عم الشارع السوري حالة من الإرباك حيال مسألة الدعم الحكومي لمادة التدفئة، وما الطريقة الأنجح لإيصال هذا الدعم؟ ومن الشريحة المستحقة له من وجهة نظر الحكومة؟.

الدعم الحكومي لسعر صفيحة "المازوت" واستمرار طرحه بجدية من الحكومة منذ عام /2005/، عندما بدأت أسعار النفط ترتفع عالمياً، وتؤثر على السياسات الاقتصادية لدول العالم، وعندما وصلت هذه الأسعار إلى ذروة ارتفاعها عام /2008/، تحول الدعم الحكومي من الحفاظ على سعر صفيحة "المازوت" إلى إيجاد طريقة تحصر هذا الدعم على الوقود المستعمل للتدفئة فقط.

إن دفتر القسائم أو "الكوبونات" أعطيت على أساس دفتر العائلة، ولكل من يحمل دفتر عائلة يحق له الحصول عليها، أما الآن وحسب التعليمات الجديدة، فإن جزءاً من حملة دفاتر العائلة، يقدر على الأقل بين /10-20%/ لن يستحق الإعانة الحكومية، وبالتالي فإن عبء المساعدات الحكومية للإنفاق على المازوت، هو أقل مما كان عليه سابقاً. وفي حال كانت الحكومة تستورد "المازوت" لتلبية الطلب عليه، فمن المحتمل ألا تقوم بذلك في سنة /2009-2010/، بالقدر الذي كانت تقوم به سابقاً

"كوبونات المازوت" أولى الطرق التي اعتمدتها الحكومة في مسألة دعم وقود التدفئة سنة /2008-2009/، وكانت تقضي بأن يحصل كل شخص يحمل دفتر عائلة على دفتر من القسائم يخوله الحصول على /1000/ لتر من مادة "مازوت" بسعر /9/ ليرات للتر الواحد.

المستشار الاقتصادي "عبد الله أسامة المالكي"

سنة /2009-2010/ كان الدعم الحكومي على شكل منحة نقدية تعطى للمواطنين كبدل عن السعر المدعوم لوقود التدفئة، ولكن هذه المعونة المادية التي بلغت /10/ آلاف ليرة سورية اشترطت تعهداً للحصول عليها، يتيح لشريحة معينة دون غيرها الحصول على مبلغ الدعم، بالابتعاد عن الأخطاء الفردية التي رافقت التجربتين، نجد أن هناك توجهاً من الحكومة نحو دعم الفئات التي تقبع تحت خط الفقر، دون أن يؤثر هذا التوجه على التضخم أو رفع الأسعار.

موقع "eSyria" التقى المستشار الاقتصادي "عبد الله أسامة المالكي"، الذي أجرى مقارنة بين "المنحة النقدية" و"دفتر القسائم"، وتأثير كل منهما على الناتج المحلي الإجمالي حيث قال:

نسخة مصورة من التعهد الخطي

«إن دفتر القسائم أو "الكوبونات" أعطيت على أساس دفتر العائلة، ولكل من يحمل دفتر عائلة يحق له الحصول عليها، أما الآن وحسب التعليمات الجديدة، فإن جزءاً من حملة دفاتر العائلة، يقدر على الأقل بين /10-20%/ لن يستحق الإعانة الحكومية، وبالتالي فإن عبء المساعدات الحكومية للإنفاق على المازوت، هو أقل مما كان عليه سابقاً.

وفي حال كانت الحكومة تستورد "المازوت" لتلبية الطلب عليه، فمن المحتمل ألا تقوم بذلك في سنة /2009-2010/، بالقدر الذي كانت تقوم به سابقاً».

ورقة من دفتر القسائم

وتابع "المالكي": «"الكوبونات" توزع على العائلات خلال العام، وتستهلك من قبل المواطنين بالتدريج طوال العام، ودورة استهلاكها تعد طويلة نسبياً، أما المنحة النقدية فهي توزع على دفعتين- شهر كانون الأول من العام الأول والربع الأول من عام الثاني- ودورة استهلاكها تكاد تكون فورية وهي واضحة التأثير على الناتج المحلي، وخلال فترتين متقاربتين.

من جهة أخرى "فقسائم المازوت" كانت منحصرة بالإنفاق على "المازوت"، أما الصيغة الجديدة للدعم الحكومي- المنحة النقدية- فتصلح للإنفاق على مادة "المازوت" أو على غيرها من الاحتياجات المختلفة للشريحة المستحقة، وتأثيرها يمتد بسرعة ليصل إلى قطاعات اقتصادية متعددة».

"المالكي" أوضح القيمة الفعلية للمنحة وتأثيرها على الشريحة المستهدفة: «في العام الماضي بيع في الطرقات ما فاض من "القسائم" وحتماً بأقل من قيمته الفعلية، أما الآن فالشريحة التي تلقت الدعم الحكومي فاستعملت كامل مبلغ المنحة بنفسها، ولم تقلل منه شيئاً، بالتالي أثر هذه المنحة بدا واضحاً أكثر من "الكوبونات" على مجموع المتلقين وعلى الناتج المحلي الإجمالي.

وختم "المالكي" حديثه بذكر الميزات غير المباشرة للطريقة الجديدة وعن ذلك يقول: «إن التعهد المطلوب هو صيغة حضارية متقدمة- بالنسبة للقطر العربي السوري- تعزز للمواطن كرامته وتشعره باحترام الدولة له، فالحكومة تطلب منه أن يقدم طلباً للحصول على المنحة إذا كان ضمن شريحة معينة، محددة بعدة ضوابط، وألا يلجأ إلى أخذ المعونة المالية إن لم يكن مستحقاً لها.

هذه خطوة في نظري لها أبعادها الايجابية أكثر وأعمق من مجرد الحصول على المعونة وإنفاقها، فهي تحفز المواطن ليبرهن أنه الجدير بثقة الدولة له، وتمهد الطريق للمزيد من التعاون بين الدولة والمواطن يقوم على أساس من الثقة والفهم المتبادل».

يذكر أن المستشار "عبد الله المالكي" من مواليد "دمشق" عام /1931/، عمل مدرساً لمادة الإحصاء في عدة كليات للاقتصاد في "الولايات المتحدة الأميركية"، قبل أن يشغل منصب مستشار اقتصادي في "مصرف الإمارات العربية المتحدة".