كثر الكلام عن الإصلاح بوصفه حاجة ضرورية لتطوير ظاهرة آنية، وبات لغة وحديثاً لفئات المجتمع كافة، وذلك بنظرة ورؤية ذاتية تهدف إلى التحصين الداخلي ووضع المرء أمام مسؤولية ذاتية مع نفسه اتجاه الوطن.

حول رؤية الإصلاح من منظور الذات بوضع آليات عمل له بين الدكتور "مجدي الفارس" مدرس علم النفـس الإعلامـي في كلية التربية بجامعة دمشق لموقع eSyria قائلاً: «تعودنا في مسيرتنا العلمية أن الحلول الناجحة لمشكلة ما تبدأ بتوصيفها وجمع المعلومات المتعلقة بها والإحاطة بكل الدراسات السابقة التي قدمت حلولاً لمشاكل مشابهة حتى نستأنس بها لوضع آليات العمل لحل المشكلة وتعميمها، وربما يكون من الأفضل لطريق الإصلاح الذي يرتبط بمشكلة ما، أن يبدأ من القاعدة العريضة التي ستستفيد من هذا الإصلاح، فالإصلاح لا ينبثق من لجان متخصصة وغير متخصصة تقوم بصياغة قوانين وأنظمة وقـد تعرض على الرأي العام وقد لا تعرض، وإذا عرضت، يكون على الرأي العام أن يبحث هو عن هذه الصياغات ليعطي رأيه، وهنا غالباً ما يسيطر رأي النخبة، وقد يكون من الأجدى أن تكون مهمة هذه اللجان في آخر طريق الإصلاح بعد أن تتم عملية استفتاء الرأي العام حول أبعاد المشكلة من جهة والحلول المرغوب بها من جهة ثانية، وآليات التنفيذ المقترحة من جهة ثالثة، فهدف الإصلاح يجب أن يتوجه إلى الرأي العام ويبدأ من الرأي العام وينتهي بقبول الرأي العام مروراً بمراحل معينة على لجان متخصصة لقولبته وتنظيمه وتحسينه وصياغته دون المساس بالمحتوى المتفق عليه من الرأي العام إلا فيما يتكيف مع متطلبات معينة يجب أن تعلن أيضاً للرأي العام حتى يبرر لها».

عين الإصلاح هي عين شمولية، فمن غير المرغوب فيه أن يكون الإصلاح ذا بعد واحد فقط، سياسياً أو اقتصاديا أو اجتماعياً، فالإصلاح لا يحب الخصخصة ولا يفضل جانبا على آخر، والإصلاح يرفع شعاراً دائماً هو: "دعوني أدخل لكل المجالات وفي كل الأوقات وعند مختلف المستويات"

ثم تابع "د. مجدي الفارس" بطرح الإصلاح التربوي بقوله: «هناك عائق كبير في طريق الإصلاح وهو ركن من ركنين تقوم الحياة عليهما، إنه العـقاب الذي يتراجع ولا نراه، وزاد الطين بلة منعه في العملية التربوية ولا أقصد هنا الضرب والإيذاء على الرغم من أنهما حلاً في نهاية أمر ما، فجيل لا يعي معنى العقاب قـــد تضطرب سلوكياته ويتمرد مع الثواب والثواب والثواب، ونستطيع تعميم ذلك على كل شرائح المجتمع فالعقاب هو إصلاح بحد ذاته، فقانون المحاسبة والمساءلة هو الذي يبقي الإصلاح سائراً بلا خوف عليه من بعض الأفراد اللذين يعرفون أنهم لن يجربوا العقاب مهما وقفوا في طريق الإصلاح، ومسيرة الإصلاح تحتاج لتحديث مثلها بذلك مثل برامج الحاسوب التي تتوقف عن العمل إن لم نحدثها بآخر التحديثات وذلك يدفعنا للقول: إن سيطرة شريحة معينة الكبار سناً- مع الاحترام- على صناعة القرار، وتنفيذ الآليات في المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية...الخ - دون إعطاء فرص للشباب الذي يمتلك وبتفوق آليات التطوير- يبقي عجلة الإصلاح بطيئة هذا إن لم تتوقف كلياً... فالمجتمع لم يعد يحتاج للتنظير وإنما يستبشر خيرا بالتطبيق العملي ومحاكاة الواقع من حولنا تكنولوجياً وتربوياً وإعلامياً.. الخ، وأعتقد أن الدماء الجديدة ترضي الإصلاح وتجعله فرحا وطربا بتنوع زمرها».

