إن تعيين امرأة في موقع رئيس تحرير صحيفة رسمية ليس أمراً غريباً في سورية طالما أن المرأة تتبوأ مناصب عليا في الدولة، ولكن المسألة هي تفاعلات وأصداء هذه الخطوة في الوسط الإعلامي الذي قد ينظر إلى مثل هذه المهمة من زوايا مختلفة.

موقع "eSyria" وبعد مرور ما يقارب الشهر رصد آراء بعض

خطوة هامة وجريئة خاصة أن الصحيفة رسمية، وخطوة تدعو إلى المزيد من الثقة بأن المرأة مثل الرجل في الحقوق والواجبات، وأرى أن سيدة تتولى هذا المنصب يمكن أن تغير شيئاً في المضمون

العاملين في حقل الإعلام حول تعيين السيدة "سميرة المسالمة" بتاريخ 17/12/2008في منصب رئيس تحرير صحيفة "تشرين" وكانت البداية من "تشرين" نفسها، ومع السيد "محي الدين المحمد" مدير التحرير في الصحيفة يوم الأربعاء 7/01/2009.

السيد " محي الدين المحمد " مدير التحرير في تشرين

فرأى السيد "المحمد" أن المسألة تتعلق بالمهنية قبل أي شيء آخر: «تعيين امرأة في رئاسة تحرير صحيفة "تشرين" سابقة في "سورية" بالنسبة للصحافة الرسمية وأعتقد أن تعيين الإعلامية "المسالمة" في منصب رئيس التحرير قد لا يكون سببه الرئيسي لكونها امرأة؛ بقدر ما يتعلق الأمر بمسألة مهنية ووظيفية يمارسها الذكور والإناث بشكل متساو في العمل الصحفي والإعلامي عامةً».

ولا ينظر السيد "المحمد" إلى قرار تعيين الإعلامية "المسالمة" إلا من منظور قدرتها على النجاح: «كنت حيادياً عندما تلقيت الخبر لأنني لا أحكم على القادم من خلال الذكورة أو الأنوثة وإنما من خلال المهنية والكفاءة، علينا ألا نفرط في التشاؤم أو التفاؤل فالعمل هو المقياس حيث يتم تكوين الانطباع عن السيدة "المسالمة" ولكن لاحظت في الأيام الأولى لهذه السيدة في هذا المنصب خطوات إيجابية، فلديها الحس الصحفي العالي وتمتلك تقاليد المهنة، ولديها الرغبة في التعرف على جميع الزملاء من اليوم الأول، وهي تسعى إلى تكوين الصداقات مع الجميع وأكدت أن نجاحها يعتمد على تعاون كامل الكادر الموجود في مفاصل التحرير وجميع الأقسام، فكل هذا يعطي التفاؤل بإمكانية النجاح».

السيد " عارف العلي " رئيس قسم التحقيقات

ولم تختلف السيدة "المسالمة" عن بقية الكادر وهي كما يؤكد السيد "المحمد" واحدة من الأسرة التشرينية: «تصرفت السيدة "المسالمة" بشكل عملي للتأكيد أن رئيس التحرير هو جزء من الطاقم قد تكون جهوده متساوية مع جهود باقي الزملاء وعمدت إلى كتابة أسماء التحرير ومدراء التحرير بذات الخط من حيث الحجم وهذا يعني تواضعها وتعاملها مع الجميع من نفس المكانة والموقع ورفضت أن تميز اسمها خاصةً في "الافتتاحية" وطالبت المخرجين بكتابة اسمها بالحجم نفسه لأسماء المحررين في أي زاوية ومادة كانت».

وعن علاقة خبرتها في الاقتصاد والقدرة على إدارة "تشرين" وتطويرها يرى السيد "المحمد": «إن خبرتها في الاقتصاد مسألة مهمة فالاقتصاد هو الوجه الآخر للسياسة، والاقتصاد الناجح لا يأتي من فراغ فهو يستند إلى أرضية ثقافية واجتماعية واسعة، وهذا يعني أن اهتمامها بالاقتصاد قد يكون من العوامل المساعدة للنجاح لكن السيدة "المسالمة" تراهن على بنية عمل متكاملة متعاونة».

الآنسة " ريم عثمان " - محررة في التلفزيون

من هذه الرؤية التفاؤلية ننتقل إلى السيد "عارف العلي" رئيس دائرة التحقيقات في الصحيفة الذي علق على الخطوة قائلاً: «لا أستغرب تعيين امرأة في هذا المنصب فلدينا في "سورية" تجارب عالية المستوى مثل امرأة في موقع نائب رئيس الجمهورية والمستشارة الإعلامية والسياسية في رئاسة الجمهورية وعضو القيادة القطرية للحزب والنائب العام إضافة إلى وجود عشرات النساء في مجلس الشعب ومناصب عسكرية وغير ذلك وقد أثبتت المرأة السورية قدرتها على العطاء والقيادة في هذه المناصب، لذلك فإن قرار تعيين السيدة "المسالمة" يدل على وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب رجلاً كان أو امرأة».

