يحتاج الحوار اليوم إلى لغة ومعايير، ومعرفة، وقبول، فهل استطعنا أن نتجاوز الزمان والمكان، لنبدأ بألف باء الحوار، الذي أصبح ضرورة ملحة في وقتنا اليوم، ونتجاوز الاختلاف على طاولة واحدة دون شروط مسبقة...؟

الأستاذ "محمد حديفة" عضو اتحاد الكتاب العرب بين لموقع eSyria قائلاً: «تتطلب عملية الحوار حتى تكون مكتملة وفاعلة، ثلاثة عناصر، الأول منها وجود طرف راغب بالحوار ومستعدٍ له، والثاني وجود طرف آخر يملك نية الحوار ويسعى إليه، والثالث مادة الحوار بمعنى أن يكون هناك موضوع آني مهم وملح وقابل للنقاش والتداول كي يتم تناوله بالنقاش والتمحيص من قبل الطرفين المتحاورين، نحن الآن في سورية اشد ما نكون بحاجة إلى أن نتحاور، لأن الظرف الذي يمر به الوطن يتطلب حملةً اسعافية من كل الشرفاء والمخلصين والحريصين على مستقبل الأجيال، ولا أبالغ إذا قلت: إن الوطن يحترق وليس هنالك أجدر من أبنائه في إطفاء حرائقه، حتى يعود الوطن السليم المعافى الذي كان مضرب المثل في الأمن والطمأنينة، ما يلفت الآن ونحن نعيش قلقاً دائماً ومستمراً على مصير الوطن ومستقبله، أنه وحينما نملك نية الحوار ونملك الرغبة في العثور على شريك تحاوره تجد أن مساعيك تبوء بالفشل، وإنه لمن أصعب الأمور وأقساها على النفس أن تجد الأحكام المسبقة جاهزة لدى الآخرين، ومسألة الحوار بالنسبة لهم مرفوضة جملةً وتفصيلاً، فالآخر الذي يلهث لكي تجلس معه لتبدءا حواراً يخص الوطن، يملك قناعات راسخة بانه هو على صواب والآخرون على خطأ».

وهنا تبرز مسألة هامة إن لم أقل خطيرة وهي أنه في موقفه هذا لا يعترف بالآخر ويعتقد أن مجرد الاستماع إليه تنازل عن غاياته وأهدافه حتى لو كان ثمن هذه الأهداف والغايات هو سلامة الوطن والسير به نحو المجهول، وهنا ننتقل إلى مسالة هامة أخرى وهي أن محيطنا العربي مرتبط في معظمه، ولهذا فإني اقول لشعبنا بكافة أطيافه وشرائحه وانتماءاته أقول: "حينما يكون الوطن بخطر، والنار تهب من كل اتجاه لتحرق كل شيء منه، علينا أن نضع اليد باليد، ونربط الضلع بالضلع لنشكل سداً منيعاً في وجه ما يتهددنا من أخطار وعندها نصبح قادرين على توجيه البوصلة حيث نشاء وقيادة السفينة إلى بر الأمان

وعن موقف الآخر من الحوار تابع الشاعر والأديب "محمد حديفة" بالقول: «وهنا تبرز مسألة هامة إن لم أقل خطيرة وهي أنه في موقفه هذا لا يعترف بالآخر ويعتقد أن مجرد الاستماع إليه تنازل عن غاياته وأهدافه حتى لو كان ثمن هذه الأهداف والغايات هو سلامة الوطن والسير به نحو المجهول، وهنا ننتقل إلى مسالة هامة أخرى وهي أن محيطنا العربي مرتبط في معظمه، ولهذا فإني اقول لشعبنا بكافة أطيافه وشرائحه وانتماءاته أقول: "حينما يكون الوطن بخطر، والنار تهب من كل اتجاه لتحرق كل شيء منه، علينا أن نضع اليد باليد، ونربط الضلع بالضلع لنشكل سداً منيعاً في وجه ما يتهددنا من أخطار وعندها نصبح قادرين على توجيه البوصلة حيث نشاء وقيادة السفينة إلى بر الأمان».