ويتابع "د.الفارس" برؤيته العلمية نحو الإصلاح قائلاً: «ثمة من يقول إن الإصلاح يبدأ من القمة، ويجابهه آخر يقول إن الإصلاح يبدأ من القاعدة، متناسين أن هذا الإصلاح لا يعرف فرقاً بين قمة وقاعدة ويقول للجميع: "اللقاء عندي ولتنطلق مسيرة كل منكم حسب موقعه"، مع الأخذ بعين الاعتبار على أن آليات الإصلاح يجب أن تبدأ بقدوة ناجحة دائماً، فالحراك الاجتماعي نحو أي عملية يجب أن يكون تحت سقف معين وتحت راية معينة وتحت قيادة معينة وتحت شعار "الإصــلاح"، والأهم من ذلك كله أن الإصلاح يحتاج إلى من يحميه وهذه الحماية تكون قبل الإصلاح وأثناء الإصلاح وبعد الإصلاح، وليس هذا الكلام بغريب فيما لو كان المقصود منه إدارة الإصلاح أو بكلام أسهل فريق لإدارة الأزمات، يكون عمله استقراء المشاكل المتوقعة والإشارة إلى أماكن الخلل ومتابعة الحلول، وعمل البرامج الإصلاحية الوقائية مع انتهاء المشكلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن إدارة الإصلاح المنشودة هي مجموعة إدارات فرعية، كل إدارة لها هامش كبير من الحرية في اتخاذ القرار وتنفيذه وتعديله مع مسؤولية كاملة عن الأخطاء خاصة المقصودة منها، مع التقليل من القرارات المركزية وانتظار التعليمات من جهات أعلى والعودة في كل شيء لهذه الجهات».

وختم د. الفارس" بالقول: «عين الإصلاح هي عين شمولية، فمن غير المرغوب فيه أن يكون الإصلاح ذا بعد واحد فقط، سياسياً أو اقتصاديا أو اجتماعياً، فالإصلاح لا يحب الخصخصة ولا يفضل جانبا على آخر، والإصلاح يرفع شعاراً دائماً هو: "دعوني أدخل لكل المجالات وفي كل الأوقات وعند مختلف المستويات"».

وبين رؤية العلم ومطالب المجتمع نقف على عتبات الشباب لنجد أن لهم رؤية والتي بينها الشاب "منعم حديد" قائلاً: «ما يشاع هنا وهناك حول الإصلاح وآلية تنفيذه يدخل في العموم بالاقتصاد والحوار الوطني الشامل، ولكن الأهم هو حصانة الداخل من خلال تحديث القوانين والتشريعات، وإشراك جيل الشباب في صناعة القرار، وذلك بتوفير فرص العمل لهم وإتاحة المجال لتشاركية ثقافية واجتماعية، وتقويم العمل بعد وضع الخطط الإستراتيجية القريبة والبعيدة، ونكون موضوعيين في طرح مشاكلنا على بساط الحل لا بالانتقاد والتخوين، والتشلل، والمواربة والخوف من كشف الخلل، والذي اعتبر كشفه مهمة وطنية حقيقية، ولندع الآخرين يتحدثون بما يشاؤون عنا، الأهم سورنا وحصانتنا الداخلية والإصلاح الذي يجب أن يدخل جميع مناحي حياتنا اليومية».