للنقد أساليبٌ وأنواعٌ مختلفة، منها ما يكون بناءً ومنها ما يكون هداماً، فالنقد يعتمد على أسسٍ ومعايير خاصة تختلف من مجالٍ إلى آخر، كان لنا نقاشاتنا المعتادة في جلساتنا وكان الحديث حينها عن النقد وأساسياته وأساليبه.

فتحدث "ماهر الخالدي" وهو خريجٌ من المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد قائلاً: «أحياناً تكون الرؤيا الإيجابية للعمل المطروح على الناقد نقداً سلبياً، لأنها تظهر فقط محاسن العمل، فيظهر العمل وكأنه كاملٌ ولا يوجد في الحياة أي عملٍ كامل، وللأسف فإن بعض الصحف المحلية تسير على هذا النهج، بعكس بعض المجلات الخاصة التي تعتمد مبدأ الرؤية السلبية لأي عملٍ والنقد اللاذع وخاصةً لمشاهير الفنانين من أجل تحقيق نسبة بيعٍ أكبر، وطبعاً كلا التوجهين خاطئ، فالنقد يجب أن يكون معتمداً على أسسٍ وأساليب علميةٍ، حيث يظهر الجوانب الإيجابية والسلبية للعمل المطروح محدداً مواطنها، فالنقد فنٌ من الفنون الإبداعية».

وهنا يأتي دور الإعلام والإعلاميين، من خلال استشارتهم للنقاد الذين يستخدمون أساليب علمية والأخذ بآرائهم وتسليط الضوء عليهم، كي لا يكون النقد مجرد لعبةٍ بأيدي البعض بل تقنيةً تساهم في رفع كافة مجالات الحياة إلى الأسمى، فكل عملٍ يقوم به الإنسان هو فنٌ إبداعيٌ من فنون الحياة

كما تحدثت "سارة نظامي" وهي طالبةٌ جامعيةٌ في كلية التربية قسم رياض الأطفال كما أنها كاتبةٌ لمسرح الأطفال بقولها: «أتى النقد لكافة مجالات الحياة ليظهر الإيجابي والسلبي في هذه المجالات، فهناك النقد السياسي والمسرحي والفني والأدبي، وما يميز النقد المسرحي أنه يشمل عدة أنواعٍ للنقد، كنقد فنون الأداء والنقد الأدبي للنص المسرحي والنقد الفني للديكور، ولكن يجب أن يكون الناقد المسرحي مدركاً لأصول النقد وذو إلمامٍ بفنون المسرح وأدبياته، لذلك نلاحظ أن النقاد المسرحيين كبار السن وقليلون إذا ما قورنوا مع نقاد الفنون الأخرى، طبعاً أنا أتحدث عن النقاد الحقيقيين لا المتطفلين على النقد الذين أصبحوا –أكثر من الهم على القلب- والمشكلة أن الجمهور يقتنع بآرائهم».

من مؤتمر النقد الأدبي العربي.

وقاطع "كمال جهاد سلوم" وهو فنانٌ تشكيلي متخرج من كلية الفنون الجميلة بقوله: «إن الناقد يجب أن يكون درس فن النقد أولاً ثم يجب عليه التخصص بالأساسيات النقدية للفن الذي يرغب العمل فيه، فعلى مستوى النقد الفني يجب على الناقد أن يستطيع اكتشاف طريقة مزج الألوان المستخدمة في اللوحة ومدى اندماج الفنان بلوحته، وهناك نقادٌ معترفٌ بهم عالمياً ومنهم عرب ولكنهم أصبحوا قلائل أمام الكم الهائل من النقاد اللا أكاديميين أو اللا علميين، الذين يسيرون على مبدأ المحسوبية والمعرفة الشخصية، فيرفعون من قدر فلان ويساهمون في هبوط فلان».

