«هو تحليل المعلومات بشكل يفيد متخذي القرار بالشكل الذي يستطيعون من خلاله الولوج إليها واستخدامها بالوقت والمكان المناسبين»، بهذه الكلمات عرف الدكتور "راكان رزوق" رئيس مجلس إدارة "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" مصطلح "ذكاء الأعمال"؛ هذا المصطلح الذي يعد جديداً على سمع كثيرٍ من الأشخاص؛ ليس في سورية فقط بل في عدد من دول العالم.

الدكتور "رزوق" عرف "ذكاء الأعمال" خلال جلسات أعمال الندوة الوطنية الأولى حول تطبيقات "ذكاء الأعمال" في سورية.

هذه المعلومات يجب أن تجمع بطريقة جيدة وبشكل يمكن أن تعالج فيه، وبعدها يمكننا ان نستخلص منها ما يفيدنا في رسم الاستراتيجيات والخطط التنموية أو التسويقية

جلسات الندوة التي أقيمت في "مكتبة الأسد" على مدى يومي 4-5/10/2010؛ تحدثت عن أهمية تطبيقات "ذكاء الأعمال" في رسم استراتيجيات وتحديد الأهداف بالنسبة للمؤسسات والمنظمات وحتى الدول، واستعرضت تجربة "المصرف التجاري السوري" كأحد التجارب السورية الناجحة في استخدام هذه التطبيقات والاعتماد عليها كالمثال ناجح راعى الحاجات والإمكانات السورية الموجودة، الدكتور "دريد درغام" المدير العام "للمصرف التجاري السوري" قدم ورقة عمل بعنوان "نحو حكومة إلكترونية بمواصفات وتكلفة تناسب سورية"، تحدث فيها عن تجربة "المصرف التجاري" في إدخال تطبيقات "ذكاء الأعمال" بشكل يراعي المعطيات والإمكانات السورية، وشرح خلال العرض الذي قدمه، بعض أمور التي وضعت في عين الحسبان عند أتمتة البريد في المصرف والاعتماد على تطبيقات "ذكاء الأعمال"، وبدأ بالقول:

الدكتور "دريد درغام" المدير العام "للمصرف التجاري السوري"

«يجب مراعاة البساطة والوضوح في التطبيقات التي يجب أن نعتمدها، ومراعاة التكلفة، والانتباه إلى البنى التحتية للاتصالات المتاحة لدينا، ويجب أن تبنى تطبيقاتنا على الحاجات وليس أن نسعى لاستعمال أكبر وأعقد التطبيقات، بينما متطلباتنا لا تحتاجها، كما يجب مراعاة متطلبات الرقابة وأمن المعلومات، وجعل هذه التطبيقات قابلة للتعميم والتواصل مع المنظومات المحلية والعالمية، وأن تكون البيانات قادرة على استحضار مؤشرات حيوية لتحسين مستوى الإدارة.

لقد بدأنا هذه التجربة قبل ثلاث سنوات، بأتمتة "سندات التسليف" في المصرف، ومن ثم وبشكل تدريجي استطعنا أتمتة كامل المراسلات البريدية والتعامل بشكل الكتروني، واستغناء عن البريد الورقي في تعاملاتنا، حتى عملية الأرشفة أصبحت مؤتمتة؛ واعتقد أن التحول إلى أتمتة العمل الداخلي للمصرف أتاحت لنا تحقيق الوفر في الورق والموظفين- حيث كنا نستعمل /30/ ألف "ماعون ورقي" تم استغناء عنها الآن، وكنا نعتمد على حوالي /40-50/ مراسلا لإيصال البريد الورقي، كانوا يساهمون بعمليات الازدحام في المصرف وخارجه، تم الآن الاستغناء عن أكثرهم، وهم اليوم عبارة عن /6-10/ مراسلين فقط، وبالنسبة لحساب الراتب الشهري، كان عدد المحاسبين لهذه العملية الشهرية يستهلك /140/ محاسبا، أما الآن فنحن نعتمد على /5/ محاسبين فقط.

الدكتور "راكان رزوق" رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية

أمر آخر أحب أن أشير إليه، أن أشخاصاً كثراً يتخوفون من ضياع البيانات والوثائق الالكترونية، ولكن التجربة في المصرف، أثبتت العكس، بل أصبحنا على مستوى أعلى من الحفظ والمراقبة، فعلى سبيل المثال؛ في حالة الوثائق المخزنة فيزيائياً أستطيع أنا الآن معرفة المكان الفيزيائي لأي وثيقة مؤرشفة في المصرف، ومعرفة الموظف الذي قام بأرشفتها ومن قام بالولوج إليها، أي إن بيانات استعمال هذه الوثيقة أصبحت موثقة ومرتبطة بالوثيقة نفسها».

