المنطقة الجنوبية من سورية والتي وصفت بحدائق الشام الجنوبية والتي تضم دمشق وريفها إلى جانب محافظات "السويداء، درعا والقنيطرة" وسط طبيعة متفردة اتسمت بالمساحات الخضراء والتنوع الحيوي والمياه العذبة النقية والموارد المحلية الغنية، والتاريخ العريق الذي يرتسم على شواهده الباقية ملامح الحضارات الإنسانية، من هنا تأتي أهمية المنطقة الجنوبية من سورية التي دعت هيئة الاستثمار السورية إلى اكتشاف مكوناتها ومزاياها المتفردة، ضمن إطار اهتمام الحكومة بإغناء المنطقة وفتح آفاق الاستثمارات الواسعة فيها وبكل الأشكال.

موقع "eSyria" وخلال مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية التقى عدداً من المعنيين، وبداية لقائنا كانت مع رئيس هيئة تخطيط الدولة الدكتور "عامر حسني لطفي" الذي حدثنا عن المناخ الاقتصادي في سورية وأهمية الاستثمار في مثل هذه المناطق، وهنا يقول: «إن التحولات الاقتصادية التي تشهدها سورية منذ عدة سنوات تفيد بضرورة ارتفاع حجم الاستثمارات السنوية كي نتمكن من تحقيق معدلات نمو اقنصادية عالية نسبياً، ضمن هذا المنطق اجتهدت الحكومة السورية في الفترة السابقة ولاتزال بخصوص خلق مناخ استثماري مناسب، وهذا المناخ الاستثماري المناسب يقصد به جمع المدخرات المحلية داخل الاقتصاد وتوجيهها باتجاه الاستثمار، وجذب الاستثمارات الخارجية إن كانت من سوريين أو من عرب أو من أجانب، ما استدعى اتخاذ الكثير من التدابير والإجراءات من أجل تحسين المناخ الاستثماري في سورية وصدور العديد من التشريعات الاقتصادية العامة والخاصة بالاستثمار بشكل خاص؛ كهيئة الاستثمار والقرارات التي تمخضت عنها، إضافة إلى الإعفاءات وكل عناصر الجذب لمثل هذا الاستثمار».

إن التنمية المستدامة هي تنمية اقتصادية واجتماعية مع أخذ كل المتطلبات البيئية بالاعتبار، وهذا يعني عندما أريد استخدام الطاقة من أجل التنمية المستدامة يجب أن اتوجه باتجاه الاقتصاد الأخضر والعمارة الخضراء والطاقة الخضراء، وكل شيء يقلل من حرق الوقود، فالطاقة من أجل التنمية المستدامة يعني ترشيد استخدام الطاقة أو تحسين كفاءات استخدامها، واستخدام تقنيات الطاقات المتجددة، والعمل على نشر ثقافة الترشيد لدى المواطنين جميعاً

يتابع الدكتور "عامر": «كما أن الخطة الحادية عشرة القادمة ستجتهد على توسيع وتعميق مناخ الاستثمار لكي يصبح جاذباً بدرجة أعلى للاستثمارات المحلية، العربية والأحنبية، وهنا يقتضي الأمر زيادة التحضيرات الخاصة بخرائط الاستثمار، وإذا كنا في البداية نتحدث عن المزايا النسبية للاقتصاد السوري عامة، فمن الآن فصاعداً سنتحدث عن المزايا النسبية للمحافظات، وضمن هذا المنطق يأتي مؤتمر الاستثمار ليغطي المزايا النسبية وفرص الاستثمار واكتشافها الخاصة بالمنطقة الجنوبية، فإذاً المؤتمر هو استجابة لتعميق مناخ استثمار جاذب لهذه الاستثمارات وفي الوقت ذاته استجابة لشرح المزايا النسبية الخاصة في المحافظات وليس في القطر السوري، لذلك نرى في المؤتمر أن المشروعات المعروضة تنضوي تحت عناوين، وتلك العناوين لها علاقة بالمزايا النسبية الموجودة في نفس المنطقة، فالمنتجات الزراعية تتطلب صناعات زراعية، والأوابد الأثرية تتطلب مشروعات سياحية، وكل هذه الموضوعات لها علاقة بمؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية».

هيئة الاستثمار السورية

ويؤكد المعنيون أن مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية هو بداية لفتح باب الاستثمارات أمام السوريين المغتربين والإخوة العرب والأجانب، وخلال سؤالنا عن الجديد في هذا المؤتمر عن المؤتمر الذي سبقه في المنطقة الشرقية أجابنا الدكتور "تامر الحجة" وزير الإدارة المحلية في لقاء خاص: «إن الاستثمار في سورية أصبح له خطوط واضحة وعريضة وبالتالي أصبح نوعياً، فعندما نقيم مؤتمر الاستثمار في المنطقة الشرقية نرغب من خلاله تسليط الضوء على المشاريع الاستثمارية في المنطقة الشرقية، والآن نحن في المنطقة الجنوبية ذات الطبيعة المختلفة عن الطبيعة في المنطقة الأخرى المذكورة، وبالتالي ما نرغب به هنا الإضاءة على المشاريع الاستثمارية في المنطقة الجنوبية، حيث هناك عدة مشاريع استثمارية من قبل الوزارات المختصة في الدولة، كما أن الإدارة المحلية لديها مشاريع استثمارية كبيرة في المنطقة الجنوبية، حيث هناك ثلاثة مطامر في المنطقة سينتج عنها معامل للسماد ولإعادة التدوير، ويمكن أن تكون الاستثمارات بمئات الملايين، إضافة إلى أن الإدارة المحلية لديها فكرة في تطوير المناطق الصناعية، فإننا نسعى لخلق بؤر تنموية في هذه المحافظات وبنفس الوقت لتشغيل العمالة الموجودة بدلاً من ترحيلها من منطقة إلى أخرى، كل هذه القضايا إضافة إلى قضايا أخرى كانت حديث مؤتمر الاستثمار، بالإضافة إلى مزايا الاستثمار في سورية التي أصبحت واضحة وتدل على أنه لم يعد هناك حواجز بين المستثمر والحكومة، وهذه أهم نقطة خطتها سورية نحو عدم وجود وسطاء بينهما، فيمكن لأي مستثمر الاتصال بالمسؤولين من أجل استثمار المشاريع في المنطقة، وذلك من أجل التحدث ببعض المشاريع الاستثمارية الكبيرة والهامة التي تسعى الحكومة جاهدة إلى تقديم يد العون لها».

