النحاتون والفنانون المولعون بجمال الحرف العربي كمجسم وكتلة في الفراغ باستخدام حجر البازلت الطبيعي بألوانه المختلفة يقوم عليه أهمهم في سورية، ويدعمه مجموعة من الباحثين، المتخصصين والمصممين بحيث يتم التنسيق بين الجميع للخروج بمنحوتات تمثل الحروف وبعض الكلمات المعبرة والجمل المأثورة بأفضل شكل وأهم بنية تشكيلية منسجمة، وتكون الأفضلية في الإنجاز للرؤية الجيدة والتصميم الناضج المستوفي شروطه الموضوعية.

فريق "eSyria" للوقوف على أهمية موضوع "الحرف العربي في النحت" التقى عدد من المعنيين بذلك.

جميع الفنانين من نحاتين في العالم مدعوون ليتذوقوا هذا الجمال الموجود في الحرف العربي، وسبق أن هذا الجمال الذي انطلق نحو التجريب قد تحدث عنه "ابن عربي" في كتابه "الفتوحات المكية" فصنع فصلاً كاملاً عن الحروف ومجرداتها، قيمها، طاقاتها ورمزيتها، لذلك هذا المجسم يحمل طاقة روحية تبثها في المكان ولابد من قيمة جمالية تمتع هذا الإنسان ونعوّد جيلنا الذي سيأتي من بعدنا على الحرف المقدس الذي اختاره الله سبحانه وتعالى فأنزل فيه كتابه الكريم وأصبح لغة

الفنان التشكيلي والنحات "أحمد المفتي" يقول: «لا شك أن هناك علاقة حميمة جداً بين الخط العربي وبين النحت، والنحت عبارة عن خط، يعني حينما نتصور الخط الذي ينطلق من القمر من شكل الدائرة التي تتضمن 28 حرفاً من خلال الأبجدية العربية نلاحظ أن هذه الكتلة تنطلق من الخط والدائرة ومن المثلث الموجود داخلها، فهذا التكوين الجميل جداً الذي استمده العرب من هذا القمر أشهروه فأصبح الشهر شهراً من خلال القمر واعتمدوا على القمر في كتابتهم وفي أبجديتهم، واختراعها لأن الحروف العربية هي حروف مستنبطة من دائرة شكل القمر والخط المستقيم، لذلك النحت كله يقوم على خط ودائرة ولا بد لهذا التكوين من أن يأخذ حيّزاً وكتلة في الفراغ فيكون التصميم، وهذه العلاقة الروحية في أشكال جمالية راقية ذات حس وذوق رفيع من الممكن تجسيدها من خلال الحرف العربي».

من ندوة النحت على الحرف العربي

وأضاف: «جميع الفنانين من نحاتين في العالم مدعوون ليتذوقوا هذا الجمال الموجود في الحرف العربي، وسبق أن هذا الجمال الذي انطلق نحو التجريب قد تحدث عنه "ابن عربي" في كتابه "الفتوحات المكية" فصنع فصلاً كاملاً عن الحروف ومجرداتها، قيمها، طاقاتها ورمزيتها، لذلك هذا المجسم يحمل طاقة روحية تبثها في المكان ولابد من قيمة جمالية تمتع هذا الإنسان ونعوّد جيلنا الذي سيأتي من بعدنا على الحرف المقدس الذي اختاره الله سبحانه وتعالى فأنزل فيه كتابه الكريم وأصبح لغة».

يتابع: «كل شيء يصنع باليد له روح وكل شيء تصنعه الآلة ليس فيه روح، عندما نتحدث هل هناك تأثيرات من خلال التقنيات الحديثة على الحرف العربي، فلا شك بأن هناك تأثيرات بحيث انحسر دور هذا الفنان قليلاً ولكن كخطاط ، لكننا ندعوا إلى هذا الفن الراقي، مثلاً الفنان الذي كان يرسم "البورتره"عندما اخترعت الكاميرا غاب دوره عن "البورتره" وإلى الآن يبقى هذا الفن له قيمة جمالية عليا لأن فيه روح، الرسم فيه حس الإنسان ومهما كانت هناك تقنيات حديثة يبقى العمل اليدوي فيه روح وتبقى الآلة ليس فيه روح».

