دخل الإرشاد النفسي إلى المدارس السورية منذ العام /2000/، بعد عملية تقييم أفادت بضرورة الاهتمام بالمشكلات النفسية والاجتماعية التي قد يعاني منها الطلاب ومعالجتها.

موقع "eSyria" التقى عددا من الطلاب والاختصاصيين، لبحث أهمية الإرشاد النفسي "المدرسي"، ورسوخه كثقافة اجتماعية خاصة بتنشئة الطلاب؛ فالطالب "صالح خضير"- من الصف الحادي عشر- يرى أن الإرشاد النفسي موجّه بشكل رئيسي إلى المريضين نفسيا وأصحاب المشاكل العصبية مضيفا: «لا أعتقد أن شخصا سويا سيحتاج من يساعده في اختيار تصرفاته، أو حل مشاكله.. وكيف أسمح لمن لا أعرفه بأن يطلع على أسرار حياتي الشخصية وخبايا نفسي؟ أنا أحل مشاكلي التي تواجهني- على اختلافها- بطريقتي الخاصة، وليس "للمرشد النفسي" أن يوجه إلي حلولا تتوافق مع شخصيته أكثر منها معي».

لا أعتقد أن شخصا سويا سيحتاج من يساعده في اختيار تصرفاته، أو حل مشاكله.. وكيف أسمح لمن لا أعرفه بأن يطلع على أسرار حياتي الشخصية وخبايا نفسي؟ أنا أحل مشاكلي التي تواجهني- على اختلافها- بطريقتي الخاصة، وليس "للمرشد النفسي" أن يوجه إلي حلولا تتوافق مع شخصيته أكثر منها معي

لكن الطالبة "لبانة الخطيبي"- من الصف السابع- فتجد أن المرشدة النفسية هي أخت كبيرة، تقدم حلولا مبدعة وجيدة، وهي متنفس جيد للبوح، مضيفة: «المرشدة النفسية في مدرستنا استطاعت كسب ثقتي، وقد اعتدت عليها، هي تعاملني كصديقة لها، وتنصحني دائما عند وقوعي في بعض المشكلات، وقد تواسطت أكثر من مرة بيني وبين أهلي كي يتصرفوا معي بهدوء، وأحيانا مع بعض أساتذتي، وأعتقد أنها تنسق مع والدتي من أجل وضع مخطط جيد لدراستي، وفي الحقيقة، أنتظر مليا الاجتماع بالمرشدة النفسية كي احدثها بما يدور في حياتي، ولا أبالغ بالقول إن المرشدة ساعدتني لأتلافى الوقوع في الكثير من الإشكالات».

الطالب صالح خضير

المرشدة "لورا السعد" عرفت "الإرشاد النفسي" بالقول: «هو علاقة بين الاختصاصي النفسي والطالب، حيث يقوم الاختصاصي النفسي بمساعدة الطالب على معالجة بعض الصعوبات أو المشكلات النفسية لديه، وأبعادها الشخصية والاجتماعية والأسرية والدراسية التي تواجهه، فالإرشاد ثقافة يجب تعزيزها لتشجيع الطلاب على الاستفادة من الأساتذة المرشدين الموجودين في مدارسهم».

الآنسة "لورا السعد" وهي تمارس دورها كمرشدة نفسية منذ 8 سنوات تحدثت عن تجربتها في الإرشاد المدرسي بالقول: «يجب على المرشد أن يكون متعاونا إلى أبعد الحدود، ولكنه لن يستطيع أداء مهمته في حال كان الطالب رافضا لذلك، فلا بد من التأكيد على الصورة الجيدة التي يجب أن نصطنعها- كمجتمع- لمن يطلب مشورة المرشد النفسي، فعديد من الطلاب يتصورون أن سؤال المرشد "عيبا" أو أنه أمر "غير مقبول" بأحسن الأحوال، وعندما يفتح الطالب أو الطالبة الباب أمام المرشد، فعلى الأخير أن يستغل الفرصة لإيصال رسالته في تقويم التصرفات السلوكية للطالب، ومعالجة مشاكله التي يقف على رأسها تدني التحصيل العلمي، والمشاكل الأخرى الاجتماعية والاخلاقية وغيرها..

