي" أنها عبر التواصل الدائم مع الكوادر التدريسية التي تعلّم ابنتها في كل عام؛ قد استطاعت أن تعرف نقاط قوة ابنتها ونقاط ضعفها، وهي على اعتقاد أن الأدب العربي أو الإعلام هو الأنسب لابنتها "باسمة" وتقول: «لم اجبر ابنتي على اختيار أي اختصاص بل أشرت عليها بذلك الاختيار، لأنها تتفوق دائما في المواد المتعلقة بذلك، وهي تثق بما أقوله لها وعلى هذا الأساس قامت بتسجيل رغباتها.. وهي الآن من المتفوقين في الأدب العربي».

"تحديد الميول".. يساعد على اكتشاف القدرات

اختبارات تحديد الميول

هذا العام ظهرت عدة جهات- في دمشق- تعنى بالعمل الشبابي بمحاولة لمعالجة هذا الأمر، عبر إتاحة المجال للطلاب للتقدم واختبار ميولهم واهتماماتهم، ومقابلة مختصين واستشارتهم قبيل التقدم إلى المفاضلة الجامعية، وذلك بشكل مجاني، الجهات كانت مشروع "شباب" التابع للأمانة السورية للتنمية، ومؤسسة "أسوة" لرعاية الموهوبين، ومركز التوجيه المدني بجامعة دمشق، وذلك بمراكز ضمن حرم الجامعة وأخرى تواجدت خلال المعرض الطلابي لمشاريع كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية.

موقع "eSyria" زار جناح مؤسسة "اسوة" في معرض الهمك الخامس في جامعة "هندسة الميكانيك والكهرباء" في "جامعة دمشق" بتاريخ 11/9/2011، والذي كان يقدم خدمة اختبار "تحديد الميول" مجاناً للطلاب بهدف مساعدتهم على معرفة ميولهم الدراسية، والتقى الطالب "محي الدين حمودة" الذي بدأ بقوله: «تمنيت لو أني تعرفت على هذه الخدمة في وقت مبكّر أكثر، فإنها بالتأكيد تعتمد على التحليل النفسي ومعايير دقيقة جدا، لقد كانت نتيجة اختباري أنه يناسبني إما "رياضيات، فيزياء، كيمياء، هندسة" لأني احب المواد العلمية، وعندما سألت المشرفة قالت لي إن الأسئلة كانت لتحديد ميولي نحو الأدب أو الفن أو الأرقام!.. لقد وثقت باختياراتي فقد عزمت على وضع الهندسة في أولى أولوياتي».

الآنسة "صفاء ديوب" مدرّبة ومسؤولة "اختبار الميول" في مشروع شباب أوضحت أن: «الاختبار الذي نقوم به مستمد أساسا من اختبار بريطاني متخصص بالتوظيف والتوجيه المهني، وهو مصدّق من الجامعة البريطانية للعلوم النفسية، حيث ينتشر استخدامه في ستة بلدان وبخمس لغات إحداها العربية، فقامت مؤسسة "صلتك" المهتمة بالتوجيه المهني بتولي هذا الاختبار في الشرق الأوسط، وبالتالي استفاد منه مشروع شباب في إطار التعاون مع المؤسسة، فأخذ "شباب" على عاتقه ترجمة الاختبار وأقلمته مع البيئة السورية، حيث يقيس الاختبار أربع جوانب أساسية هي: "الشخصية، قياس الميول المهنية، الطلاقة العربية، الطلاقة الأبجدية"، الاختبار الذي نقدّمه للطلاب هذا العام يقيس الجوانب الشخصية، ومن ثم نقدّم للطالب استشارة حول أنسب الاختصاصات له بناء على التقرير الصادر المعتمد على إجاباتهم».

السيدة "فرقد محلي" مديرة برنامج "عيادات العمل" أوضحت أن عيادات العمل تستقبل الشباب دائما لإجراء اختبار الميول حتى في غير أوقات التسجيل للمفاضلة وقد خصص يوم الثلاثاء من كل اسبوع لإجراء هذا الاختبار وتحليل الميول عبر المرشدين في مشروع شباب، وأضافت: «لقد تدرّب كادرنا على استخدام الاختبار عبر التعاون مع مركز الإرشاد الوظيفي التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقمنا بتحديد الميول في حرم الجامعة بالتعاون مع المركز ودليل التعليم والعمل في سورية وذلك بإشراف وزارة التعليم العالي».

الاختبار الذي تجريه مؤسسة أسوة تحدّثت عنه الآنسة "سارية الدرغلي"-مشرفة المركز المتواجد في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية- فقالت: «الاختبار الذي نقوم به يعتمد على برنامج من إنتاج مؤسسة أسوة بعد سنوات من العمل والتطوير، حيث يدلي الطالب بعدد من الإجابات عن شخصيته وميوله، وتتم معالجة هذه البيانات وفق معايير علمية وتكون النتيجة بأنسب الاختصاصات له، فمن المستحيل أن يدخل طالب "غير عاطفي" إلى كلية الفنون الجميلة، وتقدّم المؤسسة تتمة هذا الاختبار بتقرير يتضمن معلومات شخصية فيها نقاط الضعف والقوة لكن هذه الخدمة لم نوفرها للطلاب عبر هذه المراكز، بل هي في مقر الشركة فقط».

السيد "عبد السلام زيدان" مدير مركز التوجيه المهني في جامعة دمشق أوضح أن «الهدف الأساسي من الاختبار مساعدة الطالب وتوجيهه نحو الاختصاص الذي يناسب رغباته الحقيقية وقدراته بعيداً عن التأثيرات الأخرى؛ من خلال برنامج إلكتروني على شبكة الإنترنت يتضمن مجموعة من الأسئلة المعتمدة على أسس علمية تسبر اهتمامات الطالب العلمية ورغباته الدراسية وهو متاح للطلاب لاستقطاب أكبر عدد من الراغبين في المشاركة به».

يشار إلى أن اختبار الميول هو أحد وظائف الإرشاد التربوي الهادف إلى اكتشاف القدرات والإمكانيات الدراسية، ومساعدة الطالب على التكيف مع بيئته الدراسية والاجتماعية والعلمية.