«درست الحقوق في بلدي وعشت آلامها وأفراحها وطموحاتها، وأنا من جيل المدرسة القومية التي كانت تحلم بقيام الدولة العربية الكبرى يوماً ما، هذا الحلم الرائع الذي سيأتي يوم ويتحقق»

بهذه الكلمات عبر الأستاذ المحامي "مأمون الطباع" عن أحلامه وطموحاته التي راودت مخيلته منذ الصغر، وذلك أثناء لقاء eSyria معه على هامش المحاضرة التي ألقاها في المؤتمر الدولي الأول للقضاء الذي عقد بتاريخ8/7/2008

أتمنى أن تعرض التشريعات الجديدة على اكبر عدد من المختصين، ولا نكتفي برأي الموظفين القانونيين الذين يصيغون التشريع، ورأي الوزراء الذين يدرسون محوره، ولدينا في سورية العديد من الخبرات القانونية القادرة على إحداث الإضافة المرجوة في التشريعات الجديدة

وتابع الأستاذ "مأمون الطباع" حديث الذكريات قائلا:« أحلامنا القومية في ذلك الوقت شغلتنا عن الاهتمام بالتفاصيل القطرية ولم نفكر فيها كثيرا،ً وذلك لا يعني بأنني انسلخت عن قوميتي ولكنني كنت أقوم بترتيب بيتي ليكون بشكل أفضل،الوجه الآخر من حياتي تجسد عبر النشاط الأدبي والاجتماعي، حيث كانت نشأتي الأولى في جو ثقافي عام واهتمام بالأدب والفن والشعر، وأنا حالياً من خلال رئاستي للمنتدى الاجتماعي نحاول النشاط في العمل العام، والتركيز على المواضيع الأدبية والثقافية».

المحامي مأمون الطباع

الجو العام في المؤتمر القضائي الأول قال فيه:«في الواقع تفاجأت من حجم الحضور وحشد المهتمين في هذا المؤتمر، وهو حضور ايجابي نابع من رغبة شخصية، ونحن تعودنا في مثل هذه المؤتمرات أن يكون الحضور لملئ الفراغ أو بحكم التبعية الوظيفية لأحد المحاضرين، تنوع النقاشات والحوارات خارج إطار أعمال المؤتمر دليل واضح عن الرغبة الصادقة في المشاركة والاستفادة من تجارب الآخرين وخبرتهم، أضف إلى ذلك التعارف الذي حصل في هذا المؤتمر، يكفي تعارف السوريين على بعضهم وأنا تعرفت على الكثير من رجال القانون في سورية، ووجدت انه لدينا ثروة بشرية قانونية إذا أحسن استثمارها وفتحت الجسور فيما بينها وأعطيت انطلاقة جديدة، ستكون هذه المجموعة قادرة على إحداث ثورة تشريعية إلى الأمام بتعديل معظم التشريعات لنواكب المستجدات والتطور في العالم».

عن الإضافة التي يقدمها المؤتمر للمحامين الشباب بشكل خاص قال:« أهم الأمور التي أحدثها المؤتمر أنه فتح الأذهان وخاصة للمحامين الشباب إلى مواضيع ليست مألوفة، معظم المحامين متعودين على القضايا الكلاسيكية في العمل "دعوى- قاضي- خصم – محامي- مذكرة"، الثقافة القانونية العامة التي تشكل خلفية المحامي أو القاضي هي ثقافة اجتماعية أولا وأخيرأًُ، حين نتحدث عن التشريع السكني هو جزء من تنظيم المجتمع، لذلك المواضيع التي طرحت وسعت آفاق المحامين وخلقت لديهم الرغبة في المعرفة، وللأسف في هذه الأيام المحامي الناجح هو الذي يستطيع التجول في القصر العدلي ولديه إلمام بتفاصيله، وذلك لا يجوز فالمحامي رجل كبير في العالم وهو رمز أخلاقي، وعليه ألا يكتفي بالثقافة القانونية وإنما الإلمام بالثقافة السياسية والاجتماعية والسياسية لأنه بالنتيجة التشريعات تعالج كافة هذه الأمور».

