ضمن فعاليات معرض مكتبة "الأسد" الدولي الرابع والعشرين للكتاب، استضافت "دمشق" في الفترة من 10الى 12/8/2008، ملتقى الثقافة العربية بين المشرق والمغرب.

في ختام الملتقى تناول المفكر الدكتور "أحمد برقاوي" فكر المشرق والمغرب في بحث بعنوان "وحدة الأسئلة واختلاف الأجوبة" ‏ "البرقاوي" اعتبر أن هذا التقسيم بين مشرق الوطن ومغربه لا يعني قرب المشرق من الجزيرة العربية أكثر من قرب المغرب من الشام، وذهب إلى أن الأسئلة واحدة لكن البحث يتجه إلى اختلاف الأجوبة، مشيراً إلى أن بعض القضايا المطروحة على الجانبين وإن كانت واحدة إلا أن تناولها لم يكن للأسباب ذاتها.. ‏

إن العولمة تشير إلى حزمة تحولات متعددة الأبعاد والمضامين الثقافية والتقانية، متمثلة بانفتاح الأسواق وتشابكها، وعولمة رأس المال عبر الحدود

المفكر السوري "محمد جمال باروت" في دراسته "العولمة وآثارها على المنطقة العربية بين المشرق والمغرب"، قال: «إن العولمة تشير إلى حزمة تحولات متعددة الأبعاد والمضامين الثقافية والتقانية، متمثلة بانفتاح الأسواق وتشابكها، وعولمة رأس المال عبر الحدود». ‏

عبد الله أو هيف

وأضاف: «لكن آثار العولمة على المنطقة العربية ليست واحدة، ففي منطقة المشرق العربي لا تزال حركة الاندماج بالاقتصاد العالمي مقيدة بالعديد من المعوقات نتيجة الخوف من آثار الاندماج المفتوح والحذر من مفاعيله، ويصدق ذلك بدرجة أدنى على منطقة المغرب العربي». ‏

‏ الدكتور "أمين الزاوي" من الجزائر، تناول في مداخلته بالتحليل جملة من الأفكار التي حددت وشكلت العين الثقافية المغاربية للغرب. وحددت وشكلت الـ «عين» الثقافية المشرقية للغرب، في محاولة للوقوف على الاختلافات ضمن هذه الرؤية، استناداً إلى مجموعة من المعطيات اللغوية والجغرافية والديموغرافية. ‏

خيري الذهبي

الأستاذ "محمد قجة"، رئيس جمعية العاديات في سورية، قدم لمقارنة في الكوميديا الإلهية والمؤثرات الفكرية والخيالية من التراث الإسلامي من قصة "المعراج"، "حي بن يقظان" "لابن طفيل" ورسالة الغفران "للمعري". ‏

"العرب والغرب من منظور المشرق والمغرب"، ‏تناول الأستاذ "فخري صالح" من الأردن، هذا العنوان في إطار الصراع المحتدم تحت عنوان صراع الحضارات، حيث قال: «تبدو العلاقة الثقافية مع الغرب بحاجة إلى بحث وتدقيق وإعادة نظر فكثير من المسلمات في هذه العلاقة فقدت الأرضية المعرفية والواقعية التي تسندها، وصارت حاجزاً بدلاً من أن تكون بابا مفتوحاً للحوار وتشييد صلات جديدة بين الوطن العربي والغرب». ‏

امين الزاوي من الجزائر

‏ eSyria أجرت عدداً من اللقاءات مع القائمين على الملتقى والمشاركين فيه وذلك يوم الأحد 10/8/2008.

"عبد الله أبو هيف" مستشار وزير الثقافة، قال: «كلفت برفقة الدكتور "علي القيم" معاون وزير الثقافة، والدكتور "علي العائدي" مدير عام مكتبة "الأسد" ، بتنظيم هذا الملتقى الخاص حول حوار الثقافة العربية بين المشرق والمغرب، وذلك في إطار التوجهات السورية لتنمية الثقافة العربية وتعزيز التواصل الثقافي بين مختلف أقطارها، إضافة إلى الحوار الحضاري والإنساني بين الدول العربية والغرب لإلغاء العولمة على الثقافة العربية، هذا الملتقى يؤشر إلى هذا التعمق لحماية الوجود الثقافي العربي ضمن تواصل مشترك وحوار حضاري يتجاوز المثاقفة إلى المثاقفة المعكوسة لتأثير متبادل بين الثقافة العربية والغربية وليس التأثر بالثقافات الغربية فقط».

"خيري الذهبي" روائي من سورية قال عن مشاركته: «الموضوع الأساسي الذي أتناوله في هذا الملتقى للحديث عن العولمة وطغيانها في العالم، فالعولمة ليست اختراعاً أمريكياً فقد كانت دائما حلم الأقوياء وأصحاب الرؤى والرسالات، لكن العولمة العسكرية "المغول- هتلر" محكومة دائماً بالموت السريع، أما العولمة المحمولة على أكف رؤية أو رسالة "عولمة الاسكندر محمولة على رسائل أرسطو"، "عولمة الإسلام محمولة على الرسالة المحمدية والمساواة بين البشر"، فهي ما يمكن لها أن تعمر طويلاً. اليوم لا توجد صدامات في العالم إلا إذا استثنينا الصدام ما بين العولمة الصاعدة "الأمريكية" مع العولمة الآفلة "الإسلامية"».

