«المثال الأعلى الذي يبين كيف ينتقل الإنسان إلى قراءة اللغة الفصحى؛ هو عند القراء الذين يقرؤون القرآن في الحِدر، وهو نوع من القراءات وكأنها عامية، القرآن! وهذا الحِدر يقارب التكية، والله تعالى يقول رتّلوا القرآن، ولكن هذا في وقت الخشوع والدعاء، لكن الإنسان الذي يحب أن يقرأ القرآن بسرعة له الحق في هذا! فكانوا يقرؤونه كأنه عاميتنا، من يدرّس هذا الحِدر أو كيف مفهومه؟ وأنا أشرت في محاضرتي إلى أن اللغة العربية الفصيحة المستخفّة يمكن أن تكون لغة البيت من دون لحن، وهي المنطلق لكسر الفوارق بين اللغة الفصيحة والعامية وتقريب الفصحى إلى الأذهان، كيف؟ نرجع إلى القراءة الحدرية للقرآن، هذا النموذج».

الحديث للدكتور "عبد الرحمن الحاج صالح" رئيس مجمع اللغة العربية في الجزائر، في حوار موقع eSyria معه على هامش الجلسة الختامية لمؤتمر "الكتابة العلمية باللغة العربية" وهو المؤتمر السنوي التاسع لمجمع اللغة العربية في "دمشق"، الذي عقد في مكتبة الأسد الوطنية بين 22-25 ذي الحجة 1431هـ الموافق من 28 تشرين الثاني إلى الأول من كانون الأول 2010.

تخصيص هذا المؤتمر لعنوان واحد يتعلق بشؤون اللغة أمر جيد جداً، وهذا المؤتمر خصص للكتابة العلمية باللغة العربية، واستطاع إلى حد كبير أن يلم بمشكلات الكتابة العلمية باللغة العربية وما يتعرض له الباحث في الجامعات ومراكز البحوث وغيرها من مشاكل إيصال بحوثهم أو أفكارهم أو اجتهاداتهم على شكل مكتوب إلى جمهور القراء

ويتابع الدكتور "الحاج صالح": «كان هناك لغة فصيحة قريبة جداً من الفصحى هي لغة الأعراب في حضرموت، عندما يقولون "تخرجون اليوم؟" هذه فصحى، "أنت تخرجين" هذه فصحى وأزيد عليها أنها عفوية، ليست "تخرجونَ" بالفتح، كان الأصمعي يمر على الحركة الإعرابية وكأنها ليست موجودة، والعرب لم تكن تعطي للحركة الإعرابية أهمية مثلما يعطيها المعلم، وهذا طبيعي المعلم يريد أن يعلم فيعطي القيمة الصوتية للحركة، وكأنها تبدو مصطنعة».

د. محمود السيد

** برأيك دكتور "عبد الرحمن" هل استطاع هذا المؤتمر وضع النقاط على الحروف بما يتعلق بالكتابة العلمية باللغة العربية؟

** التوصيات التي ساهمت في تحريرها منذ أكثر من عشرين سنة لم أر واحدة منها قد نُفّذت، إلا واحدة في مصر تخص نشر العربية وفرضها على كل جهة في مصر، وهذا خرج بقانون "مرسوم".

د .ممدوح خسارة

  • ما دور المجامع العربية في التنظير لدور اللغة الفصحى؟
  • ** أن تخرج من قوقعتها وأن تخاطب العلماء الذين ليسوا من اللغويين، تخاطبهم وتستشيرهم في اختصاصاتهم لوضع المصطلحات، لا توضع المصطلحات في جهات ضيقة وتكون خالية من البلبلة.

    د. موفق دعبول

  • في الترجمة نحن نحتاج الآن إلى خطوات حتى نلحق بركب العلوم المتقدم علينا، ماذا أعددتم لذلك؟
  • ** أنا اقترحت في مشروع "الذخيرة العربية" أن تكون كل جامعة عربية تحتوي على مركز للترجمة العلمية يشترك فيها كل الأساتذة الذين يتقنون لغة أجنبية، ويكون هذا العمل مأجوراً ويكون سبباً للترقية بتشجيع المترجمين، إذا تم هذا انحلت قضية الترجمة.

