يتميز المجتمع السوري بتماسكه رغم اختلاف ظروف الحياة وتسارع إيقاع العصر، ويتجلى ذلك في المناسبات والأعياد، حيث تتوالى الزيارات بين الأهل والأقارب والعائلات والجيران لتقديم التهاني والمباركات.

وأظهرت أيام "عيد الفطر السعيد" المزيد من الدلائل التي عبرت عن ترابط هذا المجتمع وتنامي الوعي الاجتماعي الذي يزيد من عمق أواصر العلاقات بين الأسرة السورية الكبيرة التي باتت مثالاً للآخرين في وحدة الآمال والآلام.

إن هذه الزيارات تزيد من بهجة العيد، وما أجمل أن نقعد جميعاً على مائدة واحدة ونتناول الغداء معاً، ونشبع القلوب محبةً وفرحاً وسلاماً

موقع "eSyria" شارك في أول أيام "عيد الفطر السعيد" بعض العائلات في "مدينة دمشق وريفها" أجواء فرحة العيد وتبادل الزيارات والتهاني بهذه المناسبة، فكانت البداية من حي "ركن الدين الدمشقي" الذي تفترش منازله حضن "جبل قاسيون"، قصدنا منزل السيد "وليد دقوري"، فالمناسبة حوّلت المنزل إلى خلية عمل، أسرة شقيقه "خالد" وعمه "جومرد" وبعض الجيران يقومون بواجب المعايدة، حيث تترسخ يوماً بعد آخر هذا التقليد الاجتماعي في مختلف أنحاء "سورية" ويفتخر مجتمعنا بذلك.

السيد "دقوري" يعبر عن فرحته بقدوم الأهل والأقارب والجيران إلى منزله: «إن هذه الزيارات تزيد من بهجة العيد، وما أجمل أن نقعد جميعاً على مائدة واحدة ونتناول الغداء معاً، ونشبع القلوب محبةً وفرحاً وسلاماً».

ويرى السيد "دقوري" أن هذه الزيارات تزيد الألفة بين الناس: «المناسبة والمائدة تجمعنا على المحبة وتعميق العلاقات بيننا، فرغم تغير ظروف الحياة فإن إرادة اللقاء والتواصل أقوى من التحديات كافة وقادرة على صنع المستحيل لتبقى الأسرة متماسكة لأن مثل هذه الحالات تجعل الأسرة السورية قوية ومتحابة».

سعادة السيدة "هيفين" زوجة "دقوري" كانت أكثر جلية على وجهها الباش وهي بين حلقة من النساء والفتيات الزائرات، استعدت السيدة "هيفين" لاستقبال ضيوفها منذ أيام حتى تكون الزيارة فرصة للتعبير عن حبها للأهل والجيران: «لا قيمة للعيد أو أي مناسبة سعيدة أخرى دون مثل هذه الزيارات، والأجمل في المسألة أن تقوم النساء بتحضير الغداء على وقع قصص وحكايات من الماضي عن أهمية هذه الزيارات في تعزيز العلاقات بين الأهل وأبناء الحي عموماً، وهذا التقليد ليس حديث العهد، بل إنه قديم جداً، وحتى في المناسبات الأخرى مثل أعياد الميلاد ونجاح أولادنا في المدرسة نتبادل الزيارات لتقديم التهاني».

اليوم زيارة منزل السيد "دقوري" وغداً وطوال أيام العيد زيارة منازل أخرى في هذا الحي العريق المعروف بكرمه وعلاقاته الاجتماعية على مر التاريخ.

موقع "eSyria"يشاركهم فرحة العيد

أردنا أن نوسع الدائرة لنعرف الصورة في الريف أيضاً، توجهنا من "حي ركن الدين" إلى "بلدة قطنا" المعروفة ببرودتها في الشتاء واعتدالها في الصيف، فتحولت أسطح المنازل بهذه المناسبة السعيدة إلى أجمل مكان ليتبادل هنا الشباب التهاني ويتناولوا الحلويات والقهوة.

مجموعة من الشباب قدموا من "محافظة حلب" لزيارة صديقهم د." رشيد محمد" وتهنئته بالعيد واستعادة ذكريات الجامعة والدراسة، قطعوا مسافات طويلة ليعبروا عن محبتهم لصديقهم "محمد"، فيقول "نضال حنان": «إننا ضمن هذه المجموعة نقرر في كل عيد زيارة أبعد صديق لنا بالمعنى الجغرافي ليصبح أقرب صديق بالمعنى الحقيقي ونشعره أننا معه دائماً، والآن نحن في زيارة صديقنا الغالي لنؤكد أن المسافات لن تزيدنا إلا إصراراً على التواصل والمحبة».

كل بيت وحارة وبلدة "سورية" تقدم بهذه المناسبة صورة رائعة عن طبيعة مجتمعنا وأصالته وتؤكد أن التواصل بين أبناء هذا المجتمع حالة سرمدية حيث يجمعهم حب الحياة الكريمة.