دخل المصطلح الائتلاف والاختلاف معظم مناحي الحياة من فقه اللغة وصولاً إلى البحث العلمي باختصاصات مختلفة، إذ يتردد سؤال في أذهان المجتمع هل الاختلاف في الرأي يولد الائتلاف بنتيجة تحمل مضمونها المصلحة الوطنية؟...

بين اختلاف الرأي وائتلاف النتيجة نحصل على رؤية تدخل في باب إصلاحي للمجتمع بنظرة بحثية علمية، فقد أوضح الباحث الدكتور "مهند منى" في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية رؤيته بعيداً عن المعنى اللغوي للكلمة لموقع eSyria قائلاً:

دون الدخول في فقه اللغة ومعنى الكلمتين لغويا وذلك لعدم الاختصاص من جهة، ولكون أي كلمة باعتقادي تأخذ معاني جديدة بشكل شبه يومي أحيانا، لذلك سأكتب عنهما بشكل موجز بحسب فهمي لهما وليعذرني القارئ، الائتلاف أفهمه بشكل إنساني بالألفة، والتي تعني رابط أو شعور ما بين شخصين أو أكثر أو حتى مجموعة نتيجة معرفة شخصية أو اعتبارية "معرفة الأفكار كمعرفة الشاعر من خلال شعره"، الشرط الأساسي للألفة هو المعرفة حتى ولو كانت نفعية "نألف الناس الذين نرتبط بمصالح معهم"، لكن الائتلاف ما بين الناس لا يعني نهائيا أنهم متشابهين أو متفقين على جميع القضايا والتفاصيل

«دون الدخول في فقه اللغة ومعنى الكلمتين لغويا وذلك لعدم الاختصاص من جهة، ولكون أي كلمة باعتقادي تأخذ معاني جديدة بشكل شبه يومي أحيانا، لذلك سأكتب عنهما بشكل موجز بحسب فهمي لهما وليعذرني القارئ، الائتلاف أفهمه بشكل إنساني بالألفة، والتي تعني رابط أو شعور ما بين شخصين أو أكثر أو حتى مجموعة نتيجة معرفة شخصية أو اعتبارية "معرفة الأفكار كمعرفة الشاعر من خلال شعره"، الشرط الأساسي للألفة هو المعرفة حتى ولو كانت نفعية "نألف الناس الذين نرتبط بمصالح معهم"، لكن الائتلاف ما بين الناس لا يعني نهائيا أنهم متشابهين أو متفقين على جميع القضايا والتفاصيل».

الباحث الدكتور مهند منى

وتابع الدكتور "منى" بالقول: «وهذا ينقلنا لمعنى الائتلاف بشقه السياسي والذي يعني اتفاق المجموعات أو الأحزاب أو الأفراد على العمل معا لتحقيق جملة من الأهداف المتفق عليها مع الإقرار بوجود جملة من الأمور المختلف عليها، أي العمل على القواسم المشتركة مع عدم إنكار غير المشترك، ولكن حتى هذا الائتلاف يتطلب المعرفة بالمتفق والمختلف عليه والوصول إلى صيغة تمنع تضادهما ولا تلغيهما. إذاً الائتلاف هو ما بين المختلفين ولا يمكن أن يكون ما بين المتشابهين سواء أكانوا بشرا أم عقائد دينية أو سياسية أو أدبية أو غيرها، ما ذكر سابقا يقودنا إلى الاختلاف والذي هو السمة العامة لكل مظاهر الحياة، من اللون إلى العرق إلى الدين إلى الرأي، منها ما هو ثابت لا يمكن تغييره كجنس ولون الإنسان ومنها لا يجب تغييره إلا بشكل حر كالدين والرأي».