لم تقتصر تجربة "المصرف التجاري السوري" على توفير الوقت والجهد والمال والكتلة البشرية، بل إن البيانات وبتطبيقات "ذكاء الأعمال" باتت أكثر فائدة وتعطي قيمة معرفية إضافية، تساعد مديري المصرف على تخطيط ومعرفة احتياجات المصرف، ومواطن الخلل، الدكتور "درغام" تحدث في نهاية حديثه عن معدل "التنبله"- كما سماه- وهو قياس معدل تأخر الموظف في إنجاز المهام الموكله إليه عن طريق أحد تطبيقات نظام أتمتة البريد، حيث قال: «يمكنني الآن أن أتابع الوثائق والسندات والطلبات المصرفية، ومعرفة مكانها بين الأقسام والموظفين، ومعرفة أي تأخير وعلاج أسبابه فوراً، وهذا ليس على مستوى الفرع الرئيسي للمصرف، وإنما على مستوى كافة فروع المصرف في "سورية"، والنظام في الحقيقة قلل من احتكاك المواطن بالموظف ما خفف نسبة الفساد في المؤسسة».

الأستاذ "عبد الله الدردري" في افتتاح أعمال الدورة

المغترب السوري "باسل عجة" نائب رئيس "قسم الحلول الاستراتيجية" في شركة «Yahoo» سابقاً، وصاحب الخبرة الكبيرة في تعامل وتحليل البيانات حول العالم، تحدث في جلسات اليوم الأول من "الندوة الوطنية لذكاء الأعمال" عن المعلومات، واعتبرها كالنفط الخام، تشكل ثروة مهمة للدول رغم استحالة استخدامها فوراً، لكنها تنتج بعد معالجتها عددا من المنتجات الاستراتيجية، وأضاف بالقول: «هذه المعلومات يجب أن تجمع بطريقة جيدة وبشكل يمكن أن تعالج فيه، وبعدها يمكننا ان نستخلص منها ما يفيدنا في رسم الاستراتيجيات والخطط التنموية أو التسويقية».

المهندس "يوسف الروسان" مدير التقانة في شركة "أمنية" الأردنية للاتصالات، اعتبر خلال تقديمه "لورقة عمل" تناولت عرض حالة "شركة أمنية" للاتصالات، أن تطبيقات "ذكاء الأعمال" هي مسألة حياة أو موت لكثير من الشركات الكبيرة حول العالم، كشركات الاتصالات التي تدرس باستمرار وبشكل دوري، "بيانات العملاء" وتراقبها بغرض الحفاظ عليهم واجتذاب شرائح جديدة منهم، وتعتمد في ذلك على تطبيقات "ذكاء الأعمال" وتحليلها بالشكل المناسب».

الدكتور "راكان رزوق" رئيس الجمعية وفي حديثه لموقع "eSyria" ذكر أن تطبيقات "ذكاء الأعمال" في سورية لا تقتصر على تجربة "المصرف التجاري السوري"، بل إن العديد من الشركات باتت تطبقه وتستفيد منه في وضع خططها، وهي في صدد التطبيق في عدد من القطاعات الحكومية الأساسية في سورية كـ"الصحة والتعليم، والاتصالات وغيرها.."، والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية مستعدة لتقديم يد المساعدة لأي مؤسسة ترغب في الاستفادة من تطبيقات "ذكاء الاعمال" في عملها.

في ورقتهما حول التطبيقات المحلية لذكاء الأعمال، عرض المحاضران الدكتور "مهيب النقري" والدكتور "زيدون الزعبي" تجربة "الجامعة العربية الدولية الخاصة" في الاعتماد على تطبيقات "ذكاء الأعمال" في إدارة الجامعة، موقع "eSyria" التقى الدكتور "زيدون الزعبي" مدير الجودة في الجامعة العربية الدولية، الذي تحدث عن مدى قدرة الكفاءات السورية على إدارة تطبيقات "ذكاء الأعمال"، وبدأ بالقول:

«قد لا يكون غريباً القول أن "سورية" غنية بالمواهب القادرة على إدارة وتصميم تطبيقات "ذكاء الأعمال"، ولكن الغريب أن هذه الطاقات غير مستثمرة بالشكل الذي يلبي حاجات السوق السوري من هذه التطبيقات، إن موضوع تأهيل الكوادر البشرية وجعلها قادرة على التعامل مع هذه التطبيقات يقسم إلى عدة مستويات حسب الإدارة؛ فموضوع إيجاد مبرمجين لتكوين هذه التطبيقات يعد الحلقة الأسهل في السلسة، التي تشمل الإدارات المتوسطة والعليا.

