على هامش مهرجان "دمشق المسرحي" أقيمت ندوة فكرية حول "اتجاهات الحداثة في مسرح الشباب" والتي تم الحديث فيها حول الإشكاليات التي تواجه الشباب في إيجاد ذاتهم المسرحية ضمن هذا الواقع المفروض والمعيش.

موقع eSyria حضر الندوة في 29/11/2010 ورصد جملة من الآراء كان أولها مع "وطفاء حمادة" حيث قالت: «المسرح بحاجة إلى تراكم تجربة طويلة، وهذا معناه أن الشباب عندما تظهر منهم مواقف شديدة ضد الحداثة وما بعد الحداثة، هذا يقتضي منهم بذل جهود من أجل إيجاد ملامح واضحة تعلل هذا الرفض، وحتى إننا لم نستوعب تلك المراحل السابقة المتعلقة، فهؤلاء الشباب وبتواصلهم مع كل ما هو رقمي وتكنولوجي، ومع كل ما له علاقة بالعولمة والتقنيات الحديثة التي هضموها وفهمها جمهورهم، وهي تشكل هنا الفارق بين الجيل السابق وهؤلاء الشباب، فهؤلاء الشباب رغم محاولاتهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن يقدموا نصهم المكتمل حتى الآن، رغم أنهم يطمحون إلى أن يكونوا عالميين».

المسرح بحاجة إلى تراكم تجربة طويلة، وهذا معناه أن الشباب عندما تظهر منهم مواقف شديدة ضد الحداثة وما بعد الحداثة، هذا يقتضي منهم بذل جهود من أجل إيجاد ملامح واضحة تعلل هذا الرفض، وحتى إننا لم نستوعب تلك المراحل السابقة المتعلقة، فهؤلاء الشباب وبتواصلهم مع كل ما هو رقمي وتكنولوجي، ومع كل ما له علاقة بالعولمة والتقنيات الحديثة التي هضموها وفهمها جمهورهم، وهي تشكل هنا الفارق بين الجيل السابق وهؤلاء الشباب، فهؤلاء الشباب رغم محاولاتهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن يقدموا نصهم المكتمل حتى الآن، رغم أنهم يطمحون إلى أن يكونوا عالميين

ثم تحدث الناقد المسرحي الأستاذ "يوسف الأسود" حيث قال: «لقد تحدث "ميشيل فوغو" عن "الليكوبيا" غير المتجانسة وأعتقد أن هذا الوباء والمرض ينتقل بعدم صدقنا مع الحداثة، هل أنتج المجتمع العربي حداثة حتى يتكلم عن ما بعد الحداثة؟.. أليست هناك إشكالية في ارتداد هذا العقل المعرفي؟.. هناك موتٌ للغة فإن "ميشيل فوغو" تحدث عن "الليكوبيا" غير المتجانسة بمعنى آخر أنها الظلام المتجانس، إنه إنشاء منظومة معرفية متكاملة، "الليكوبيا" غير متجانسة في العالم الغربي المتشظي والتي ُيتحدث فيها عن مجموعة من السمات ما بين الأنا وما بين منظومة القيم الموجودة، أنا أظن أننا هنا في العالم العربي لم ننتقل بعد إلى المرحلة الأولى لإنتاج الحداثة، وأيضاً هناك هدم للغة لدى الآخر وبالتالي أنتج بفعل التخليات منظومة جديدة من التعابير، ماتت اللغة وانتصر البصري، هناك محاولة لدى الآخر لمقاربة الصيغ البصرية إلى اللغة، أي إن اللغة التي تم اختزالها تمت الاستعاضة عنها ببعد بصري متجانس، هنا أعتقد أن المشكلة لدينا في غياب الوعي المعرفي في التقاط الدرامي من الدراما، بمعنى آخر أن الظاهرة الشبابية افتقدت لروحها عندما اكتملت على البصري غير الموجود، ففقدت اللغة من جهة وفقدت البصري من جهة أخرى، هذه التعابير البصرية الجديدة هي اختصار للزمان والمكان، فعندما نفقد معرفتنا للنص الدرامي ونفقد القدرة على الزمان والمكان البصري لا نعتقد أن هناك مشكلة كبرى في التجارب الشبابية، بمعنى آخر أننا في الحيز الذاتي ولسنا في الحيز الدرامي وأعتقد أن هناك إشكالية كبرى لن تحل في المدى القريب والمنظور».

