كثيرة هي الأشياء والأمور التي بسبب قلة المعلومات عنها ننظر إليها من زاوية مختلفة، ولو إطلعنا عليها عن كثب لأختلفت تماماً وجهة نظرتنا إليها، الطريقة "المولوية" هل هي مجرد رقصة واستعراض أم إنها فلسفة خاصة؟.

eSyria بتاريخ 1/11/2009 ولمعرفة المزيد عن هذه الطريقة توجهت إلى جامع "المولوية" الذي (يقع في شارع "النصر" مقابل "محطة الحجاز")، دخلنا الجامع عند فترة صلاة الظهر بهدف التكلم مع إمامه عن الطريقة، لكنه أخبرنا أنه لا علاقة لتسمية الجامع بالطريقة "المولوية" وأن كثيراً من السياح يأتون إلى هنا ظناً منهم بارتباطه "بالمولوية"، وقبل خروجنا أرشدنا إلى التكية التابعة "للمولوية" وتحديداً جامع "السادات الصغير"، الذي يقع بعد مقام السيدة "رقية" بعشيرن متراً على نفس الشارع، وأخبرنا أنها تمارس حلقات الذكر كل يوم الأحد والخميس بعد صلاة العشاء.

استمتع لمشاهدتها. وأظن أن نشأتها تركية أي زمن العثمانين

ذهبنا هناك يوم الأحد وبعد إقامة صلاة العشاء تماما التي أقيمت في الجامع انتشر المصلون على شكل حلقة كبيرة وأصبحوا يذكرون الأوراد (الأوراد هي ذكر الله سبحانه وتعالى) وبعد حوالي ساعتين من ذكر الأوراد، نهضوا جميعا ًوأخذ كل منهم بيد الأخر وأصبحت أصوات الدفوف ترتفع في حين كانت حركات الجسم هي الانحناء والوقوف مع ذكر اسم الله بأعلى صوت ممكن، ومع انتهاء الحلقة التي استمرت ساعة سألنا أحدهم هل هذه طريقة "مولوية"؟

المولا "جلال الدين الرومي" مؤسس المولوية

أجاب مبتسماً لا إنها طريقة "شاذلية" لكنها قربية جداً من ناحية الأوراد للطريقة "المولوية"، كما أن هناك من يخطأ، ويأتي لحضور الحلقة هنا.

وهنا لا بد من الإشار أننا ذكرنا هذه المقدمة حتى نزيل الالتباس الموجود بين الطريقة "المولوية" والطرق الأخرى كي لا أحد يقع بالخطأ، وبعد جهد التقينا الشيخ "محمد سراج الدين" وهو باحث في تاريخ الإسلام ومدرس حلقات علم بجامع "أبي النور" كانت البداية عن أهمية الطرق الإسلامية، وما السبب الذي أوجد تلك الطرق؟ فتحدث لنا قائلا:

لوحة رسم تمثل رقصة المولوية

«إذا كان للفن مدارسه مثل المدرسة الواقعية والسريالية والتجريدية....وللأدب مدارسه أيضاً كالواقعية الجديدة والواقعية القديمة والإبداعية، حيث تعبركل من هذه المدارس بأسلوبها وطريقتها الخاصة للفن والجمال،كذلك الإسلام. لانقول مدارسه بل طرقه أو مذاهبه.وطرق مفردها طريقة وسميت طريقة بمعنى الطريق الموصل الى الله سبحانه وتعالى وعبادة الله كما يجب حيث هناك طرق كثيرة في الإسلام منها اندثرت كـ "الأشاعرة" و"المشبهة" ومنها مازلت موجودة إلى يومنا هذا كـ "القادرية" و"الكيلانية" و"الصوفية" وتعتبر "الصوفية" أهم الطرق الموجودة في الإسلام»

  • كيف نشأت الطريقة "المولوية"، وكيف كانت البداية الأولى للطريقة؟
  • مرحلة الدوران

    **أولاً مؤسسها هو مولانا "جلال الدين الرومي" المولود في "خراسان" عام 604هــ1207مــ عاش "جلال الدين الرومي" في عهد اضطرابات وحروب من فتنة "جنكيزخان" حتى حروب "الفرنجة" وما صاحب ذلك من مظاهر القتل والتخريب. كما ظهرعدة فرق ومذاهب مختلفة مثل "المعتزلة" و"الخوارج " التي أحدثت شرخاً في صفوف المسلمين، فرأى مولانا ضرورة ظهور دعوة تهدف إلى الحفاظ على الإسلام ودعوة المسلمين إلى التمسك بالعروة الوثقى والحفاظ على وحدتهم .من هنا جاءت الطريقة "المولوية"، لذلك نرى فيها التسامح الكبير لجميع الناس. كما يسمح لحضور حلقات الذكرالخاصة للمولوية للمسلمين على اختلاف مذاهبهم وطرقهم ولغير المسلمين أيضاً.