    المؤتمر طرح أفكاراً زيادة عما خططنا له

    وفي لقائنا مع الدكتور "عبد الإله نبهان" عضو مجمع اللغة العربية في دمشق، سألناه: إلى أي مدى استطاع هذا المؤتمر تحقيق الأهداف الموضوعة له برأيك؟

    ** حقيقة إمكانيات هذا المؤتمر أن يقدم تصورات ومقترحات حول موضوع الكتابة العلمية باللغة العربية، وأعتقد أنه في هذا الإطار قد حقق أهدافه تماماً، طبعاً ليس أهدافاً تنفيذية وإنما الأهداف الموضوعة له: أن يقدم مقترحات وإضاءات وإرشادات وتوصيات، وهذه قام بتحقيقها تماماً.

  • ماذا تتوقع أن يتبع هذا المؤتمر على صعيد التطبيق؟
  • ** التطبيق هام ويتم بصدور قرارات تنفيذية تدعم هذه التوصيات، أما المجمع فليست لديه أداة تنفيذية أو سلطة تنفيذية تدعم ذلك.

  • بتصورك هل هناك فكرة لم تطرح في هذا المؤتمر تتعلق بالكتابة العلمية باللغة العربية؟
  • ** في الحقيقة طرحت أفكار كثيرة، بل كانت زيادة عما نريده أو عما خططنا له، طرحت أفكار ليس بيدنا أن نقوم بتنفيذها، ولكن كل ما خُطط له قبل المؤتمر استطاع المؤتمر تغطيته بالبحث والتوصيات.

    الترجمة تبدأ من المناهج

    والتقينا الدكتور "محمود السيد" نائب رئيس مجمع اللغة العربية ليحدثنا عن المؤتمر ومجرياته، فقال:«المؤتمر حول الكتابة العلمية باللغة العربية، وهو منقسم إلى عدة محاور منها: البعد الحضاري للكتابة العلمية باللغة العربية، خصائص الكتابة العلمية باللغة العربية، الكتابة العلمية باللغة العربية قديماً وحديثاً، من وسائل تنمية الكتابة العلمية باللغة العربية، من مشكلات الكتابة العلمية باللغة العربية، والواقع البحوث التي قدمت في المحور الأخير سلطت الضوء على الكثير من المشكلات التي تواجهها الكتابة العلمية باللغة العربية، إن من حيث المصطلحات وإن من حيث عملية التعريب؛ تعريب هذه المصطلحات، وإن من حيث التوحيد وإن من حيث التنسيق، وإن من حيث التخطيط وإن من وضع الأولويات، إلى آخر ما هنالك من أمور متعلقة بهذا الموضوع».

  • ما دور الترجمة؟ خاصة أننا لم نلحق بالكب العلمي المتقدم في الغرب بعد.
  • ** المؤتمر ركز في توصياته على ضرورة الترجمة وعلى تفعيل ما يترجم إلى اللغة العربية في ميادين الترجمات المختلفة وخاصة في المجالات العلمية.

    أما الدكتور "علي القاسمي" عضو مجمع اللغة العربية في العراق، فقال: «مؤتمر ناجح بكل المقاييس وناقش موضوعاً هاماً جداً وهو موضوع الكتابة العلمية باللغة العربية، لأننا ما زلنا ندرس أبناءنا باللغات الأجنبية أي بلغة المستعمر القديم الإنكليزية أو الفرنسية، وهذا لا يؤدي إلى التنمية البشرية ولا إلى خلق مجتمع المعرفة.

    * ما رأيك بدور الترجمة؟

    ** الترجمة ضرورية ومهمة ولكن لا تقوم لها قائمة ما لم ندرس جميع العلوم باللغة العربية أولاً.

    بيّن خصائص الكتابة العلمية باللغة العربية

    السيدة "مريم خير بك" باحثة مشاركة وصاحبة دار نشر- كاتبة وصحفية، قالت لموقعنا: «كان لي محاضرة في هذا المؤتمر حول اللغة العلمية للكتابة للطفل بعنوان: "الكتابة العلمية باللغة العربية للطفل"».