النحت على الحرف العربي

الدكتور "محمد حبش" يقول: «نحن نعتقد أن حماية الخط العربي وجماليته هي مسؤولية وطنية ودينية دعونا نتذكر أن في هذا القرن فقدنا أكثر من ست أمم كانت تكتب بالخط العربي منها "تركيا، أوزبكستان، أذربيجان، وطجكستان وغيرها كلها كانت تكتب بالحرف العربي وللأسف اندثر في هذه البلاد واعتمدت حروف لاتينية وكانت هذه خسارة حقيقية للتضامن بين الشعوب التي تعود بثقافتها وحضارتها للحرف العربي، لذلك إحياء الحرف العربي والاهتمام بجماليته وتقديمه بصورة حضارية للثقافة العالمية هو مسؤولية وطنية لتاريخ البلاد العربية ومستقبله، وبالتالي مستقبل التعاون الدولي بين شعوب الأرض، لذلك نحن نعتقد مثل هذه الندوات ضرورة حقيقية ونشجع عليها».

الفنان النحات "سعد شوقي" يقول: «أهمية الخط العربي وتوظيفه في النحت موضوع هام لأن الحرف العربي يملك طاقة هندسية وصوتية ووجودية وكل هذه الطاقات يمكنها أن تدل على مساراته الشعرية والفنية الشاملة في الكلام، فالطاقة الهندسية للحرف نابعة من التوازن البنائي المحكوم بضوابط وثوابت حيث البداية بدأت مع اللوحة مع أناس فنانين أمثال "محمود حماد" وهناك من الفنانين التشكيليين الذين تتطرقوا للحرف وأدخلوه على اللوحة وآخرهم الفنان "محمد غنوم"، وبالنسبة للحرف ونحته لا نستطيع أن نقول إن له تاريخ أطول من التصوير وحالياً يوجد شبه توجه لهذا الموضوع والنحت بشكل عام بدأ في أوائل الخمسينيات وهي مرحلة جديدة، ولعل ورشة النحت التي أقيمت في الفترة الأخيرة للنحت الحرف العربي على حجر البازلت هي مرحلة جديدة لمجموعة من النحاتين ليحاولوا أن يثبتوا وجودهم على مستوى المحافظات، حيث بدأت الأعمال النحتية تظهر في الساحات وتوجه بعض النحاتين إلى حجر البازلت كونه متوفر وخصوصاً في المنطقة الجنوبية بين "درعا والسويداء" وسوف يكون هناك ملتقى في مدينة "شهبا" حول الموضوع وهذه خطة جديدة وجيدة للخط العربي وهناك أكثر من 15 نوعا للخط العربي».

الحرف العربي منحوتاً على حجر البازلت

السيد "عدي الشامي" مدير الشركة "سيرينا" المنظمة لورشة النحت في الحرف العربي، يقول: «أكد أهم الفنانين المشاركين في الملتقيات العالمية أن الملتقى التقليدي الذي أقيم من أجل النحت في الحرف العربي هو وسيلة لتبادل الخبرات بين المشاركين وليس لإنجاز المنحوتات، وما تنتجه هذه الملتقيات إنما هي منحوتات غير مكتملة وغير ناضجة على مستويي التصميم والتنفيذ، ومن هنا جاءت فكرة الورشة الثورية التي نقوم بها حيث يتم دراسة وإنضاج التصميم والتنفيذ بهدوء وبإحاطة كافية، ويقوم العديد من النحاتين باقتباس لمنحوتات وتصاميم من الغرب دون معرفة ما تعنيه وما تشكله من رموز لاتنسجم مع ثقافتنا، بالإضافة إلى أن أغلب المدارس النحتية قد تم صياغتها في الغرب ومن الطبيعي بل ومن الواضح تأثر نحاتينا بهذه المدارس سيما وأنهم لم يدرسوا غيرها».

وأضاف: «نحن لا نعارض تعاقب الثقافات على منطقتنا فإنه يمكننا أن نلاحظ بسهولة أن الغرب ليس بريئاً في محاولته إسباغ البعد الروماني أو الهيليني أو غيره على تاريخ منطقتنا وعند إنجاز عدد كاف يتم إقامة بروتوكول الملتقى بحيث تكون اللمسات الأخيرة هي خطوات هذا البروتوكول وعندها يتم الاستكمال الميداني لطاقم النحاتين العالميين وبمعدل مرة واحدة سنوياً، وجماليات الحرف العربي في التشكيل النحتي هو مفهوم قديم غير مطروق بشكل أكاديمي وهناك الكثير من التجارب الفردية الغير منضبطة».