فتوعية الإدارات المتوسطة والعليا بأهمية هذه التطبيقات يشكل حجر الأساس، وإيجاد أشخاص قادرين على تحليل حاجات المؤسسة وفهم متطلبات الإدارة من هذه التطبيقات يعد أمراً أساسياً أيضاً، ومن هنا نجد أن دور رجل تطبيقات "ذكاء الاعمال" أو كما يسمى "Business Intelligencer" يكون دوراً وسيطاً بين المدراء والمبرمجين، إذ يجب عليه أن يتحلى بعدد من الصفات الأساسية، كالقدرة على معرفة حاجات المؤسسة أو المنظمة أو الجامعة أو الحكومة، وإمكانياتها، ومن ثم يكون قادر على تحديد ماهي المعلومات التي يجب أن تتوفر وتصبح كـ"قاعدة بيانات" لتطبيق "ذكاء الأعمال"..

فعلى سبيل المثال عندما نريد إدخال أحد تطبيقات "ذكاء الاعمال" إلى أحد الكليات في جامعة ما، يجب على "Business Intelligencer" أن تعرف ماهي محددات الأداء قبل أن يقوم المبرمج "IT" بتصميم التطبيق، وعليه أن يبدأ بذكر كيف تقاس معدلات الدوام وماهو تأثيرها على الأداء، وهذا ينطبق على المحددات الأخرى «كدرجات والعلامات، الوضع المالي، الوضع الاجتماعي،...»، ومن ثم يرسم الاستمارة ويوضح كيفية حساب كل محدد ضمنها، وهنا تأتي مرحلة تحديد ماهي القاعدة البيانات المطلوبة، وبعدها يكون دور "المبرمج" فقط تطبيق ماتم رسمه، ومن ثم ينتهي دور المبرمج، ليكون الدور على الإدارة في تحليل التقارير الصادرة عن التطبيق واستفادة منها ومن نتائجها في رسم السياسات ووضع الخطط».

المهندس "مازن عبد الله" مدير مبيعات شركة "أوراكل" لتطبيقات "ذكاء الأعمال" قدم ورقة عمل خلال الجلسة الرابعة من الندوة، بعنوان "أدوات ذكاء أعمال من أوراكل" تناولت أهم مزايا التي تقدمها شركة "أوراكل" في تطبيقاتها، وذكر فيها أن تطبيقات لايمكن أن تطبق في مؤسسة أو منظمة أو قطاع دفعة واحدة، بل يجب البدء بأقسام ودوائر فرعية، وبالتدريج يمكن أن يطبق البرامج كاملاً على المؤسسة، كما أن التطبيقات والبرامج الكبيرة "لذكاء الأعمال"، تُفعّل حسب الحاجة وتكون كلفتها أيضاً متناسبة مع حجمها ونوع التطبيقات التي تقدمها ، وختم السيد "مازن" حديثه بالقول: «إن هذه البرامج والتطبيقات مهما بلغت من الدقة والتعقيد، فهي مخصصة لتقدم تقارير مبنية على قاعدة بيانات ولكن اتخاذ أي قرار أو تحديد سياسة ما؛ يعود إلى الإدارة، ففي حال أهملت الإدارة التقارير الصادرة عن التقرير، أو أخطأت بتحليلها فلا يمكن القول أن تطبيقات "ذكاء الأعمال" غير صالحة لهذه المنظمة أو البيئة».

الجدير بالذكر أن "الندوة الوطنية الأولى حول تطبيقات ذكاء الأعمال في سورية" أقيمت برعاية الأستاذ "عبد الله الدردري" نائب رئيس مجلس الوزارء للشؤون الاقتصادية، وبتنظيم كلٍ من "وزارة الاتصالات والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، في "مكتبة الأسد" خلال يومي 4-5/10/2010، وبمشاركة ما يقرب من /100/ شركة مختصة ومهتمة بتطبيقات "ذكاء الأعمال" في "سورية".