حول أهمية هذا الملتقى في تعزيز التواصل بين مشرق الأمة العربية ومغربها، أضاف: «مشرق الأمة العربية ومغربها لا يحتاج إلى ملتقيات لتعزيز التواصل، لأن التواصل موجود فالثقافة واحدة واللغة والتراث والأفكار كلها عوامل مشتركة تجمع العرب، فالتواصل لا يمنعه إلا الحواجز السياسية الموضوعة من أعداء الأمم والشعوب، فأنا أعلم ما يجري في المغرب من نشاطات ثقافية وعلمية وأدبية، وهم يعلمون بما يجري في العراق وسورية، فالانقطاع الثقافي ليس موجوداً لا سابقاً ولا لاحقاً إنما الحدود السياسية المصطنعة حالت دون حوار وتواصل أمثل».

د."بثينة خضر مكي" من السودان، رئيسة رابطة الأديبات السودانيات، عضو البرلمان السوداني قالت: «أشارك في هذا الملتقى من خلال بحث يتناول "العرب والعلاقة الثقافية مع الغرب"، وما تركه الأثر الغربي لدى الدول التي كانت مستعمرة من قبله في سلوكياتها وتصرفاتها، فالثقافة الفرنسية هيمنت على دول المغرب العربي وسعت إلى طمس هويته الثقافية فضلاً عن منع تداول اللغة العربية، كما تمركزت الثقافة الانكليزية في عدد من الدول ومنها السودان حيث كانت نموذجا لطغيان الثقافة الغربية بسلوكيتها ولغاتها لدرجة أثرت على مستوى التعامل باللغة العربية ونقصان سيادتها.

العلاقة الثقافية مع الغرب من دون شك لازمة وواجبة لكن مع بعض المحاذير، حتى في زمن الحضارة الإسلامية ترجمت بعض الكتب الغربية ولعبت دوراً هاما في مسيرة البناء الحضاري الإسلامي، هذا الملتقى هام من وجهة نظري لتعزيز الحوار الثقافي العربي الذي يعتبر أهم من الوحدة السياسية، حيث أن السياسة تفرق بين الدول فيما الثقافة تجمع بين الأمم والشعوب».

د. "أمين الزاوي" من الجزائر، قال: «أطرح من خلال البحث الذي أقدمه سؤالاً جوهرياً حول مصير العلاقات الثقافية الغربية مع العالم العربي، في ظل حوار الحضارات واللغات القائم في العالم، وإمكانية البحث عن رأسمال لأصدقاء العرب من المثقفين الغربيين الذين يعتبرون الرصيد الفكري والإبداعي الذي عليه يؤسس مستقبل علاقة العرب بالغرب، حيث أن الغرب حين يختلف مع العرب لا يفرق بين مشرق الأمة ومغربها، فالوطن العربي من وجهة نظري يشبه الطائر الكبير الذي لا يمكنه التحليق دون جناحين سليمين متكاملين، من هنا يأتي هذا الملتقى لتعميق الحوار بين مشرق الأمة ومغربها من خلال البناء الثقافي خاصة، لأن الثقافة يمكنها أن تنقذ ما يمكن إنقاذه، كما يمكنها أن تكون الإسمنت الصلب لوضع أسس متينة لعلاقات وحوار عربي مشترك».

د. "موسى ولد ابنه" من موريتانيا، أستاذ في جامعة "نواكشوط" وله عدد من المؤلفات قال عن مشاركته: «أشارك في هذا الملتقى من خلال موضوع يحمل عنوان "وجه الأنا الآخر" يناقش إشكالية التواصل والتكامل الثقافي بين مشرق الأمة ومغربها، أسباب القطيعة الثقافية القائمة وإمكانية تفعيل هذا التواصل من أجل وعي أفضل للثقافة العربية كثقافة واحدة لها خصائص مميزة».

حول أسباب القطيعة الثقافية بين المشرق والمغرب قال: «السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى الهيمنة السياسية الأولى التي مارسها الاستعمار بمختلف أشكاله وتسمياته، فدول المغرب العربي استعمرتها فرنسا ومنعت فيها تداول اللغة العربية مدة قرن من الزمن، المشرق العربي استعمره البريطانيون ونهبوا خيراته ووهبوا ما لا يملكون إلى من لا يستحق فكانت فلسطين هدية ثمينة لإسرائيل، فالمستعمر منذ وطأته الأرض العربية شكل تحد كبير لأنه سعى إلى محو هويتنا الثقافية العربية الإسلامية».

الأساليب المتاحة لتوطيد العلاقات وتعزيزها بين مشرق الأمة ومغربها، أضاف: «يمكننا من خلال مشاريع ثقافية مشتركة أن نعزز الحوار والنقاش، نحن في عصر العولمة وعصر الاتصالات وهناك مجالات كثيرة للتواصل بين شعوب مختلفة فما بالك بشعب واحد، من هنا يشكل هذا الملتقى مبادرة هامة للحوار الثقافي ويجب أن تكرر هذه التجارب في مختلف الدول العربية وتشارك فيها مؤسسات حكومية وأهلية لتعزيز التواصل وتقريب الرؤى».