في دراسته لخفايا القصيدة العربية، وتناول أبعادها بطرقٍ تحليلية ونقدية أثمرت عشرات الدراسات في الأدب المقارن وبنية القصيدة المعاصرة، وتجاوز ذلك إلى المسرح الشعري العربي وجمالياته، وصولاً إلى التخصص في دراسة القصيدة بوصفها وحدةً عضويةً...

مشيراً إلى أهم الأخطاء الشائعة في الشعر العربي من الوحدة الصناعية والتكثر، يشير الدكتور "خليل الموسى" في لقائه مع موقع eDamascus إلى بعض هذه الرؤى النقدية فيبدأ مع المسرح قائلاً: «تتشابه بعض الظواهر في أدبنا مع المسرح الراهن، لكن بداية المسرح الشعري العربي جاءت على يد "مارون النقاش" في مسرحيته "البخيل" عام /1847/ حين نقل هذا الفن معه من أوروبا عبر أسفاره المتكررة إليها، ثم ظهر "أبو خليل القباني" فأخذ عن "آل النقاش" وتجاوزهم إلى المسرح الغنائي، لكنه واجه نقمةً عارمةً من السلطة الدينية فرحل إلى مصر».

تتشابه بعض الظواهر في أدبنا مع المسرح الراهن، لكن بداية المسرح الشعري العربي جاءت على يد "مارون النقاش" في مسرحيته "البخيل" عام /1847/ حين نقل هذا الفن معه من أوروبا عبر أسفاره المتكررة إليها، ثم ظهر "أبو خليل القباني" فأخذ عن "آل النقاش" وتجاوزهم إلى المسرح الغنائي، لكنه واجه نقمةً عارمةً من السلطة الدينية فرحل إلى مصر

  • يرى البعض أن "أحمد شوقي" هو الرائد الأول للمسرح الشعري العربي، ما رؤيتك النقدية للمسرح الشعري العربي؟
  • الدكتور خليل الموسى

    ** لم يكن "شوقي" يعرف المسرح مطلقاً، وهذا لا ينفي كونه أميراً للشعر العربي، ومما تناقله النقاد في دراساتهم ومنهم "إدوارد حنين" أن "شوقي غنى على المسرح ولم يقم بالتمثيل، أما ما أخذته عليه في نقد مسرحيته "مجنون ليلى" فكان جملةً من العيوب المعنوية والفنية منها إطالة الحوار إلى درجة القصيدة، وعدم تطابق النص مع المشهد المناخي المعيش في منطقة "نجد"، وعيوباً معنويةً منها قتل الصراع وتنافي المسرحية مع العادات، ولعل العيب الأكبر أن أبطال العمل تحدثوا بصوتٍ واحد هو صوت "شوقي" في حين يجب أن تتكلم كل شخصية اللغة التي تميزها، هذه الأصول تجلت في مسرح "توفيق الحكيم" الرائد الذي لن يتكرر في المسرح العربي بما عرفه عن أصول المسرح ثقافةً وعملاً.

  • كيف تقرأ المسرح التجديدي المعاصر؟
  • في اتحاد الكتاب العرب

    ** لن أتحدث عن مسرح اللغة العامية وإلا كنت توقفت عند "الرحابنة" وما حققوه على مستوى العالم، لكن "نجيب سرور" من رواد المسرح التجديدي فهو خرج من المسرح متجهاً إليه، أما في سورية فنجد أن البداية كانت متعثرة عبر أسماء منها "علي عقلة عرسان" و"خالد محي الدين البرادعي" لاتجاه الأديب نحو الكتابة في فنون الأدب وعدم التخصص، فهو يكتب الشعر والقصة والمقالة والرواية وللكبار والصغار، ومتأخرة لنقص الثقافة العامة وقلة الدراسات التحليلية النقدية، وهذا ناجم عن الوضع الاقتصادي للأديب في الوطن العربي عامةً وبعده عن الإبداع لعدم تفرغه للعمل الأدبي، إضافةً إلى تبعية الأدب للسياسة والفلسفة وعلم الاجتماع مقارنةً بالقرن الثامن عشر وما قاله "شيلنغ" بأن الشعراء يفتتحون لنا الدروب.

