يشكل العمل قيمة مضافة بالنسبة إلى فئة من الناس في شهر رمضان، فيما يعتبره آخرون مرهقاً ولا سيما في فصل الصيف.

حيث يؤكد معظم الذين التقيناهم أن اختلاف الآراء حول العمل في شهر رمضان لم يرتبط بنوعية هذا العمل، إنما على العكس من ذلك، فالكثير ممن يعملون في مهن تعتبر قاسية وجدوا أن الصيام لا يؤثر على عملهم، فيما وجد آخرون أن الصيام يؤثر عليهم، رغم تواجدهم في مهن مكتبية تعد مريحة بالنسبة إلى أعمال أخرى.

لدي عشرة أولاد وهم بحاجة إلى من يعيلهم ويطعمهم، ومهما كانت قسوة وصعوبة العمل فأنا مضطر لأعمل كل يوم بيومه حتى أؤمن حاجة أسرتي

وخلال رصدنا لهذه الظاهرة حاورنا الشاب "محمد حيدر" وهو يعمل في تصليح الأدوات الكهربائية في مدينة "يبرود"، يقول عن عمله في هذا الشهر: «أعمل في محل لتصليح الأدوات الكهربائية، ولم يغير شهر رمضان من طبيعة العمل الذي استهله صباحاً منذ الساعة التاسعة ويستمر حتى الثامنة ليلاً، مع فترة استراحة تمتد لساعتين منتصف اليوم».

محمد حيدر.JPG

عمل "محمد" شهد نشاطاً في هذا الشهر وهو ما دفعه حسب قوله: «منذ بداية شهر رمضان أعمل بعد المغرب على اعتبار أن الضغط على الأدوات الكهربائية يزداد في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يؤدي إلى تعطل العديد منها، وذلك ما دفعني لزيادة فترة العمل لتلبية طلبات الناس وإصلاح أدواتهم المنزلية».

وهل يؤثر الصيام على جودة العمل؟ يقول "محمد": «لا يمكن أن ننكر أن الصيام يؤثر على العمل لكن ليس من ناحية الجودة إنما في زيادة الإرهاق، فالعمل في هذا الشهر الحار متعب دون شك، لكنه ممتع في نفس الوقت لأنك لا تشعر بالوقت، على عكس من يمضي يومه في المنزل بانتظار أذان المغرب».

مهن متعددة.jpg

وبالانتقال إلى مهنة أكثر قسوة تتمثل في أعمال البناء ونقل مواده، نجد أن "أبو علي بو صالح" يقوم بهذا العمل لحاجته إليه بالدرجة الأولى، وهو ما يوضحه لنا بقوله: «لدي عشرة أولاد وهم بحاجة إلى من يعيلهم ويطعمهم، ومهما كانت قسوة وصعوبة العمل فأنا مضطر لأعمل كل يوم بيومه حتى أؤمن حاجة أسرتي».

وعن عمله في شهر رمضان: «أعمل في شهر رمضان كما في بقية الأشهر، ورغم صعوبة العمل في وقت الصيام إلا أنه يمنحني شعوراً بالرضا، وبالنسبة لي فإن الصعوبة الوحيدة في العمل تتمثل في العطش لأن الغبار يتسبب في جفاف الفم وحاجة الإنسان إلى المياه، لكن مع مرور الأيام نعتاد على ذلك ولا يعود مؤثراً بدرجة كبيرة».

ابو علي بو صالح.JPG

ومن ناحية ثانية فإن شهر رمضان يمثل فرصة للراحة بالنسبة إلى مهن أخرى وهو ما يقول عنه المحامي "علي يزبك": «أعتقد أن العمل في شهر رمضان أكثر صعوبة من بقية الأشهر، ولاسيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة وهو ما يؤثر بشكل كبير على الصائمين، وبالنسبة إلى عملي فإنني أستغل هذه الفترة للراحة وبشكل خاص مع وجود عطلة قضائية تستمر حتى منتصف الشهر».

وبالنسبة إلى الشاب "منير خلوف" الذي يعمل في تركيب السيراميك فإن العمل في هذه النوعية من المهن يشكل صعوبة إضافية في شهر رمضان: «يزداد عملنا صعوبة في شهر رمضان لسبب رئيسي يتمثل في الإرهاق الكبير الناتج عن طبيعة العمل، إضافة إلى تأثير الغبار من قص السيراميك والرخام، وهو ما يزيد حالة العطش، إلا أننا نتعامل مع هذه الحالة بتقسيم العمل إلى فترة صباحية مبكرة، وأخرى بعد الإفطار».