نظمت منظمة الهلال الأحمر العربي لجنة المتطوعين الشباب، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وجمعية روّاد الأعمال الشباب ورشة عمل بعنوان "مهارات الحياة والعمل" تم تصميمها لمساعدة جيل الشباب لأخذ زمام الأمور بحياتهم، وزيادة الفعالية بالعمل، والوصول إلى السلام الداخلي ومع أن ورشة العمل هذه تبحث بموضوع إدارة الوقت، إلا أنها بحثت أيضاً فيما وراء ترتيب المواعيد وتنظيم حركة المهام.

موقع "eSyria" بتاريخ 8/ 7/2009 كان على مسرح كلية "الفنون الجميلة" لحضور اليوم الثاني من ورشة العمل على التوالي، من هناك وقبل البدء بالمحاضرة حدثنا الأستاذ "باسل نصري" محاضر الورشة ومندوب جمعية روّاد الأعمال الشباب: «نسعى من خلال ورشة العمل هذه أن نقدم المساعدة وبشكل عملي لفهم المبادئ الرئيسية الثلاثة التالية، أولاً اكتشاف ذاتك؛ قيمك الحاكمة، دورك ورسالتك في الحياة، ومن ثم تخطيط برنامجك اليومي والأسبوعي بتناغم مع ذلك الدور وأهدافك طويلة الأمد، والتوصل إلى التوازن بين حياتك الشخصية والعملية، إضافة إلى التنفيذ حسب الخطط الموضوعة وحول القيم الحاكمة المكتشفة».

لتعرف قيمة شهر واحد اسأل الأم التي وضعت طفلاً غير مكتمل النمو

كان قد تطرق الأستاذ "نصري" خلال اليوم الأول من الورشة إلى تعريف الأنماط المبنية مسبقاً: «هي عبارة عن خرائط نرسمها في عقولنا تساعدنا على فهم وتفسير العلاقات والظواهر من حولنا، فالأشخاص هم نتاج معرفتهم وخبراتهم، وكما أنه لا يمكن أن يتشابه شخصان تشابهاً كلياً بالمعرفة والخبرة كذلك فإنه لا يمكن لأشخاص مختلفين أن يتماثلوا في أنماطهم المبنية مسبقاً».

أما التعريف الثاني تمحور حول الإنتاج: «هذه القدرة هي جميع الإمكانيات المادية والمعنوية المتاحة لدينا والتي تمكننا من الحصول على الإنتاج، ولتعزيز التوازن الفعّال بينه وبين القدرة على إنجازه؛ فيجب أن يراعى أولاً التوازن بالاستثمار فلا يمكن الحصول على عائد دون الاستثمار المسبق، ودفع الثمن لأنه لا توجد طرق مختصرة وحلول سحرية سريعة، أيضاً عدم البحث عن العائد السريع بل إعطاء الوقت الكافي للآلة كي تنتج، كما يجب عدم الانتظار حتى يصبح التغيير مستحيلاً ولا مجال للإصلاح، والأهم نزع فكرة (ما دام كل شيء يعمل فكل شيء على ما يرام)، وتذكر أن الذبحة الصدرية قد تتفاقم دون عوارض مسبقة محسوسة».

كما تطرق "نصري" إلى أهمية بناء رصيد عاطفي من خدمة الزبائن، وآخر من ولاء الموظفين، كما وضّح ضرورة التفكير بطريقة الربح المتبادل WIN-WIN، أما عن الأسباب التي تمنع التفكير بهذه الطريقة: «الطرف الآخر لا يفكر بطريقة الربح المتبادل، أو ليس مهتماً به، لأنه في موقع الرابح، أو أن يكون الطرفان لا يتمتعان بنفس المستوى من النضج الفكري، إضافة إلى التشاؤم، ووجود نظام عمل لا يسمح بالربح المتبادل، وفي النهاية بكل هذه الأحوال يجب تقدير الطرف الآخر وليس التعاطف معه».

جانب من الحضور

ثم انتقل الأستاذ "نصري" خلال جملة التعريفات التي طرحها: «إن الأمور التي تقع ضمن دائرة تأثيرنا تحدد في إطار أنفسنا بالدرجة الأولى، ثم الأمور التي نستطيع فعل شيء بشأنها، والأمور التي يمكننا التأثير بها».