  • هل استطاع المؤتمر أن يوفي المحاور التي وضعت له حقها؟
  • ** توزعت المحاضرات على عدة محاور، وبشكل عام أستطيع أن أقول إن هذه المحاضرات وفت جزءاً كبيراً مما أرادوا أن يطرح حول اللغة العلمية، ولو أننا حاولنا كتابة عشرات العشرات من الدراسات لم تفِ اللغة العربية حقها وبالذات اللغة العلمية؛ سواء كتاريخ أو كمصطلحات... ومن جوانبها الكثيرة.

  • برأيك هل استطاع المؤتمر أن يحدد خصائص الكتابة العلمية بشكل دقيق حتى يستطيع من هو على رأس الهرم التنفيذي الاستفادة منها؟
  • ** طبعاً كثرت المحاضرات وتنوعت، وكانت هناك محاضرة حول خصائص الكتابة العلمية باللغة العربية، التي هي للدكتور "محمود السيد"؛ حيث وضع النقاط على الحروف بشكل دقيق وبيّن خصائص الكتابة العلمية باللغة العربية، وفي تضاعيف المحاضرات والندوات التي ألقيت كان هناك أيضاً مجموعة من الآراء تتحدث عن هذه الخصائص.

  • بتصورك هل هذه التوصيات وهذه المقترحات قابلة للتطبيق بنسبة ما؟ ماذا تتوقعين حولها؟
  • ** أنا ذكرت في محاضرتي أننا دائماً بحاجة للقوة السياسية، فهي تقع في رأس الهرم بالنسبة لأي تنفيذ وقع أو سيقع، لذلك لا بد من اجتماع المعنيين بالأمر من المسؤولين مع الباحثين حتى مع العامة ممن له رأي مهم وواضح، خاصة بأننا نتهم كعرب بأن لغتنا قاصرة عن استيعاب علوم العصر؛ وبالتأكيد نحن لا نوافق هذا الرأي، ولكننا نريد عملاً جدّياً وواضحاً ومدعوماً من قبل المسؤولين في جميع المؤسسات التي لها علاقة بهذا الموضوع حتى يتم الأمر ونكون فعلاً قد وجدنا نتائج عملية لهذه المؤتمرات.

    لغتنا كما كانت لغة علمية

    الدكتور "ممدوح خسارة" عضو مجمع اللغة العربية بدمشق التقيناه على هامش الجلسة الختامية للمؤتمر:

  • المقترحات والتوصيات التي تبلورت بعد هذه الورشة الغنية إلى أي مدى قابلة للتحقيق والتطبيق إذا ما أخذت بعين الاعتبار من الجهات المعنية؟
  • ** أشكركم على إتاحتكم الفرصة لي للتحدث إلى الإخوة المتابعين، أتصور أن تلك التوصيات سوف تؤكد أهمية اللغة العربية لغةً علميةً، ضرورة إيجاد طرائق عملية ونافعة لتطوير الكتابة العلمية، لماذا؟ لأن أهم ميزات هذا العصر أن لغة لا تستطيع التعبير عن علومه ومنجزاته هي لغة قاصرة؛ بل أقول ستكون لغة هامشية، ونحن حريصون على أن تبقى لغتنا لغة أساسية ولغة عالمية، فإذا أردنا أن تكون كذلك فلا بد أن تكون لغة تكتب بها العلوم، ولا يمكن أن تكتب العلوم إلا إذا هيأنا الأسس وطورنا الأسس التي يمكن أن تقوم عليها الكتابة العلمية؟

    عندما نقول هذا لا يعني أن لغتنا وتراثنا ليس فيه كتابة علمية، في الواقع التراث العربي غني بالكتابات العلمية، والكتب المؤلفة في الفيزياء والكيمياء والطب غنية عن التعريف وتقدم نماذج رائعة للكتابة العلمية باللغة العربية، واليوم نحن نريد أن نؤكد أن اللغة العربية كما كانت لغة كتابة علمية سابقاً هي الآن لغة كتابة علمية، والدليل على ذلك أنها تكتب بها المؤلفات العلمية الطبية والكيميائية والفيزيائية وحتى المعلوماتية، وهناك كتب ومجلات متخصصة بالمعلوماتية وتتناول الكتابة عن المعلوماتية، وهذا دليل على أن لغتنا كما كانت لغة علمية سابقاً هي ما تزال لغة علمية تستوعب معطيات العصر.

