"لكل شيء في هذه الحياة معارض"... عبارة قديمة ألفها وعرفها الإنسان منذ مئات السنين، وهي إن دلت على شيء فإنها تعبر عن الاختلاف القائم بين أفكار الناس وآرائهم حول موضوع واحد؛ كبر هذا الموضوع أو صغر في حجمه أو أهميته، فكيف إذا كان هذا الموضوع هو الوطن؟ عندها ينبغي علينا ألا نتعجب من اختلاف الآراء، وإنما يجب علينا أن نتبادلها، وأن نتحاور فيما بيننا لنتمكن في نهاية الطريق من اتباع الأصح والأقدر على تطوير وبناء هذا الوطن.

"eSyria" وإيماناً منه بأهمية الحوار الوطني ودوره في بناء الوطن وتطويره، قام باستطلاع آراء الشارع السوري باشخاص المعارضة الداخليه والخارجية، حيث التقى السيد "أحمد منصور"، والذي قال: «ما يوجد في سورية لم يرتق إلى مستوى معارضة، فمن يدعون أنهم معارضون يمثلون أفكار وآراء أشخاص محددين وليس الشعب السوري ككل، كما أن هذه المعارضة تحتوي على رأي واحد ولا تقوم على تعدد الآراء واختلافها، الأمر الذي يصعِّب عملية الاقتناع بها نتيجة لعدم قدرتها على استماع للرأي الآخر والاقتناع به في حال صحته.

إن من يوصف باسم المعارضة السورية في الخارج هم أشخاص سلبيون يسعون للتدمير والتخريب وليس للبناء، فأي صوت يصدر من الخارج لتوجيه الداخل وهو لا يعلم حقيقة ما يجري في الداخل هو صوت مدمر وليس بناء، ولذلك فأنا ضدها بالمطلق

فالمعارضة الداخلية في سورية هي عبارة عن حراك لا يوجد له معالم واضحة بالنسبة للشعب الذي يشعر بأن المعارضة لا تمثله ولا تعبر عن مطالبه، حيث إن توافر القاعدة الشعبية للمعارضة أمر ضروري حتى يتم الاعتراف بها».

السيد أحمد منصور

أما فيما يتعلق بالمعارضة الخارجية، فيقول "منصور": «لا يوجد شيء يسمى معارضة داخلية وأخرى خارجية؛ فالمعارضة واحدة مقرها الداخل فقط، فهؤلاء الذين يدعون أنهم معارضون من الخارج هم عبارة عن أشخاص مسيَّسين من جهات معادية لسورية وشعبها ويسعون لجر الشارع نحو أهداف محددة تعود عليهم بالنفع وعلى الشعب بالخراب».

وتؤكد ذلك أيضاً الآنسة "سيلفانا مخلوف"- طالبة في كلية إعلام- بقولها: «لا أعتقد بوجود معارضة في سورية معارضة- بمعناها الحقيقي- فمن يسمون أنفسهم المعارضة هم قلة متفرقة لا يجمعها أي تنسيق أو أهداف ولا يوجد عمل مشترك يجمع بينها، الأمر الذي خلق المنافسة حتى فيما بينها ما أضعف موقفها وأبعدها عن تحقيق أي مكسب إصلاحي أو شعبي».

السيد محمود سلوم

وفيما يتعلق بالمعارضة الخارجية، تقول "مخلوف": «إن من يوصف باسم المعارضة السورية في الخارج هم أشخاص سلبيون يسعون للتدمير والتخريب وليس للبناء، فأي صوت يصدر من الخارج لتوجيه الداخل وهو لا يعلم حقيقة ما يجري في الداخل هو صوت مدمر وليس بناء، ولذلك فأنا ضدها بالمطلق».

وللتعرف أكثر على واقع المعارضة الداخلية والخارجية، التقى "eSyria" الدكتورة "أمل يازجي" رئيسة قسم القانون الدولي في كلية الحقوق والتي تحدثت عن المعارضة الداخلية والخارجية بقولها: «لا يوجد إلى اليوم معارضة داخلية في سورية، فما يوجد هو عبارة عن اشخاص معارضين، والسبب في ذلك هو صعوبة الوصل ما بين أي من أسماء المعارضة والشريحة الشعبية والفكرية الموجودة داخل سورية.

الأنسة سيلفانا مخلوف

فمصطلح المعارضة يأتي مترافقا مع مصطلح المعارضة السياسية والتالي تعبر عن تيار سياسي مؤدلج أو غير مؤدلج.

ولذلك فإن المعارضة الداخلية في سورية هي عبارة عن حركة مطلبية تهدف إلى تحقيق بعض المطالب السياسية التي تتعلق بمجموعة من الحقوق السياسية لا أكثر ولا أقل».

وحول المعارضة الخارجية تقول "يازجي": «لا أؤمن بالمعارضة الخارجية، فالمعارضة الصحيحة من وجهة نظري هي التي تقوم على العمل الملتحم مع الشرائح الشعبية المختلفة، فما نراه اليوم هو عبارة عن تنظير وخطابات عديدة يتفوه بها بعض الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم اسم المعارضة من الخارج، وهذا الأمر لا يعبر عن المعارضة التي ينبغي أن تكون داخل سورية، لأن ذلك سيساعدها بالتعبير عن الشعب بصورة أفضل.

لذلك فإن أولئك الذين يعيشون في الخارج بإمكانهم أن يكونوا منظرين وبالتالي لا يمكن القول عنهم معارضين، فالمعارض ينبغي أن يكون في الداخل وأن يلامس شرائح المجتمع المختلفة ليتمكن من التحدث باسمها بصورة إيجابية».

وحول الكيفية التي ينبغي أن تنشئ على أساسها المعارضة، يقول السيد "عصام حبال" رحال سوري: «إن المعارضة الحقيقية هي التي تقوم على مبدأ "أنا أعارض تصرفاتك وأبحث معك عن حلول"، وبالتالي فالمعارضة ينبغي أن تعتمد على قوة الكلمة في عملها وليس على قوة السلاح، نحن نختلف لنرتقي لا نختلف لنتقاتل، فالصحيح في أي مجتمع هو تنوع الآراء واختلافها ومن ثم اتباع الرأي الذي يسهم في بناء الوطن ورفعته».

ويؤكد ذلك أيضاً السيد "محمود سلوم" بقوله: «إن المعارضة الصحيحة، ينبغي أن تقوم على أساس الحوار الوطني القائم بينها وبين نظام الحكم القائم في أي دولة، كما أن المعارضة يفترض فيها العمل وفقاً لمشروع إصلاحي لتتمكن من القيام بمهامها المتمثلة في كشف مواضع الفساد والخطأ مع تقديم حلول لكيفية إصلاح هذه الأخطاء، وذلك من خلال تقديمها لأجندات الإصلاح الذي يدعون إليه».