ويضيف المحامي "علاء مورلي" على ذلك إذ يقول: «وهنا يأتي دور الإعلام والإعلاميين، من خلال استشارتهم للنقاد الذين يستخدمون أساليب علمية والأخذ بآرائهم وتسليط الضوء عليهم، كي لا يكون النقد مجرد لعبةٍ بأيدي البعض بل تقنيةً تساهم في رفع كافة مجالات الحياة إلى الأسمى، فكل عملٍ يقوم به الإنسان هو فنٌ إبداعيٌ من فنون الحياة».

الناقد المسرحي "حسام السفان".

أما الزميلة الصحفية "لينا إبراهيم" وهي صحفية في مجلة "دنيا المجتمع" فتقول: «لسنا مختلفين على وجود متطفلين على النقد، ولكن بالمقابل هناك نقادٌ عظماءٌ يُؤخذ بآرائهم وأحكامهم، ولا ننسى وجود صحفيين نقاد اختصوا بنوعٍ من أنواع الصحافة كالصحافة الفنية مثلاً وأبحروا بمجالاته حتى أصبحت آراؤهم ومقترحاتهم أهم من آراء الكثير من النقاد الآخرين، كالأستاذ "صباح الحديدي" الذي هو صحفيٌ ناقدٌ فني، عرف أساسيات الفن التشكيلي وأبحر في مدارسه إلى أن أصبح هو مدرسةً نقديةً وليس ناقداً صحفياً فقط».

أما الكاتب "مصطفى الشيخ" فقال عن الموضوع: «إن النقد في أيامنا هذه بحاجةٍ إلى نقد، فالنقاد الأدبيون مثلاً يرون أن الأدب انتهى عند كبار الأدب الذين رحلوا "كجبران خليل جبران ومحمود درويش ومحمد الماغوط" وغيرهم، وأنه لن يأتي خلفٌ لهم، علماً أنهم لم يحاولوا الغوص فيما بين سطور الأعمال الأدبية التي يقدمها الشباب كما كان النقاد في عصر هؤلاء العمالقة، إن ما ينقص النقاد اليوم هو العين القارئة والأذن المستمعة وبمعنى آخر إن ما ينقصهم هو رؤية روح الابتكار، فكأنهم يريدون مقلدين لا مبتكرين»

الفنانة "لينا شمميان".

أما الفنان "دجوار إبراهيم" وهو رسامٌ كاريكاتيري فيضيف: «إن النقد يندرج تحت عدة أساليب، منها المقالة الصحفية النقدية ومنها الرسوم الكاريكاتيرية ومنها الكلام المباشر ووو...، لذلك علينا أن ندرك حقيقة النقد وهدفه قبل أن نتحدث عن النقاد أنفسهم، وعلينا أن نتعلم من دروس الآخرين بمحاولة صنع ذاتنا واكتشاف ما نريده، وأن نعمل بما نحب ونرغب، بهذا نستطيع أن نبدع مهما كان عملنا في الحياة وفي النهاية العمل الجيد بيّن والعمل السيئ بيّن، وعلينا ألا نرمي أوزار أخطائنا وفشلنا في أحد المجالات على النقاد، دون إنكار وجود المتطفلين على عالم النقد، ويبقى أولاً وأخيراً الحكم للجمهور فهو من سيساعد هذا المبدع بالوصول إلى قمة الجبل أو قاع الهاوية».

وفي حديثٍ سابقٍ مع الفنانة "لينا شمميان" تحدثت عن الموضوع بقولها: «إن للناقد دورٌ هامٌ في إيصال الأغنية إلى الجمهور أو إبعادها عنه، فهناك نقادٌ يعملون بعلمية النقد، كالناقد الذي انتقد ألبوم شامات وتوزيعه الموسيقي، فتحدث عن الجيد والسيئ فيه محدداً مواطن ذلك، ولدى عودتنا لهذه النقاط وجدنا صحة ودقة كلامه فحاولنا تداركها في الحفلات، ولكننا نجد الأعم الأغلب من النقاد مبتذلاً يميل إلى المحاكمة القضائية، فلا يستمعون إلى المغني أو الفنان الجديد بأذن المكتشف، ولا يربطون الحالة الآنية والفكر الفني الجديد بالمعلومات القديمة، ولا يرونها كحالةٍ ابتكاريةٍ لحظة الحدوث».