«الدراما اليوم صار لها دور كبير في المجتمع، ويجب استثمارها بشكل أكبر، لكن لا يكفي أن يكون الموضوع جيداً وإيجابياً حتى يتم الحديث فيه، ويجب ألا يقدم الموضوع بشكل عشوائي أيضاً، فكلما كان الموضوع مدروساً ومن بيئة حية، فإنه يحتاج إلى تعمق أكثر، ووعي أكثر، وتفهم أكثر، حتى لا يقدم بطريقة خاطئة».

هذا ما ابتدأ به المخرج "الليث حجو" حديثه عن دور الدراما في التوعية المجتمعية ودعم المشاريع الإنسانية، في النشاط الذي أقامته جمعية "بسمة" لدعم الأطفال المصابين بالسرطان في فندق "الفورسيزن" 3/7/2010م، في "دمشق"، تكريماً للمساهمين من "مجلس رجال الأعمال السوريين" في دولة "الكويت"، وبعض نجوم الدراما السورية المتطوعين الفخريين في جمعية "بسمة"، "دريد لحام"، "الليث حجو"، "نضال سيجري"، الفنان "جورج وسوف"، وكذلك الإعلامي "جورج قرداحي".

أعتقد أن ما تقدمت به فيه ظلم كبير لدورك شخصياً ودور مسرحك في المسيرة الطويلة من العطاء، والذي كان له التأثير الكبير (وأنا شخصياً كنت أحضره) عند جمهور كان يملأ الشارع أمام المسرح، وأنا أعرف حق المعرفة كيف تحولت مسرحياتك إلى رقيب اجتماعي وكانت ترهب كل عناصر الفساد، وكانت عبارة عن عنصر تهديد لكل حالات الفساد الملوث للمجتمع

eSyria حضر وسجل وجهات نظر الفنان "دريد لحام" والمخرج "الليث حجو" عن دور الفنان والدراما في مثل هذا التوجه الإنساني، حيث يتابع "حجو" جواباً عن سؤالنا إن كان هناك بحث أو عمل على فكرة عمل تلفزيوني ينطلق من حالة الصدق المعروف بها "حجو"، تتضمن هذه الأفكار والتي تحاول جمعية "بسمة" تكريسها من خلال نشاطاتها؟ فيقول: «الموضوع ليس بالإحساس بالمفاهيم الكبرى كالعمل الإنساني والعمل الخيري والتطوعي، والتبرع.. إلخ.. هذه مقولات في النهاية غير مهمة إن كانت غير مرتبطة بوعي عميق يؤسس لمجتمع إنساني حقيقي. أنا دائماً أحلم بأن أقدم كل ما أستطيع من طموح ومن معرفتي كمخرج في هذا المجال حتى أفيد إنسانيتي بالشكل العام وليس أطفال السرطان فقط، لخدمة المجتمع بشكل أفضل، ولكن الموضوع بحاجة إلى دراسة.

المخرج الليث حجو

أتمنى أن أصل إلى اليوم الذي تحصل فيه الشراكة مع مجموعة قادرة على أن تقدم مشروعاً جيداً، فكرياً وإنسانياً، وبنية نصية. حتى لا يكون تحت عنوان كبير جداً، ونكون نحن المستفيدين منه بدلاً من الأطفال الذين يجب أن يستفيدوا منه حقاً، لا أن نستغل هذه المقولات الكبرى من أجل أن نصل نحن، ونظهر من خلاله، لأننا للأسف هذا ما نراه الآن في الأوساط التي نتحرك فيها، وحتى في بعض الأعمال الدرامية. يكفي أن نتحدث أو نشير إلى أزمة اجتماعية حتى تحمينا من كل الأخطاء التي قدمت من خلالها. هذا الموضوع بحاجة لأن يأخذ حقه من الدراسة والتدقيق.

