أقيمت في قاعة "الغوطة" في فندق "الشام" بـ"دمشق" ندوة حول العرض المسرحي "لحظة" وذلك على هامش مهرجان "دمشق" المسرحي الخامس عشر. وقد أجمع كل من تحدث عن العرض على أهميته وقدرته على الاستقطاب العالي للجمهور وتحديداً لشريحة الشباب. وقد اختلفوا على تفاصيله من حيث النص وتوظيف السينما..إلخ..

موقع eSyria حضر الندوة ورصد حول العرض الآراء التالية:

"رغدة شعراني" تمتلك تجربة هائلة جداً، لا أقصد التراكمية بل أقصد استخدامها للصورة السينمائية ومدى نجاحه في توظيفها بشكل ممتاز

"لؤي عيادة" كاتب مسرحي وفنان يقول: «"رغدة شعراني" تمتلك تجربة هائلة جداً، لا أقصد التراكمية بل أقصد استخدامها للصورة السينمائية ومدى نجاحه في توظيفها بشكل ممتاز».

صباح المندلاوي

"صلاح مندلاوي" كاتب، صحفي ونقيب الفنانين العراقيين يقول: «أنا سعيد للفنانة "رغدة شعراني" لخوضها تجربة الإخراج، وخاصة أني شاهدتها قبل سنوات عديدة في مسرحية "الحيوانات الزجاجية" للأستاذ "رياض عصمت"، وكانت فعلاً متألقة ومبدعة ولديها قدرات وإمكانيات متميزة، خوضها الإخراج تجربة جديدة وموفقة، لكن لدي ملاحظات وهي حينما توظف السينما فمن المفروض أن تفعّل من الجانب الدرامي في العمل المسرحي، مع الأسف لم نجد ما يرضينا في العمل، فاللقطات طويلة ولم تكن مأخوذة بعناية، وفيما يخص بتوظيف الراوي غالباً ما يوظّف الراوي في العمل المسرحي عندما يعجز المخرج عن تقديم المشهد بشكل انسيابي، لاحظت وجود طاقات وإمكانيات لدى الممثلين جيدة ومنسجمة».

أما الشابة "زينب بيروتي" طالبة جامعية فتقول: «كنت قد قرأت عن عمل "رغدة شعراني" بعنوان "تيامو" وهذا شجعني كثيراً لحضور عرضها الأخير "لحظة"، أحب أن أتكلم عن الأشياء التي شعرت بها في العرض، فرحت عندما رأيت كل الشخصيات الذين أعرفهم موجودين ومجسدين في العرض، وجدت المشاعر التي يمكن أن يشعر بها بعض الناس ويعتبرون أنها مشكلة ولكن عند البعض ربما هي لا تشكل مشكلة بالمطلق، كالنموذج الذي حدث مع شخصية "زين" والذي شعر بالصدمة من تصرفات أصدقاء كانوا يخفونها عنه، كما أحببت فكرة الخواطر لأن العرض بشكل عام كان في اللغة العامية، لكن عندما نرغب بأن نفكر أو نشرح عن ذاتنا نستخدم اللغة العربية الفصحى لأنها لغتنا الأم، وأحببت هذا الواقع المعاصر، وفاجأتنا عندما عادتِ بنا إلى الإيمانيات والروحانيات من خلال صلاة العيد والتكبيرات».

مهدي البابلي

لكن المخرج والناقد "مهدي البابلي" يتحد ث فيقول: «بدءاً من النص، أنا شاهدت عملاً سابقاً للفنانة "رغدة شعراني" بعنوان "شوكولا"، وكنت أمنّي نفسي بوجود تقدم في سلسلة أفكارها الإخراجية، في عرض جديد ينتمي إلى منطقة جديدة، أو إضافة إلى عرضها السابق، في العرض لم يكن هناك نص، كانت هناك مجموعة مذكرات شخصية أو خواطر، وهذه يمكن أن تكتب في فترة المراهقة والتي داعبت قلوب الشباب الموجودين والذين استمتعوا وتواصلوا مع العرض، ولكنها خارج طقوسية المسرح، حتى لو كان النص مجموعة من الخواطر فيفترض أن يكون فيه بناء درامياً متصلاً يتدفق من لحظة الولادة وصولاً إلى النهاية، هذا التدفق كان متراكماً وساهم بإضعاف بنية العرض».