الأستاذ محمد حديفة

وعن أبجدية الحوار بيّن الأديب "باسم عبدو" بالقول: «بعيداً عن التنظير والاستعانة بالمنظرين والباحثين، فالاقتراب من الواقع وما يجري على الأرض هو المطلوب الآن، وفي هذه الظروف المعقدة التي يمرُّ فيها الوطن. وإذا كان الطفل المولود حديثاً، بعد أن يخرج إلى الحياة يعلن عن وجوده بالصرخة الأولى، فحري بنا الآن وليس غداً، وبعد ثلاثة أشهر من الدماء وعمليات القتل والتخريب وتدمير المؤسسات التي يقوم بها المسلحون، أن نصرخ ملء حناجرنا. ونقول لكل شرفاء الوطن، تعالوا للتحاور فالزمن يسبقنا وقتل الجنود والأبرياء يزداد كل يوم، وكل يوم تفتح المقابر أبوابها للشهداء، وتزداد شهوة القتل لاحتياطي المجتمع من الشباب والقوات المسلحة، وكل يوم يزداد حجم التآمر وتتعدد قرارات التهديد، ورغم ذلك هناك من يقف إلى جانبنا ويرفض التدخل في شؤوننا الداخلية، بعد أن تكشفت الخيوط التآمرية، ونوعها ومصادرها، إن الحوار له أبجدية كما أن هناك أبجدية لأي لغة في العالم، من أجل التفاهم للتعايش وقبول الآخر كما هو أي قبول الاختلاف معه والاعتراف به واحترامه، مما يستوجب عدم المس بثوابته وكيانه دون هيمنة عليه، الأمر الذي يتطلب تصحيح المفاهيم والاتفاق على المدلول الحقيقي للمصطلحات المتداولة في الحوار، وهذا ما أعلنته لجنة الحوار قبل أيام، بضرورة عقد المؤتمر التشاوري للحوار الوطني، بحضور مئة مشارك للاتفاق على معالم سورية المستقبلية بإقامة "نظام تعددي سياسي وديمقراطي، وحماية حقوق الإنسان، وسقف الحوار هو تعزيز السلم الاجتماعي، وتوسيع قواعد المشاركة السياسية"، وأنَّ هذا اللقاء مفتوح لمن يرغب بالحوار شريطة ألا تكون له أجندة خارجية.. وعلى عاتق هذا المؤتمر "تحديد آليات الحوار وأسسه تمهيداً للمؤتمر الوطني الشامل"».

وحول حاجة الحوار للثقافة تابع "عبدو" بالقول: «إن الحوار يحتاج إلى ثقافة الحوار التي لم نمتلكها بعد، وهذا لا يعيبنا أبداً، ويحتاج إلى ثقافة الديمقراطية التي لم نبن أسسها. فالتضييق عليها حرمنا من الكثير من الأوكسجين، لكننا بدأنا برسم خريطتها، وهذا لن يعيبنا أيضاً، وإن تأخرنا فالحياة لن تتوقف! وبدأنا نعي أن الحوار يتطلب التكافؤ بين الأطراف المتحاورة، وليس التكافؤ بين "قوي وضعيف، أو بين متقدم ومتخلف"، ويتطلب أيضاً الاعتراف بوجود الآخر مع كل ما يستوجبه من تقدير واحترام، وما يقتضيه ذلك من الاستعداد للتعرف إليه والرغبة في التعاون وتبادل الأخذ والعطاء معه، للوصول إلى الهدف المشترك، وإعادة بناء سورية المعاصرة، الديمقراطية الموحدة، وما دام الحل السياسي للأزمة هو العنوان الأول المُجْمَع عليه، فكل من يجلس على طاولة الحوار له الحقوق نفسها. وإذا لم يتوافر هذا الشرط، والشروط الأخرى التي يتم الاتفاق عليها، فإن ذلك لا يسمَّى حواراً، بل ضرباً من المماحكات والمغالطات والدفع باتجاه إلغاء الحوار، ومحاولات هيمنة طرف على طرف آخر. وبالتالي تسميم أجواء الحوار والعمل على إفشاله، وهو دلالة على أن "العصبية القبلية" ما تزال حاضرة بقوة في مجتمعنا، وتحتاج إلى عملية جراحية كبيرة.. ويمكن أن تنجح العملية، إذا وجد الجرَّاح الماهر المسلّح بتكنولوجيا العصر وثقافة القرن الحادي والعشرين..! وعلينا جميعاً دون استثناء أحد، أن نتعلَّم أبجدية الحوار فالزمن يسبقنا. وتسلَّط علينا الأضواء من القارات الخمس، والجهات الأربع!».

الأديب باسم عبدو