    من حيث التوصيات هي تنصب على كيفية تعليم وتدريس العلوم باللغة العربية وأن نزوّد الدارسين باللغة العربية بمناهج تمكنهم من كتابة العلوم باللغة العربية، أي نحن علينا أن نعد الباحث أو العالم من الناحية العلمية وكن يجب أيضاً علينا أن نعدّه من الناحية اللغوية بحيث يستطيع كتابة البحث العلمي، وهذه التوصيات سوف يكون بالمقدور تطبيقها.

    نحن لن نطلب أشياء كثيرة وأشياء صعبة التحقيق أو مستحيلة التحقيق، وإنما سوف نقدم توصيات ميسورة يفيد منها الباحثون تقوم على تبيين الأسس والقواعد الأولية التي إذا تمرس بها الطالب وتمرس بها الباحث يمكن أن يؤدي بحثه بلغة سليمة ومفهومة، نحن لا نريد أن يكتب بلغة أدبية عالية بل كل ما نريده أن يكتب بلغة عربية صحيحة وأن تكون عبارته سليمة خالية من الأغلاط إلى حد كبير، ملتزمة بالمصطلح العربي قدر الإمكان، مفهمة وسهلة وميسورة وهذا كله من الممكن الوصول إليه.

  • نحن بحاجة إلى اللحاق بالركب العلمي، وهذا يقتضي الاعتماد على الترجمة إلى حد كبير، ماذا أعددنا لذلك؟
  • ** قطعاً الترجمة هي نافذتنا على العالم، وكل الحضارات ومنها الحضارة الإسلامية العربية ابتدأت بالترجمة وانتهت إلى الإبداع والتأليف، نحن لا غنى لنا عن الترجمة، وكما خصصت مؤتمرات للكتابة باللغة العلمية بالعربية، ستقوم- بل قامت- مؤتمرات كثيرة حول الترجمة وتطويرها واهتماماتها وبينت طرق الترجمة وأنواع الترجمة الآلية والفورية والتحريرية، وإعداد المترجمين والدعوة إلى الترجمة، وتقويم وتحسين الأداء الترجمي..

    وفي هذا المؤتمر تناولت بعض الدراسات موضوع الترجمة، وأهمية معرفة المترجم باللغة التي يترجم منها واللغة التي يترجم إليها، فمن المعروف أنه لا يستطيع أي واحد أن يترجم ترجمة علمية، فهذا يقتضي أن يكون المترجم خبيراً بالموضوع العلمي الذي يترجمه وأ، يكون أيضاً على دراية جيدة باللغويات، لكن هذا إذا لم يتيسر لعالم معين قد يكون خبيراً بعلمه باللغة الأجنبية ولكنه ليس عنده من القدرة أن يترجم إلى اللغة العربية ترجمة دقيقة وسليمة، في هذه الحالة لا بأس في أن يتعاون العالِم مع الخبير اللغوي الذي يساعده في أداء فكرته على الطريقة التي تكون موصلة ومؤثرة.

    المشكلة في التنفيذ

    الدكتور "زيد العساف" مدير المكتبة العربية للتعريب والترجمة والتأليف والنشر- عضو المركز التابع للمنظمة العربية للثقافة والعلوم، قال في المؤتمر: «تخصيص هذا المؤتمر لعنوان واحد يتعلق بشؤون اللغة أمر جيد جداً، وهذا المؤتمر خصص للكتابة العلمية باللغة العربية، واستطاع إلى حد كبير أن يلم بمشكلات الكتابة العلمية باللغة العربية وما يتعرض له الباحث في الجامعات ومراكز البحوث وغيرها من مشاكل إيصال بحوثهم أو أفكارهم أو اجتهاداتهم على شكل مكتوب إلى جمهور القراء».