أما السيد "أحمد الباشا" فقد قدم تساؤلات من خلال المدخل الذي قال فيه: «هناك تجربتين سابقتين للفنانة "رغدة شعراني" بعنوان "شوكولا" و"تيامو"، وكان لتجربة "تيامو" تطور على الصعيد البصري وصعيد العمل على النص، هذا العرض تناول لحظات من حياة أشخاص عاديين، إلى أي مدى يستطيع هذا النوع من المسرح لا وجود فيه لأبطال حقيقيين والصراع بمعناه الحقيقي بعيداً عن المقولات الكبرى، سؤالي: هل نستطيع أن نبرر كل ما نفعله من خلال الحلم، كان من الممكن نحقق هذه السينما على خشبة المسرح،

كفاح الخوص

الدكتور "سامي عبد الحميد" أستاذ في النقد والأداء المسرحي فقد قال: «أريد الإعراب عن إعجابي الشديد بالجمهور الكثيف والكبير، الذي جاء متحمساً لمشاهدة مسرحية "لحظة" ومعظمهم كان من جيل الشباب، فعلاً يجب أن يهتم المسرحيين العرب بكيفية جلب الشباب إلى المسرح، وهذه مهمة قامت بها الفنانة "رغدة"، عرض "رغدة شعراني" من نوع جديد ومن لون جديد، لا ينتمي إلى الدراما، هذا العرض يسمى في المصطلحات الفنية إما "الإعادة" وإما "فن الكاباريه"، ولكن أقول إذا اتفقت معه بأنه "فن الكاباريه" ومعظم المخرجين العالميين استخدموه، ما ينقص هذا العرض هو النقد، نقد ما هو سلبي في سلوك المجتمع، هذا النقد كان يدخل إلى فكر المشاهد وقلبه، أستغرب نجاحها باستخدام الشاشة في العرض رغم أنهل لم تكون بحاجته إطلاقاً لذلك، لو كان التصوير السينمائي مبهراً لكنا قد تفهمنا وجوده في العرض، لكنه لم يكن كذلك، أنا أعجبت بحيوية الممثلين وعملية دخولهم وخروجهم، ونستطيع أن نقول أنهم متمكنين من أدواتهم ويصلحون فعلاً لمثل هذه العروض، وأنا أظن بأن الفن بحاجة للاقتصاد، من النص إلى "السينوغرافيا" وانتهاء بالإخراج، ويحسب لهذا العرض الدخول إلى فكر وقلوب الشباب».

وعقبت الفنانة ومخرجة العرض "رغدة شعراني" فقالت: «بالنسبة للنص، الفكرة الأساسية كان لدي هي أن أكبر الأفكار في الحياة يمكن طرحها بشكل بسيط وغير معقد، فموضوع الخيانة مثلاً هو موضوع شائك ويسبب صدمة عند الحديث به بشكل مباشر، بالنسبة للربط بين المشاهد، ربط المشاهد بعضها ببعض، بالنسبة لي لم يكن بحاجة إلى تعقيد لأن النص بالأساس هو نص بسيط، والانتقال من جزء لآخر كون بطل العمل كان يقوم بكتابة كتاب مؤلف من ثلاثة أجزاء، وهذه الأجزاء حكيت فيها عن مجموعة من الأشخاص وعن مرحلة وفترة زمنية انتهت وانتقلت إلى مرحلة جديدة،

وبالنسبة للجانب السينمائي والذي صوّر بأحدث المعدات، ولكن نتيجة الخلل التقني الموجود في صالاتنا ظهر على ما كان عليه».

وتابعت حديثها: «نحن لسنا ذاهبون لعمل كل ما نريده بشكل غير منطقي تحت مبررات الحلم، الأهم بالنسبة لي كان طرح شيئاً غرائبياً ولكنه مدروس ومشغول عليه بشكل جدي، وتفاصيله مدروسه ولكن بغرائبية أكثر من أن نقوم بأعمال مريخية، وهذا ابتعدت عنه تماماً، لذلك أتت مشاهد السينما على المسرح، تحديداً بما قدمناه، فنحن قدمنا الحلم الذي يرى الشخصية الرئيسية من خلاله أنه سوف يموت، فكرنا بعمل الحلم تحديداً على المسرح وليس على الشاشة، ولكن التقنيات الموجودة حالياً بالمسرح لا تكفي لعمل شيء يوازي السينما ويخدم الفكرة التي نريدها، من الجميل نقل كل ما نريد من السينما إلى المسرح لاستخدام السينما بالمكان الذي فعلاً لا نستطيع عمله إلا بالسينما، لكن نتيجة ظروف خارجة عن إرادتنا فعلنا ما فعلناه».

لكن الفنان "كفاح الخوص" أحد ممثلي العرض يضيف: «نحن نضطر لتصنيف كل عمل نقوم به إلى نوع معين، مسرح قديم – كلاسيكي – عبثي،.الخ، النقاد أخذوا فترة طويلة لتصنيف المسرح العربي لكنهم وجدوا بعض الظواهر التي أثقلت كواهلهم، فنحن محاصرون بالدلالات، فإلى أي مدى يمكن أن تكون الدلالة عندنا حرّة ومتحرّرة من الرقيب الكبير، جاءت فترة غابت فيها القضايا الكبيرة، فالأجيال المعاصرة لا تمتلك قيماً كبرى واتجهت نحو الفردية، وهذا ما ظهر من خلال العمل».