«يقول مؤسس التحليل النفسي "فرويد": «إذا أراد الإنسان أن يتحرر فعليه أن يقتل أباه»، "مش بالسكين" يعني التحرر من سلطة الأب، هي الصورة المصغرة للديكتاتور لأن سلطة الإكراه تحول دائماً بين الابن وبين التحرر، وإذا كان الإعلام استمراراً لمثل هذه القضايا السائدة فنتيجته الصفر».

هذا ما تحدث به أستاذ الفلسفة في جامعة "دمشق" الدكتور "أحمد برقاوي" في مقرّ الهيئة السورية لشؤون الأسرة بورشة عمل حول "العنف الأُسري والإعلام" لموقع eSyria بتاريخ 14/7 /2009، وأضاف يقول: «ما العنف بدايةً ؟ كل فعل إكراهٍ يؤدي الى إيذاء جسدي أو معنوي هو عنف، فالعنف إذاً إكراه، وفي إطار مناقشة العنف لا مجال للحلول الوسط ولا للمساومة في قضايا كبرى من هذا القبيل مرتبطة بمستقبل البشر إما مع العنف أو ضد العنف، حتى لو كانت مبررات العنف موجودة في عاداتنا وقيمنا يجب أن نحطم هذه القيم التي تبرر العنف مهما كانت هذه القيم، وبالتالي هذا الإكراه خطورته أنه يمارس في مؤسسة حميمة هي الأسرة؛ والأسرة أكثر المؤسسات التي أنتجتها البشرية حميميةً، والإعلام يجب أن يعتنق ثقافة متجاوزة كي يترك أثراً في وعي الناس، ونريد من الإعلام أن يخلق وعياً جديداً بقيمة الإنسان، وبالتالي الإعلام في عالمنا متنوع ومرتبط بإيديولوجيا سلطة، والإعلام عليه أن يضغط لسن قانون يحمي البشر من العنف، ويحمي أفراد الأسرة من العنف، فالإعلام له أهميته عندما كانت ظاهرة العنف ظاهرة ثقافية وتاريخية ونعالج المشكلة بارتباطها بالإعلام، فعلى الإعلام أن يتوجه بشكل قوي بكل الجوانب المرتبطة بأسباب العنف من السيسيولوجيين والسياسيين والفلاسفة وعلماء الدين.. الخ، ربما من الأهمية بمكان أن يكون هناك مراكز بحث خاصة بالعنف الأُسري».

يمارس العنف دون معرفة أو وعي وهناك الكثير من الإحصائيات تقول أن المرأة هي تقبل، وتقول إنه من الحق أن تضرب إذا كانت مثلاً تهمل أولادها، ونحن _بطبيعتنا الشرقية خصوصاً في "سورية" وجوانبها_ جامدون، ولا نحب إظهار العواطف وعلى هذا يجب أن نؤكد أنه حتى التربية العاطفية، وإظهار العاطفة ليس ضعفاً، إنما قوة وثيقة بالنفس، والعنف الثقافي هذه النقطة يجب أن ننطلق منها، وهنا أيضاً أريد أن أؤكد أن الأم تمارس عنفاً ضد البنات بشكل خاص

الدكتورة "فريال مهنا" أستاذة الإعلام في جامعة "دمشق" أوضحت قائلة: « لابد أن نعرف من أين نشأ هذا العنف وما هي أسبابه، فهناك جملة من المفاهيم تستند إليها الأسرة ينجم عنها العنف، خاصةً العنف الكامن والمتواري وفي اعتقادي أن الأسرة العربية والأسرة الإسلامية تواجد فيها عوامل هذا العنف بمختلف أشكاله، لأن الأسرة قائمة على مفهوم الطاعة، وأجد أن الطاعة التي جرت شرعنتها أصبحت هي طاعة مشرعنة وهي قوام الأسرة والتي جاءت من مصادر مقدسة، لذا ميزت في عمليات تصنيف العنف بين العنف الكبير والعنف الصغير، فالأول هو عنف مادي ظاهر للعيان نستطيع أن نعرفه وندركه بسهولة وهو موجود في إطار الجماعات و بين الشعوب التي نراها في بعض الأماكن، والعنف الصغير أو "الماكرو عنف والميكرو عنف" وهو العنف الذي يتحرك في قواعد معينة تبدأ من الأسرة، وهو بدوره عنف ظاهر مادي، وهو عنف كامن ومتوارٍ وليس مادياً، ولكنه يسري داخل هذه الخلية الأساسية في المجتمع وهي الأسرة».