يتابع "الحجة": «في هذه المناسبة نصرح بأنه في الشهر السابع من هذا العام سيكون هناك مؤتمر للاستثمار الأول العقاري الذي نتعاون في وزارة الإدارة المحلية مع وزارة الإسكان من أجل إطلاق أكثر من خمسة وأربعين منطقة استثمار عقاري في سورية إضافة إلى المناطق التي لدى المطورين العقاريين الخاصين لطرحها، فهناك 13 شركة تم تأهيلها من هيئة الاستثمار والتطوير، فلديهم أكثر من مئة مطور عقاري يرغب بالاستثمار، وبالتالي سيكون هناك مجال جديد في سورية هو مجال الاستثمار العقاري».

بحضور معنيين من الدولة

أما من المستثمرين المشاركين في المؤتمر فالتقينا بالدكتور "واكد شعلان" من "الجولان" مغترب في روسيا ليحدثنا عن أهمية إقامة مؤتمر استثماري في المنطقة الجنوبية وبحضور وفود من الدول العربية والأجنبية: «إن إقامة مؤتمر استثماري بحضور مغتربين سوريين عن الاستثمار في المنطقة الجنوبية له أهمية كبيرة في جلب الخبرات السورية المغتربة إلى سورية وفتح المجال أمامهم في العمل على المجال الاستثماري فيها، إن سورية اليوم اختلفت بدرجات متفاوتة في مجال الاستثمار، حيث نرى أن هناك إقبالاً كبيراً من المستثمرين السوريين في خارج سورية إلى الاستثمار في بلدهم وذلك يعود إلى فتح المجال الملائم لمشاريعهم هنا، وأنا بدوري وخلال مشاركتي في مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية أسعى لجلب الشركات المهتمة لفتح مشاريع استثمارية في البلد، حيث وقعنا على عدة عقود في مجال الاستثمار في سورية من خلال عدة مشاريع في المنطقة الجنوبية، وسنسعى جاهدين إلى إلى تطوير قاعدة الاستثمار فيها وذلك طبعاً بمساعدة الحكومة التي وعدتنا أن تفتح المجال أمامنا بتوفير البنية التحتية وما إلى ذلك من تسهيلات».

الدكتور المهندس "محمد قرضاب" أستاذ في جامعة "دمشق" وخبير في مجال الطاقة من اجل التنمية المستدامة يحدثنا عن أهمية الالتفات في مؤتمر الاستثمار في المنطقة الجنوبية إلى مسألة التنمية المستدامة، وهنا يقول: «إن التنمية المستدامة هي تنمية اقتصادية واجتماعية مع أخذ كل المتطلبات البيئية بالاعتبار، وهذا يعني عندما أريد استخدام الطاقة من أجل التنمية المستدامة يجب أن اتوجه باتجاه الاقتصاد الأخضر والعمارة الخضراء والطاقة الخضراء، وكل شيء يقلل من حرق الوقود، فالطاقة من أجل التنمية المستدامة يعني ترشيد استخدام الطاقة أو تحسين كفاءات استخدامها، واستخدام تقنيات الطاقات المتجددة، والعمل على نشر ثقافة الترشيد لدى المواطنين جميعاً».

ويتابع حديثه عن المؤتمر: «هذا المؤتمر اعتبره نوعياً حيث جمع كل الناس الذين يرغبون بالاستثمار من جهة وكل الجهات الحكومية الداعمة لمشاريع الاستثمار من جهة أخرى، وهنا يقع على عاتق المستثمر أن يحصل على التسهيلات الحكومية التي تسهل دخوله إلى مجال استثمار المشاريع في المنطقة الجنوبية، وبعد حصوله على التراخيص اللازمة يحتاج إلى الكوادر المالية والمصادر البشرية والفنية للعمل في المشاريع المقامة، وهنا نصل إلى توسيع دائرة الاستثمار وتأمين فرص عمل للمواطنين في هذه المناطق، هؤلاء الذي سيكونون جزءاً من نجاح المشاريع الاستثمارية المقامة، فيجب على المستثمرين أن ينظروا إلى شركاء المشروع من المواطنين على أنهم شركاء بالعملية الاستثمارية، كما يحتاج المستثمر إلى تسهيل أموره أثناء تنفيذ المشروع من طرف الجهات المسؤولة، وذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة، وعلى الحكومة في المراحل الأخرى أن تهيئ له تصريف المنتج، فتسويق المنتج أساسي للمستثمر في مشروعه، إذاً هناك عناصر أربعة أساسية هي المشروع الاستثماري، الأموال اللازمة لهذا المشروع، الكوادر اللازمة، تسويق المنتج، تقديم التسهيلات المختلفة للمستثمر، وكل ذلك يساعد على خلق بيئة استثمارية صحيحة في سورية».