  • هل تستطيع هذه المقترحات والتوصيات أن تؤثر في أصحاب القرار؟ وهل يفيد المعنيون منها في الواقع؟ وكيف؟
  • ** التوصيات لا تؤثر بأصحاب القرار إلا إذا كانوا على قناعة تامة بجدوى هذه التوصيات، بالنسبة لنا في سورية المشكلة أخف بكثير، ففي الجلسة الأخيرة لمجلس التعليم العالي أقر التدريس باللغة العربية في كل المناهج حتى الجامعات الخاصة. وفي الواقع التوصيات والمقترحات موجودة بعد كل مؤتمر وعلى مستوى القمم، ولكن المشكلة في التنفيذ، الذي هو شبه معدوم محلياً وإقليمياً، ولا نرى آليات التنفيذ أو القرارات بل أكثر من ذلك لا نرى نية التنفيذ.

  • ترجمة المراجع الأجنبية للغة العربية، تقتضي أن يكون المترجم على دراية تامة باللغة وبالعلم موضوع الترجمة، ماذا بحثتم حول هذا الموضوع؟
  • ** نحن دائماً نختار للترجمة العلمية أصحاب الاختصاص، حيث يكون هناك مترجم ومُراجع علمي ومراجع لغوي، ودائماً مسك الختام هي اللمسات اللغوية السليمة والصحيحة للبحث المترجم.

    ويضيف الدكتور "موفق دعبول" عضو مؤسس في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية- عضو مجلس إدارة أسبق ورئيس مجلس أمناء أسبق- عضو مجمع اللغة العربية بدمشق: «التوصيات والمقترحات ترسل إلى كل الجهات المعنية عندنا وعبر المجامع إلى الدول العربية، ولا يخفى أن سورية مهتمة باللغة بشكل مميز ومختلف، فالسيد الرئيس "بشار الأسد" أنشأ لجنة تمكين اللغة العربية ولجنة النهوض باللغة العربية، وبالتالي هاتان اللجنتان تعملان على الاستفادة من توصيات المؤتمرات وورشات العمل المحلية والعربية المتعلقة باللغة لتطبيقها في الواقع.

  • حول الترجمة وما يتعلق بها؟
  • ** برأيي ليست المشكلة في الترجمة بل المشكلة في من يقرأ ولمن تترجم، فما فائدة الترجمة إذا لم يكن هناك من يقرأ؟ فتجربتنا في الجمعية العلمية مريرة في هذا الجانب، حيث أعددنا مجموعة من الكتب العلمية المترجمة على أدق وأفضل مستوى بطباعة وعناية فائقتين وبمراجعة علمية وتدقيق لغوي، ومع ذلك هل قامت كليات المعلوماتية في القطر واستفادت من هذه الكتب؟ القضية نحن نؤلف ونترجم ولكن من يقرأ في نهاية المطاف؟ وأنا شبهت هذه الحالة بفكرة الأواني المستطرقة يعني أن التطور لا يكون في جانب واحد، يعني أننا مع الترجمة ولكن علينا أن نحث الناس على القراءة حتى تتكامل الفائدة.

    فأنا أقول إنه لا يمكن أن يحصل نمو حضاري في نقطة ما وتبقى باقي الأمور متأخرة، كأن تصب الماء في فرع من فروع الأواني المستطرقة وتقول سأملؤه دون النظر إلى الفروع الأخرى، وهذا لا يحصل إنما ما يحصل أن الماء ينساب إلى باقي الفروع، فلا بد أن ننتبه إلى جميع العوامل المؤثرة في نهضتنا؛ نؤلف ونترجم ونكتب والآخرون يجب أن يقرؤوا ويطبقوا، هل تهتم مؤسساتنا التعليمية والتربوية على حث الناس على القراءة؟ هل يهتم البيت بالقراءة ولا ينشغل بالتلفزيون؟ كيف نريد لطفل أن يقرأ وهو يرى والده لا يتزحزح من أمام التلفاز؟ ولا يرى أمامه من يقرأ؟ ولعلك لاحظت أنني قلت في آخر كلمتي إن المشكلة الحقيقية هي في الإنسان الذي يجب أن نعمل على بنائه أولاً.