المرشدة النفسية "لورا" مع أحد طلابها

ويكون ذلك ببناء ثقة متبادلة بين الطرفين، وعلى المرشد أن يثبت أنه محل ثقة عندما يبادر الطالب إلى طلب مشورته، فهو الوحيد الذي يساعد نفسه عندما يقرر ذلك ويبحث عن الحل، وأريد تشبيه المرشد النفسي في المدرسة بأسمى مظاهره بأنه مرشد "إنساني"، يتدخل أحيانا لحل مشاكل الطالب مع الأهل، بحسب نسبة السماح له بدخولها، كما يحل مشاكل الطلاب مع أساتذتهم في كثير من الأحيان».

الدكتورة "مرسلينا شعبان حسن" اختصاصية في الصحة النفسية تشير إلى أن الإرشاد النفسي المدرسي ضرورة لاشك فيها تفرضها الحياة العصرية والمناهج المتطورة المعدلة، فهناك كم معلومات كبير جدا بالمقارنة مع ما كان سابقا، وبالتالي كي يتكيف الطالب مع الواقع الجديد فهو بحاجة الى وسيط بينه وبين المنهاج». مضيفة: «يجب على المرشد أن يقوم بعملية "توفيقية" بين المدرسين والمناهج والأهل، وذلك بتوجيه ملاحظات للمدرسين والطلاب، وأن يستثمر الوقت بمعرفة توجهات الطلاب وميولهم الدراسي، كما يرجى منه رصد الظواهر الغريبة الناشئة كالصوت العالي أو الكلام البذيئ، أو ظواهر التأخر، استخدام الموبايلات، الهروب من المدرسة، اهتمام الشباب الزائد بشعرهم ومظهرهم الخارجي.. وظواهر كثيرة وجدت لها طريقا عند كم كبير من الطلاب؛ فهي تستحق الانتباه لها والبحث عن خلفياتها وأسبابها وعواملها لمعالجتها، فالمرشد هو صلة الوصل بين المدرسة والبيت، ويقوم غالبا بوضع خطط دراسية للطلاب المقصرين، ويقيم قدراتهم، ويعطي خططا سريعة خلال السنة ليتغلب الطالب على نقاط الضعف عنده».

الدكتورة "مرسلينا شعبان حسن"

وتختم الدكتورة "شعبان حسن" حديثها عن ثقافة المجتمع حول الإرشاد النفسي بالقول: «أعتقد أن دور الإرشاد في مجتمعنا ما يزال ضعيفا، فهو كتوصيف مهني مازال جديدا، ولم يأخذ دوره بشكل صحيح بعد، وذلك لأسباب عديدة منها موضوعي وبعضها اجتماعي..، وتتوقف ثقة المجتمع بالإرشاد المدرسي على الصورة الإيجابية التي يصنعها المرشد عند الأهل، وما صلاحياته، وهل هو جاهز ومدرب ليقوم بدوره في هذه المهنة الراقية؟ فهي تحتاج إلى تجدد وثقافة عالية وتكوين مرن، في الحقيقة ثقافة المجتمع لهذا الموضوع ضئيلة لأن الأهل لم يلمسوا بعد نتائج حقيقية للإرشاد الذي يعتبر في البدايات، ويجب علينا رفع أداء المرشدين كي يحققوا تأثيرا قويا في محيطهم الاجتماعي».

يشار إلى أن المرشدين النفسيين هم مجازون جامعيون من قسم الإرشاد النفسي في كلية التربية أو خريجو علم النفس، وقد توجهت وزارة التربية لتعيين مرشد نفسي "على الأقل" في كل مدرسة منذ عام /2000/، وذلك بعد عملية تقييم أكدت ضرورة الالتفات إلى المشكلات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الطلاب ومعالجتها كي يتمكنوا من متابعة تحصيلهم الدراسي بشكل آمن وصحي.