  • ما الذي غيّب وحدة القصيدة عن النقد الأدبي؟
  • د. حسين جمعة

    ** إن مصطلح وحدة القصيدة هو ما شغلني خلال دراستي لذلك كانت رسالة الماجستير تحت هذا العنوان وتزيد على خمسمئة صفحة تناولت خلالها وحدة القصيدة عند "أرسطو" و"ابن طباطبة" و"محمود العقاد"، لكن الوحدة العضوية للقصيدة ظهرت في كتاب "فن الشعر" لأرسطو الذي علمني الكثير وما زلت تلميذاً له، وما نقله "متى بن يونس" عن مصطلحات غير صحيحة في ذلك الكتاب كان سبب وقوع الكثير من فلاسفة العرب ومنهم "ابن رشد" و"ابن سينا" في الأخطاء، فأبدلوا مصطلح "الكوميديا" بالهجاء و"التراجيديا" بالمدح، وزادوا على ذلك بأن أعطوا أمثلة على هذين النوعين من الشعر العربي الغنائي البعيد عن المحاكاة والطبيعة الفنية المستقلة التي تميز الشعر الإغريقي، ثم تطرق النقاد إلى "نهج القصيدة" من الوقوف على الأطلال فوصف الديار ثم الحبيبة والمديح، لذلك فالقصيدة العربية ذات الصيغة الغنائية تفتقر إلى الشكل الموضوعي في وحدة المعنى بعيداً عن الشكل العضوي.

  • تناولت الوحدة الصناعية والوحدة العضوية، فما المقصود بهما؟
  • ** تشير الوحدة العضوية إلى تكامل القصيدة فلا تقبل التغيير، وأول من قال بهذه الوحدة "نجيب حداد" عام /1897/، وبقي هذا المصطلح بعيداً عن مفهوم النقاد ومنهم "العقاد" الذي سعى لحجز المكان بين الكبار بتحطيم بعض قصائد "أحمد شوقي" بتغيير بعض كلمات قصائده على أنها الأنسب والأصلح، أما مصطلح الوحدة الصناعية فيشير إلى القصيدة بوصفها نظماً لا إبداعاً، وهو ما قاله "ابن طباطبة العلوي" بأن القصيدة تبدأ من الأفكار وتسلسلها، ثم وضع القوافي وصناعة الأبيات وترتيبها وفقاً للغرض والمعنى بعيداً عن الإلهام، ويرى أن الجماليات في المعنى الشريف، ليقتل "ابن طباطبة" كل الجماليات وينفي ما قاله "عمر بن أبي ربيعة" و"امرؤ القيس" و"ابن الرومي" ويشوه الرقي في الشعر العربي الذي يحتاج إلى مخابر لغوية ودراسات جمالية وأسلوبية وتأويلية للوقوف عند بيتٍ من أبياته.

  • توصف الحداثة في قصيدة النثر بأنها تنفي عقم شعر التفعيلة، ما مدى صحة هذه المقولة؟
  • ** التمييز بين الأجناس الشعرية موضوع شائك، لكننا لا نستطيع إلغاء قصيدة الشطرين بوجود "جوزيف حرب" و"نزار قباني"، ولا قصيدة التفعيلة عند "السياب" و"محمود درويش"، وكذلك قصيدة النثر عند "أنسي الحاج"، فجمال الفتاة يبقى ولو لبست ثوباً من خيش، لكن الإساءة لقصيدة النثر تتجلى في تسمية كل خاطرة أو رسالة أو مذكرات تحت هذا المسمى، في حين أنها قصيدة مجانية قادرة على فعل الكثير من الأشياء، ويبقى الإبداع والقدرة على الوصول والتعبير عن الغرض الشعري السمة المميزة لكلٍ من تلك الأجناس.

  • ما تأثير الوضع السياسي في الحداثة الشعرية؟
  • ** هنالك مسميان يمكننا وضع الشعراء في خانتهم، "ملوك الشعراء"، و"شعراء الملوك"، شعراء لديهم قضية وأيديولوجية مثل "محمود درويش" الماركسي، و"فايز خضور" القومي الاجتماعي، فهما ينطلقان من المبدأ السياسي رغم وصولهما إلى درجة عالية من الإبداع، ونرى "أدونيس" يتنقل وفقاً لمصالحه في المبادئ السياسية، فهو يعرف من أين تؤكل الكتف.