  • أين تمارس حلقات الذكر" للمولوية" هل في جامع أم لها مكان مخصص لها؟
  • ** تمارس طقوس "المولوية" في مكان يسمى (السمعخانه) وتعني مكان السمع بالتركية أو (التكية المولوية).

  • ماهي أهم المدن التي توجد فيها الطريقة؟ وأين مركزها الرئيسي؟
  • ** المركزالرئيسي لها في مدينه (قوينة التركية) حيث يوجد ضريح مولانا "الرومي" كما يوجد فيها متحف خاص" للمولوية" بالإضافة إلى أقدم تكية يعود تاريخها إلى نشوء "المولوية"، ويوجد لها مراكز في "استانبول" و"غاليبولى" و"حلب".

  • كيف انتشرت "المولوية" في بلاد الشام؟
  • ** جاء انتشار "المولوية" في بلاد الشام مع قدوم العثمانين، واشتهرت "المولوية" في مدينة" حلب"، فكان لها جوامع وزوايا منها جامع "المولوية" في منطقة" باب الفرج".

  • ما معنى كلمة "الدرويش" عند الطريقة "المولوية"؟
  • المريد المولوي يسمى "الدرويش" أي الفقير. وهو أحد أتباع الطريقة.

  • مم يتألف لباس "الدراويش"؟
  • ** يرتدي "الدراويش" عباءة سوداء تسمى (حركة) بشد الحاء. وتدل على العالم المادي أو القبر.وقبعه عالية ذات لون بني تدل على شاهد القبر،وألبسة بيضاء فضفاضة تدل على الروح.

  • كيف تبدأ حلقة الذكر عند "المولوية"، وما هي طقوسهم؟
  • ** تبدأ حلقة الذكر عادة بتلاوة عشر القرآن الكريم. ثم الابتهالات والأدعية وذكر الأوراد الخاصة بالطريقة. ويبدأ رئيس التكية بذكر (فاعلم أنه لا اله الا الله)، ويقوم أفراد الحلقة بترديدها.ثم يقول مستغيثاً (يا فتاح ياعليم المدد يارســول الله المعتمد). ثم تتوالى بعد ذلك فقرات حلقات الذكر، ويمنع استخدام آلات الموسيقى باستثناء الدفوف والناي. حيث يعتبر صوت الناي عند "المولوية"( وسيلة للجذب الإلهى). ويشبه صوته أنين الإنسان للحنين إلى الرجوع إلى أصله السماوي في عالم الأزل.

  • إلى ماذا تدل رقصة "المولوية" وكيف تبدأ؟
  • ** عندما يأمر رئيس التكية بالرقص. ينهض "الدراويش" ويبدؤون بالدوران بطريقة فنية خاصة. فينزعون عنهم العباءات السود (دلالة على خلاصهم من الواقع المادي)، وتظهر ألبسة بيضاء، ويبدؤون بالدوران على ايقاعات الإنشاد الديني، ويكون دورانهم سريعاً، فتنفرد ألبستهم الفضفاضة، وتصبح نتيجة الدوران السريع مرتفعة عن الأرض، وتعني أن أراوحهم ارتفعت عن العالم المادي، وتطلق الأيدي إلى الأعلى دلالة على اندماجهم في مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحي التي تأخذهم إلى الوجود الإلهي.عندها ينمو المريد في الحب، وتتخلص نفسه من الأنانية لتعانق الكمال والعالم الأزلي، فتتغذى منه، وتسمو، ثم تعود من هذه الرحلة الروحانية إلى العالم المادي بكل طهارة وصفاء ونضج بحيث يستطيع "الدرويش" أن يحب كل إنسان ويقوم بخدمته.

  • كيف تفسر انتشار" المولوية" في جميع أنحاء العالم ؟
  • ** مع التسامح وحب الناس جميعاً.انتشرت "المولوية" في جميع أنحاء العالم، ومازالت تمارس إلى يومنا هذا حتى أصبحت فلكلوراً وطابعاً ثقافياً للمدينة التي تتواجد فيها.

    ومع نهاية اللقاء مع فضيلة الشيخ قمنا بجولة قصيرة في شوارع "دمشق" لنتعرف على مدى معرفة الناس بالطريقة "المولوية". السيد" حسام العمري" طالب في جامعة "دمشق" يقول: «أشاهدها على التلفاز فقط، وأظنها عبارة عن رقصة إسلامية، لا أكثر»، أمّا السيد "جوان الحسن" بائع أجهزة كهربائية فيقول:« معروف أن الدراويش طيبون و زاهدون في الدنيا، لكن عن الرقصة المولوية،فاعذرني لا أعرف شيئاً عنها»، ويراها المحامي الأستاذ "حنا زيا نيسان" رقصة إسلامية، ويقول:« استمتع لمشاهدتها. وأظن أن نشأتها تركية أي زمن العثمانين».

    السيدة أم مهند ربة منزل كان رأيها:« هي بالأصل طريقة إسلامية، لها فلسفتها الخاصة، لكن مع مرور الزمن اقتصرت على الرقصة فقط. أظن أن المولوية اندثرت، ولم يبق منها سوى الرقصة».