في زمن تكثر فيه الأمراض المعدية بكثرة، ويتوجه الأطباء للتخصص في دراستهم لتكون الطرق العلاجية أكثر دقة وفاعلية وتعمقاً عند تشخيصهم للحالة المرضية، إلا أنه ثبت علمياً أن أغلب الأمراض الجسدية من الممكن علاجها نفسياً مهما كانت مزمنة، لتحقيق معادلة "مصلحة المعالَج (المريض) أولاً"، والتي كانت شعاراً لندوة في الإرشاد النفسي بعنوان "فريق العلاج النفسي"، والتي أقيمت مؤخراً في رحاب كلية التربية بجامعة "دمشق".

موقع "eSyria" كان حاضراً لبرنامج الندوة، وخلال كلمة الافتتاح للأستاذ الدكتور "محمد الشيخ حمود" عميد كلية التربية أكد على أهمية مجال الاختصاص النفسي لكل طبقات المجتمع، قائلاً: «إن رفد بلدنا بمؤهلات معدة وفق معايير الجودة هو ما تفخر به هذه الكلية التي تمتد خدماتها لكل شرائح المجتمع ومختلف الأعمار، فقد خرجت هذه الكلية معلمين ومعلمات باحثين ومخططين وإداريين ومرشدين نفسيين متخصصين في مساعدة الأفراد على معرفة ذاتهم، ومعالجة الاضطرابات النفسية، ولعل هذه الأخيرة تستحق منا أن نبذل الكثير والوفير من الجهد والعطاء».

إن العلاج النفسي يخطو أولى خطواته من حيث التخصص، ومازال عمل المختصصين في العلاج النفسي محصوراً في مجال التدريس والبحث العلمي أو علاج الأشخاص سرياً، إن لهذه الندوة أهمية كبيرة لتغيير النظرة السلبية الموجهة إلى المتعالجين نفسياً وإزالة الشعور بالخوف من وصمة العار بعد معرفة أهمية هذه الخطوة

وتابع الدكتور "حمود" كلمته متطرقاً إلى أهمية الندوة ودورها: «إن هذه الندوة التي تنظمها كلية التربية هي خطوة مهمة على طريق التطوير الدائم لكادرها البحثي والأكاديمي، وندوتنا تعالج قضايا مهمة منها، بنية الفريق العامل في مجال العلاج النفسي واضطرابات الطفولة والانتكاس في الإدمان وعلاج الأطفال باللعب والسيكودراما وعلاج الأسرة، وموضوعات أخرى تلبي كثيراً من طموحاتنا العلمية، ومن أهداف هذه الندوة التوعية المجتمعية وإرسال رسالة لصناع القرار من خلال الإعلام لنحقق التقدم الأسرع في هذا المجال، ولعل إنجاز فكرة إحداث معهد عالٍ للعلاج بالطب النفسي ستكون عاملاً مهماً في ذلك».

كما كان للأستاذ الدكتور "وائل معلا" رئيس جامعة "دمشق" كلمة تحدث فيها عن أهمية هذه الندوة بالنسبة لكلية التربية وللمجتمع عموماً، مبيناً ضرورة دراسة الجانب النفسي للمجتمع تلبيةً لاحتياجاته وحرصاً على سلامة الإنسان عماد بناء الوطن.

مدرج المسرح الكبير للكلية كان منبراً للقاء أطباء ومرشدين وأخصائيين نفسيين سوريين بدافع تنمية ثقافة العلاج النفسي لإعادة تنظيم بنية النظام الصحي الاجتماعي، هناك وبانتهاء هذه الندوة كان لنا وقفة مع الدكتور "مازن الخليل" الاختصاصي في الطب النفسي، والمدير العام لمستشفى "البشر" للأمراض النفسية العصبية، وخلال حديثه عن احتياجات المجتمع السوري إلى خدمات طبية نفسية قال: «لابد من وجود باحث نفسي أو مرشد نفسي على الأقل في كل تجمع العيادات الشاملة أو المستوصفات الكبيرة المتعددة الاختصاصات، ليقوم بالاستماع للمرضى الذين يشك بوجود عوامل نفسية مرضية مرافقة لإصاباتهم العضوية، وهذا يساهم بالكشف المبكر للأمراض النفسية ويخفف من خلال التفريغ النفسي من القلق والخوف المرافق للأمراض العضوية وللإجراءات الطبية المختلفة، كما أن للباحث النفسي دور إرشادي مهم لحل المشاكل الأسرية، ولاسيما الخلافات الزوجية وصعوبات التعامل مع الأبناء خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة».

كما التقينا بالأستاذ الدكتور "سامر جميل رضوان" الذي حدثنا عن المفاهيم الجديدة للمرض والصحة: «هناك تغيرات كبيرة في نظريات المرض في العقود الأخيرة، فنماذج المرض الطبية (النماذج البيولوجية) لم تعد قادرة وحدها على تقديم تفسير الأسباب وعمليات التطور وأساليب العلاج لكثير من الأمراض الجسدية لأن العوامل البيئية والنفسية تلعب دوراً كبيراً، لذلك كانت أسباب المرض والموت في الـ 150 سنة الأخيرة هي الأمراض المعدية كالسل والدفتيريا والجدري...الخ، أما اليوم فهي أمراض القلب والدورة الدموية والأورام الخبيثة».

يتابع الدكتور "سامر" حديثه قائلاً: «هذه الأمراض بحاجة إلى التعاون الذي يتطلب درجة عالية من الحساسية الثقافية والاجتماعية لإدراك الصراعات وتقبل التخصص الآخر، وبكل تأكيد التفاهم يحصل من تلقاء نفسه عندما تحتل المهام المشتركة والقواعد المتفق عليها مركز الصدارة، فالتعاون في الفريق متعدد التخصصات لا يمكن أن يتطور إلا على أساس رؤية ممتدة وعابرة للمسائل المتعلقة بالعلاج المناسب والإشراف، ومن فهم عوامل المرض الجسدية والنفسية والاجتماعية».

وقريباً من فريق الأطباء كانت هناك مجموعة من طلاب الماجستير في كلية التربية يتناقشون حول أهمية هذه الندوة، فكان لنا لقاء مع الطالب "فراس العلي" الذي قال: «إن العلاج النفسي يخطو أولى خطواته من حيث التخصص، ومازال عمل المختصصين في العلاج النفسي محصوراً في مجال التدريس والبحث العلمي أو علاج الأشخاص سرياً، إن لهذه الندوة أهمية كبيرة لتغيير النظرة السلبية الموجهة إلى المتعالجين نفسياً وإزالة الشعور بالخوف من وصمة العار بعد معرفة أهمية هذه الخطوة».