المهندسة سيرا استور

وطرحت الدكتورة" فريال مهنا" بعض الحلول قائلة: «يجب ألا نعالج النتائج، يجب أن نغير في بنية وتركيبة الأسرة، أن نغير في الأدوار الأُسرية، وأن نغير في علاقات أفراد الأسرة، مع أن الطاعة هنا تمثل محطة مهمة جداً، ويجب أن نحل الإشكال الموجود حولها، تعرفون الأسرة هي الخلية الأساسية، لأنها هي التي تركيب المجتمع ككل من الأسرة، عبر هذه المفاهيم تنتقل هذه المسائل أو هذه التركيبة لتشمل المجتمع ككل، ومن تلك المفاهيم وجملة من القيم الأخرى التي يقوم عليها المجتمع بأسره في مختلف مستوياته ينشأ عنف الامتثالية؛ وهي قيمة في تعريفها قريبة جداً من الطاعة والامتثالية، وهي خصيصة أصبحت من خصائص المجتمعات العربية والإسلامية، هذه الامتثالية كرست حالة من الاستاتيكو ضمن هذا المجتمع .. انطلاقاً من القناعة هناك بأن التسليم بالسكونية تضمن استقرار المجتمع وتضمن سلمه الأهلي .. وتمتّن دفاعات هذا المجتمع ضد رياح تغييرية داخلية وخارجية تدخله في متاهات العصر، وقد تعرضه لتجارب ومحن تحتوي على كثير من المخاطر .. هكذا هو الاعتقاد .. هذا النوع من الامتثالية المعممة في كل المجتمع والمعززة بالطاعة من الخلية الأساسية وهي الأسرة».

وأختتمت الدكتورة "فريال مهنا" بالقول: «نحن بحاجة إلى الإعلام البديل، وهو إعلام بإمكانه أن يتغلغل ويدخل كل بيئات المجتمع، لأن هناك الثقافة العامة، وهناك الثقافات الفرعية يجب أن ندخل إليها ونتحرك بها، لكي نتمكن من التأثير، وأن نضع أسس كيفية تحرك الإعلام الرسمي، وكيفية الاستفادة من هذه المناطق، وأن نتحرك بالإعلام البديل ونضع بعض الخطط ضمن هذا الإعلام البديل الذي هو فعّال جداً، وأكثر تأثيراً من الإعلام التقليدي "الإعلامي والتلفزيوني"، أتمنى على الهيئة السورية أن تتحرك على الأرض، وأن نحدد أين هو الإعلام الفاعل، وأن نتحرك على كل جبهات الإعلام».

جانب من الروشة العمل

ثم تحدثت الأستاذة المهندسة "سيرا أستور" رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالقول: «يمارس العنف دون معرفة أو وعي وهناك الكثير من الإحصائيات تقول أن المرأة هي تقبل، وتقول إنه من الحق أن تضرب إذا كانت مثلاً تهمل أولادها، ونحن بطبيعتنا الشرقية خصوصاً في "سورية" وجوانبها جامدون، ولا نحب إظهار العواطف وعلى هذا يجب أن نؤكد أنه حتى التربية العاطفية، وإظهار العاطفة ليس ضعفاً، إنما قوة وثيقة بالنفس، والعنف الثقافي هذه النقطة يجب أن ننطلق منها، وهنا أيضاً أريد أن أؤكد أن الأم تمارس عنفاً ضد البنات بشكل خاص».

وفي نهاية الورشة تم الإجابة على تساؤلات الإعلاميين من قبل المحاضرين ورئيسة الهيئة.