    الدراسات النقدية في الشعر العربي القديم والمعاصر جعلت من الدكتور "خليل الموسى" من أهم النقاد المعاصرين في سورية بشهادة أبناء الوسط الأدبي ومنهم الدكتور "حسين جمعة" رئيس اتحاد الكتاب العرب والذي قال: «عند ذكر النقاد في سورية يبرز الدكتور "خليل الموسى" كأحد الذين تصدوا لمناقشة الأدب ونظرياته وعدد من الدراسات النقدية المعاصرة، ورغم تناوله لقضايا من الشعر الجاهلي والعباسي، فهو في الوقت نفسه تناول دراسة الأدب الحديث وغاياته، وقصيدة النثر التي عالجها من منظور الارتقاء بالأدب العربي عامةً والشعر الحديث بشكلٍ خاص، ولا ننسى دوره كناقد مترجم أفاد من معرفة اللغة الفرنسية ليدرس قصائد من الأدب العالمي ويترجمها ومنها قصيدة "البحيرة"، ففي كتابه "وحدة القصيدة بين أرسطو والنقاد القدماء" يحاول تلمس أثر كتاب "فن الشعر لأرسطو" في النقد العربي القديم مستعينا بمجموعة كبيرة من المصادر والمراجع ليتوقف عند طبيعة وحدة القصيدة وصفاتها كما تجلت في كتاب "فن الشعر"، وينتقل بعد ذلك إلى بيان كيفية انتقال هذا الكتاب من خلال الترجمة والتلخيصات التي تلت ذلك إلى بنية التقاليد الثقافية العربية في العصر العباسي، وبعد ذلك يناقش موضوع وحدة البيت في النقد العربي القديم على أساس أن وحدة البيت هي الوجه المقابل لوحدة القصيدة، ويتوسع إلى باب وحدة القصيدة كما تجلت في كتاب "عيار الشعر" وثانيا في كتاب "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" ليتوصل في الخاتمة إلى مجموعة من النتائج والآراء، أما المنهج الذي اعتمده فهو المنهج التحليلي الوصفي خاصةً في دراسة النصوص وتفسيرها، وكذلك اعتمد المنهج التاريخي التطوري لبيان صلة كتاب "فن الشعر" بالتراث النقدي العربي من جهة، وتطور وحدة القصيدة في هذا التراث من جهة أخرى».

    وعن دراسته "جماليات النص المفتوح في قصيدة "المتنبي" تحدث الأديب الدكتور "يوسف جاد الحق" فقال: «يتناول في دراسته النص بوصفه عالماً حياً ذا هوية وتاريخ، كما يتناول اتجاه ما بعد البنيوية في قصيدة "المتنبي" لتكوين دلائل لا نهائية عند الإشارة لصورتي "سيف الدولة" و"كافور"، ويتناول النص المفتوح بوصفه نقيض النص المغلق، وذا سمات بنيوية تسمح بسيرورة التأملات وتطور وجهات النظر وتقليب النص على جوانب مختلفة لاكتشاف ما فيه من كنوز دلالية خفية، وفيه من الاختلاف أكثر مما فيه من الائتلاف، فباطنه يشير إلى دلالات غير التي يشير إليها سطحه، وفيه معانٍ حاضرة، ومعانٍ غائبة، فهو مفتوح على خارجه ومتأثر به، أي إنه شبيه إلى حدّ ما بالشخصية النامية في الرواية، موّار بالدلالات والحركة الداخلية، ومختلف في بنيته بين سطحه وأعماقه كالجمر المتأجج تحت الرماد، ويُسَميه كذلك "النص الناقص" لأن مؤلفه لم يصرح بدلالاته كلها ويحرص على قراءته بالطريقة العادية والتأويلية لبيان الحكمة البلاغية».

    يشار إلى أن الدكتور "خليل الموسى" من مواليد عام /1942/، عضو مكتب تنفيذي لاتحاد الكتاب العرب- أستاذ في كلية الآداب بجامعة "دمشق" والمعهد العالي للفنون المسرحية- له ما يزيد على خمسة وعشرين عملاً روائياً ونقدياً في الأدب القديم والمعاصر نذكر منها:

  • الحداثة في حركة الشعر العربي المعاصر.

  • المسرحية في الأدب العربي الحديث.

  • عالم "محمد عمران" الشعري.

  • - بنية القصيدة المعاصرة.

  • قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر.

  • قراءات في شعرية الشعر العربي الحديث.

  • - آفاق الرواية.

  • ملامح من الرواية المعاصرة في سورية.
  • - الجماليات الشعرية.

  • الأدب المقارن من خلال المفهوم الفرنسي "التأثير" بعنوان "مبادلات شعرية".

  • خمس مجموعات شعرية هي: "أعشاب، أنثى القصيدة، مرايا الروح، ثلاثية الدم والنهار في أسفار المتنبي، العودة إلى أوروك".

  • إضافةً إلى معجم معاصر في النقد الأدبي يقوم على تجديده.