ولكي نستطيع توسيع دائرة تأثيرنا يستعرض "نصري" جملة من القواعد: «علينا التركيز على رصيدنا العاطفي لدى الآخرين، لنوازن بين الإنتاج والقدرة على الإنتاج، والعمل خارج نطاق أعمالنا لكن ضمن نطاق تأثيرنا، والتعاون مع الآخرين والتركيز على نقاط قوتهم وليس نقاط ضعفهم، اقترح وانصح، كن صبوراً وجرب أكثر من مرة بطرق مختلفة، لا تيأس، عامل الآخرين على أنهم أناس فاعلين فكلما كانوا غير مسؤولين كان عليك تذكيرهم بمسؤولياتهم، عش مبادئك ولا تكن منظراً، كن دائماً مستعداً لخدمة مجتمعك فلا شيء يشعرك بالسعادة أكثر من العطاء، الإحساس بالألم أمر لا يمكن رده، لكن الشعور بالشقاء من اختيارك، امتلك رؤية مستقبلية وإحساساً عالياً بمعنى العمل الذي يتوجب عليك، ركز على ما تستطيع فعله ليس على ما لا يمكنك عمله، وفي النهاية إذا لم يكن لديك علاقات مع الآخرين فلن تستطيع التأثير بهم».

أختبار للأنماط المبنية مسبقاً

الجانب الأكثر أهمية كما بدا من خلال مشاركة الحاضرين للورشة وتفاعلهم هو موضوع إدارة الوقت، والأستاذ "نصري" حسب دراسته وخبرته يرى أن التعامل مع الوقت عادة يكون تعسفاً، إهمالاً، وإساءة.

وعن إدارة الوقت يضيف: «يعجز معظم الناس عن فعل كل ما يريدون خلال حياتهم فغالباً يقولون أنهم لا يملكون الوقت الكافي، ولحل هذه المشكلة علينا معرفة عناصر الوقت من ثم التحكم بتلك العناصر، فبشكل أساسي التحكم بالأحداث هو مفتاح التحكم بالوقت، ومن الطبيعي أن يؤدي التحكم المناسب بالأحداث إلى إنتاجية أفضل، ما يؤدي إلى الشعور بالسلام الداخلي».

آخر الأفكار التي تطرق لها الأستاذ "باسل نصري" ونقلها لكل من اهتم بالعنوان "شو هو هدفك؟" الذي اختير ملخصاً إعلانياً لورشة العمل هذه كانت: «علينا اكتشاف دورنا في الحياة اكتشاف العلاقات الهامة، اكتشاف المسؤوليات تجاه تلك العلاقات، اكتشاف الرسالة المهمة التي تتجسد ضمن عدة أسئلة: ما أعظم لحظات سعادتي؟، ما أكثر النشاطات التي تعنيني في حياتي الشخصية؟، ما أكثر النشاطات التي تعنيني في حياتي المهنية؟، ما مواهبي وقدراتي ومقوماتي ونقاط قوتي الطبيعية؟، ما الأمور التي أتحمس وأُسحر وأُغرم بها؟، كيف يمكنني أن أساهم بأفضل شكل في مجتمعي؟، وذلك لنصل إلى قانون طبيعي عندما نكتشف ما هو مهم بالنسبة لنا فإن جميع قراراتنا واختياراتنا ستنسجم مع ما هو مهم بالنسبة لنا».

ابتسامة الأستاذ "باسل نصري" خلال محاضرتيه "مهارات الحياة والعمل" التي لم تغب منذ البداية رافقت كلمات النهاية لتكون ومضة خاطفة سريعة تترك بمدلولها أثراً عميقاً: «لتعرف قيمة شهر واحد اسأل الأم التي وضعت طفلاً غير مكتمل النمو».

حالة من الشرود مع الذات والبحث عن الصواب أكثر ما كان يتداول أمام الباب الخارجي لكلية الفنون الجميلة بانتهاء يومي ورشة العمل، وهنا التقينا الشابة "دينا مارديني" وخلال لقائنا معها حدثتنا: «هذا النوع من المحاضرات بالغ الأهمية بالنسبة لنا كجيل الشباب فنحن نبحث عن ذاتنا وعن قواعد دقيقة لحياتنا وهذه المحاضرة كانت تشبه أحداً أخذ بيدنا لمرورنا بأحد الجسور المربكة التي تعترضنا، وأكثر ما شعرت بأنه يهمني التفكير به خلال المحاضرة هو ضرورة تغيير الأنماط المبنية مسبقاً».