وللحديث عن أهمية تواجد ومشاركة الفنانين في تنشيط هذه الأعمال الإنسانية يقول الفنان "دريد لحام": «قد يكون هناك أشخاص مرصودون ومعروفون في مجتمعاتهم. قد يكون فناناً، قد يكون لاعب كرة، قد يكون حرامياً مهماً "مازحاً"، فهذه الشخصيات والتي هي قدوة في وسطها الاجتماعي، إذا سلكوا مثل هذا السلوك في خدمة مجتمعهم وفي المساهمة في القضايا الإنسانية، فإن كثيراً من الناس سوف يتشجعون ويحذون حذوهم أو حتى أن يقلدوهم».

ولدى سؤالنا الفنان "دريد لحام" عن مدى العمل على مضامين الدراما في تطوير وعي الناس، للمساهمة في هذه الأعمال الإنسانية، وتفعيل مفاهيم العمل التطوعي، والعمل الخيري، ومتى العودة للعمل مع الأطفال بغض النظر إن كانوا مصابين بالسرطان أم لا، وإنما إلى أطفال بحاجة إلى مسرح، بحاجة إلى توعية، ويحمل في ذات الوقت المفاهيم السامية مثل العمل التطوعي والخيري. يجيب الفنان "دريد لحام" مخيباً أمل المخرج "الليث حجو"، فقال: «أنا أعتقد أن الدراما لا تستطيع أن تحرض على سلوك أو تمنع عن عمل، أما الدراميين كأسماء فلهم تأثيرهم في مجتمعاتهم، بفعلهم الميداني قادرون على أن يغيروا بسلوكهم، وقادرون أن يدفعوا بسلوك أفضل، لأنه بصراحة الدراما بالنسبة للناس هي نوع من الفرجة، وتشكل لهم نوعاً من التسلية. فقد انشغل الكثير من المسلسلات عن القضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية تعقدت أكثر، تحدثوا كثيراً عن الفساد فأصبح الفساد في زيادة أكثر، إذاً المسألة ليست مسألة في توعية.

المسلسل بالنسبة للجمهور ليس أكثر من فرجة ولكنه لن يغير من الأمر شيئاً، ربما العمل الدرامي يزرع في ذهن المتلقي فكرة ولكنها بحاجة لعشرات السنوات لتنضج. ما أود أن أقوله وأؤكد عليه أن الدراميين ومن بحكمهم من الذين لهم تأثير في مجتمعاتهم، هم القادرون على إحداث التغيير من خلال سلوكهم السلوك الإيجابي والوقوف إلى جانب هذه الجمعيات ذات العمل الاجتماعي والإنساني».

ويتابع الفنان "لحام": «سبق أن عملت حوالي ستة وعشرين تمثيلية صغيرة، بالتعاون مع وزارة الداخلية وشركة "شل" حول المرور وحوادث المرور، عُرضت هذه الحلقات فزادت حوادث المرور. لم تستطع هذه الحلقات أن تزرع الوعي في الأذهان إطلاقاً. عملنا فيلماً عن الحدود فزادت الحدود وزادت صعوبة الحصول على الفيزا. ربما إذا ذهب شخص إلى الحدود وقام بالإضراب معبراً أنه من حق كل مواطن عربي الدخول إلى بلد عربي دون فيزا، فربما يحدث تأثيراً أكثر بكثير من فعل الدراما. وأنا شخصياً لا أؤمن بقدرة الدراما على هذا الموضوع، أو على تغيير ما في هذا الموضوع».

وعقب المخرج "الليث حجو" على وجهة نظر الفنان "دريد" منهياً بقوله: «أعتقد أن ما تقدمت به فيه ظلم كبير لدورك شخصياً ودور مسرحك في المسيرة الطويلة من العطاء، والذي كان له التأثير الكبير (وأنا شخصياً كنت أحضره) عند جمهور كان يملأ الشارع أمام المسرح، وأنا أعرف حق المعرفة كيف تحولت مسرحياتك إلى رقيب اجتماعي وكانت ترهب كل عناصر الفساد، وكانت عبارة عن عنصر تهديد لكل حالات الفساد الملوث للمجتمع».

وتبقى الدراما العنصر الأبرز في الحياة الاجتماعية منذ ما يقارب نصف قرن من وجود التلفزيون في مجتمعاتنا المحلية، وتبقى وجهات النظر متعددة حيال تأثيرها في هذا الجانب أو ذاك منقضايا المجتمع.