وحول سؤال هل الاختلاف يقود إلى الخلاف؟ أجاب الدكتور الباحث "منى" بالقول:

سمير بلان

«بالطبع الاختلاف يحمل في طياته بذور الخلاف، لكنني أزعم أن الخلاف بحد ذاته لا يمكن أن يكون مشكلة، إذا وجد الإطار المتفق عليه ليعبر الخلاف به عن نفسه، وهو هنا يبقى الخلاف ضمن الإطار العام للاختلاف. إذا الشرط الأساسي لضبط الخلاف هو حماية الاختلاف بعقد جماعي أو اجتماعي شبيه بالائتلاف الذي يجمع الناس ولا ينمطهم أو يجعلهم متشابهين، إذا ابتعدنا قليلا عن التنظير ونظرنا إلى الحوادث المؤسفة التي مرت وتمر على وطننا الحبيب والتي وحدتنا جميعا على الأقل بالمعاناة والحزن والألم والخوف، أعتقد جازما أننا بحاجة إلى توسيع ائتلافنا ليشمل كل اختلافاتنا وليتم ضبط خلافاتنا ضمن إطار هذا الائتلاف ولكيلا يجد الخلاف المنفلت من عقاله مكانا له بيننا حتى بوجود المؤامرة».

ربما كان لأفراد المجتمع باختلاف تجانسهم وأطيافهم رأياً يصب في نهايته بمطالب إصلاحية والتي أوضحها السيد "سمير بلان" أحد العاملين في المهن الحرة بقوله:

قفطان الشوفي

«حين يذكر الإئتلاف والاختلاف نشعر بأن فئتين مختلفتين بنزاع معيّن، ولكن نقطة الالتقاء بينهما الحوار، وهو ما ننشده اليوم بين كافة أطراف المجتمع، ذلك لأن مجتمعنا القائم على تبادل الرأي والحوار يتخذ من المصلحة الوطنية الهدف الأسمى له، ولعلنا اليوم تتفق الفئات السياسية والاجتماعية على أن الاختلاف يولد الائتلاف عندما يتعلق الأمر بالوطن ومصالحه، فقد يظن بعض أن الكلمة تحمل المعنى التأويلي لها ونحن لا علاقة لنا بذلك نتركه لأصحاب الاختصاص في تفسيرها، بل العلاقة في إيجاد لغة تشاركية تجمع أفراد وأبناء الوطن تحت سقفه ودون التلاعب بثوابته المقدسة، لأنها جزءاً من تاريخنا وانتمائنا، ولها نعدو الأطراف المتحاورة أن يجعلوا الوطن ومصالحه فوق كل اعتبار وليكن الائتلاف واقعاً حقيقياً ليس شعاراً».

نقف على أعتاب الزمن ونتأمل الماضي التليد، فنجد جيلاً عاصر مراحل زمنية من حركة التطور في سورية، فهو يطرح خبرته الاجتماعية حينما يقول الشاعر الشعبي "قفطان الشوفي" نظرته نحو ما يجري بالقول: «إن نظرنا إلى الماضي بعقود خلت نجد أننا أمام حركة تطور، وهناك مثل شعبي يقول: "من يعمل يخطئ" فقد تنامت عجلة التطور، وهذا ما دفع الأخطاء تتزايد دون مراقبة أو محاسبة حتى توصلنا إلى ما نحن عليه، ولهذا أصبحنا بحاجة إلى إصلاح، وذلك بتحاور أطراف وفئات المجتمع كافة، على قاعدة الوطن ومصلحته، ونحن الشعراء الشعبيون لنا رؤية في ذلك أن يتم إعطاء حرية الكلمة بأوسع مداها بتعديل الخطاب الإعلامي والشعري والأسلوب والمنهجية الإعلامية، وتعديل القوانين التي باتت تشكل ثقلاً على تطور الحياة والمجتمع، وعلى الجهات المعنية المواجهة الحقيقية في موقف الهجوم وليس الدفاع فقط، فأبناء الوطن أثبتوا أنهم مقاومون بالثقافة والعمل والفعل والإرادة».