ويربط السيد "العلي" مسألة النجاح بأجواء العمل في الصحيفة: «ما يميز "تشرين" عن غيرها من المؤسسات الإعلامية أنها أسرة واحدة في شقة واحدة حيث تسود المودة والتعاون بين جميع الزملاء، والزميلة "المسالمة" ليست بعيدة عن أجواء "تشرين" حيث كانت في وكالة "سانا" ثم صحيفة "الثورة" ومديرة التحرير في صحيفة "الاقتصادية" ومديرة الشؤون المحلية في صحيفة "الوطن" الخاصة لذلك يمكن القول إنها "ابنة المهنة" وهي محترفة وقادمة لتقديم رؤية جديدة للعمل ولصحيفة "تشرين" التي نعرف أنها تحبها».

وعن رأيه بقدرة السيدة "المسالمة" على إدارة الصحيفة قال السيد "العلي": «تتميز هذه السيدة بقوتها وخبرتها الإعلامية الواسعة، وكلما كان الرأس قوياً كان الجسم والأطراف في حالة القوة ونحن بحاجة لإدارة قوية ونحن متأكدون أن السيدة "المسالمة" ستكسب لتشرين مكاسب كبيرة لقوة شخصيتها واحترافيتها وحسن تعاملها مع الكادر وعلاقاتها مع جميع الجهات المعنية في الدولة».

وانتقلنا إلى قسم الاقتصاد في صحيفة "تشرين" وهناك التقينا السيد "علي حمرة" الذي يعمل محرراً اقتصادياً ورساماً للكاريكاتير في الصحيفة إضافة إلى أنه يتولى رئاسة قسم الاقتصاد في صحيفة "الوطن" الخاصة، وعبر السيد "حمرة" عن ثقته بنجاح الإعلامية "المسالمة" في مهمتها الجديدة: «إنها ليست غريبة عن الجو الإعلامي ولها تجربة في إدارة تحرير صحيفة "الاقتصادية" وقسم المحليات في صحيفة "الوطن"، وتفاعلت السيدة "المسالمة" خلال الأيام الأولى مع الكادر وبدت وكأنها تنتمي لهذه الأسرة منذ سنوات، حيث تتميز بالتعاون مع الجميع وتقديم الدعم من أجل نجاح العمل، وأتمنى لها كل التوفيق وأن يتسع الأفق للأفضل لتحقق ما نريده ونصل لإعلام يتمتع بقدر كبير من المنافسة والمهنية العالية».

ومن "تشرين" انتقلنا إلى "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون" والتقينا الآنسة "ريم عثمان" وهي محررة في قسم الأخبار المصورة، حيث عبرت عن سعادتها بتعيين سيدة في منصب رئيس تحرير صحيفة رسمية سورية: «خطوة هامة وجريئة خاصة أن الصحيفة رسمية، وخطوة تدعو إلى المزيد من الثقة بأن المرأة مثل الرجل في الحقوق والواجبات، وأرى أن سيدة تتولى هذا المنصب يمكن أن تغير شيئاً في المضمون».

وتتمنى الآنسة "عثمان" النجاح للسيدة "المسالمة" في عملها وتقول: «أريد لها كل التوفيق والنجاح وننتظر منها نتائج ايجابية ونتمنى أن تكون هذه الخطوة فاتحة لخطوات مماثلة في العالم العربي خاصة أن المرأة تمتلك قدرات لا تقل عن قدرات الرجل وأصبحت قادرة على تنفيذ المهام الموكلة إليها، وهذا ما تتميز به السيدة "المسالمة" نظراً لإدارتها مواقع عدة قبل أن تصبح في منصب رئيسة تحرير صحيفة "تشرين"، ومرة أخرى فإن قرار تعيينها يعد خطوة جريئة ويدل على أن أصحاب الكفاءات هم موضع الاهتمام من قبل الجهات المعنية».

هذه الآراء التي تجمع على قدرة السيدة "المسالمة" تولي هذا المنصب تشكل عامل دعم لها في هذه المهمة وستتضح النتائج في الأيام المقبلة من خلال صفحات "تشرين" وقدرتها على رصد واقع المجتمع والتعبير عن همومه، ومن خلال تعزيز العلاقات الداخلية في الأسرة "التشرينية" التي تسكن في شقة واحدة في حي الميدان بـ"دمشق".