يوسف الأسود

وبعدها أضاف السيد "سليمان زيدان" خريج معهد تمثيل من العام الماضي: «نحن لم نصل للمرحلة التي يمكن أن نتكلم بها عن حداثة في المسرح بعد، لكن ضمن السرد الأساسي أننا في طريقة تدريس المسرح وتدريس التمثيل، أشعر دائماً بأن أساتذتنا يثبتون نظرياتهم بالطلاب، فيستحيل أن ننتقل للتحديث، فهذه الأنا التي يحاول الأستاذ أن يزرعها في تلميذه فإنها ستنتج نسخة مصغرة عن هذا الأستاذ، وهذا لا يؤشر إلى ولادة حداثة في المسرح عندنا، من الضرورة أن يتحرر الطالب من أساتذته ومن الوصاية التي تجاوزت الخمسين عاماً من عمرها، حتى نستطيع أن ننجز مسرحاً حديثاً، وإنتاج مسرح تجريبي ضروري، ومن الضروري أن نساعده في أن يجرب عسى أن تظهر نتائج ليست بالضرورة أن تكون صحيحة 100%، ولكن كل المناخات القائمة تدلل على استحالة قيام مسرح شبابي حديث».

أما المخرج المسرحي السيد "فهد الباقر" فقد قال: «هناك مصطلحات كثيرة يتكلمون عنها ومن ضمنها "الحداثة"، و"ما بعد الحداثة" و"التجريد".. أنا أتوقع أن كل هذا عبارة عن مصطلحات يستحضرها المنظرون ونحن نستخدمها بشكل آخر، بالنهاية أنا أستطيع تقديم تجربة ورؤية نظيفة وراقية تحترم المتلقي وتحترم الجمهور وتحترم ذوقه وتواكب التقدم والتطور والتكنولوجيا التي تحدث في العالم، دائماً يقولون بأن أوروبا متقدمة علينا مسرحياً، وأنا أريد أن أسأل هنا، هل صحيح أن أوروبا تسبقنا على صعيد المسرح؟ وتحديداً مسرح الشباب؟.. وهل صحيح أنهم يقدمون لنا مخلّفاتهم الثقافية والفنية؟.. المشكلة تكمن في أننا كسالى في تلقّينا لثقافة الغرب والتواصل مع الآخرين، دائماً يقال عندنا في الوطن العربي حول بعض المقترحات والمفاهيم (كالبحث عن هوية.. والانغلاق).. وهكذا، لماذا يتم الحديث حول إيجاد الهوية والانغلاق في الفن؟؟، بينما في مجالات أخرى مثل السياسة والاقتصاد لا نجد مثل هذه المفاهيم. لماذا البحث عن الهويات في الفن؟ من المفروض أن نتكلم دائماً عن الإنسان لأن مشاكلنا كلها منسجمة مع بعضها بعضاً، فالكل يعاني والكل مقهور ومأخوذ في العالم كله، وكثرة الحديث عن الهوية الداخلية والهوية العربية والهويات المختلفة ونعقد لذلك الملتقيات والمؤتمرات...الخ، فهويتنا موجودة، نأخذ من الآخر ما ينسجم مع عاداتنا وتقاليدنا فربما الآخر يعمل ونحن نعمل بطريقة مختلفة وفي النهاية يكون نتاجنا عربياً ويخدم الإنسان ولا يخدم الهوية العربية بذاتها».

سليمان زيدان
فهد الباقر