الحضور في اليوم الثاني للمؤتمر

أما عن وجهة نظره في التشريعات القانونية قال:« التشريع كائن حي يكبر ويتطور ويموت، أما التحنط أمام التشريعات القديمة لمجرد المحافظة عليها فهو نابع عن جمود ثقافي، من هنا هذه الأجيال التي تتطور وتتوسع آفاقها ستكون قادرة على الإبداع وتطالب بإصدار تشريعات جديدة،ولا يوجد مانع من إصدار تشريع اكتشف بعد عام انه ليس مناسباً، أقوم بتغييره أو تعديله فذلك ليس معيبا، هناك تشريعات ما زالت مطبقة منذ أيام الفرنسيين، لا يهم في ذات الوقت متى صدر التشريع ومن قام بإصداره المهم هل التشريع صالح للعمل أو غير صالح».

أما عن رؤيته لمشاركة خبراء قانونيين من دول العالم في فعاليات المؤتمر فحدث عن ذلك قائلاً: «المشاركين الأجانب في المؤتمر لديهم بشكل عام إلمام بالإطار التشريعي السوري، إضافة إلى اطلاعهم ومعرفتهم بالبيئة القانونية في سورية والمنطقة، يمكننا الاستفادة من تواجدهم في المؤتمر للانتقال من الأطر المحلية الضيقة إلى المجالات العالمية الرحبة، اليوم هنالك مدارس عالمية في التشريعات القانونية، الخبراء المتواجدين في المؤتمر ينتمون إلى مختلف هذه المدارس وعلينا أن نختار منها ما يناسب ظروفنا وطبيعة مجتمعنا».

من جلسات المؤتمر

حول الجوانب الأخرى التي تناولها المؤتمر قال:«لم يكن من الممكن التوسع في كافة القضايا التي طرحت خلال المؤتمر لضيق الوقت، وخاصة التشريعات الاقتصادية منها فهي بحاجة إلى ندوات خاصة بها، من الممكن أن تنبثق عن أعمال هذا المؤتمر مؤتمرات تخصصية مصغرة تناقش مختلف المجالات والمواضيع التي طرحت بشكل مفصل، طبعاً التخصص أمر هام ولكن ذلك لا يعني أن لا يكون هناك اطلاع على الآفاق القانونية الأخرى، فالمحامي المختص بقضايا العقود عليه أن يكون مطلعاً على القانون الجزائي ».

عن أهمية التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر أضاف« تأتي أهمية التوصيات من خلال واقعيتها وقابلية تنفيذها على أرض الواقع، وأنا لا أحب التحليق والارتفاع كثيراً عن سطح الأرض، من هنا علينا أن لا نطالب الحكومة بانقلاب تشريعي كامل لأن ذلك لن يكون مقبولاً من المجتمع، علينا الخروج من المؤتمر بتوصيات تشكل قفزة أولى وبعد فترة من الوقت نرى تجاوب الحكومة واهتمام الرأي العام، عندها يمكننا الانتقال إلى الخطوة التالية بثقة أكبر».

كثرة التشريعات التي صدرت في الآونة الأخيرة قال فيها:« في الحقيقة... كثرة التشريعات تنم عن حيوية جديدة في الدولة وعن تحسس القيادة لآلام المجتمع ورغباته، لكن في المقابل الموظفين القانونيين يتحملون مسؤولية كبيرة في استيعاب القوانين الجديدة، حيث يتعين عليهم معرفة مواد القانون وتطبيقاته خلال يومين، من هنا علينا التأني في إصدار التشريعات لتكون مدروسة بشكل أفضل، ونمنح فرصة للمهتمين والمعنيين بالشكل القانوني لاستيعابها ومعرفة تفاصيلها، بشكل عام كثرة التشريعات دون شك ظاهرة ايجابية تعبر عن رغبة حقيقية في التطوير».

في نهاية الحوار سألناه عن أمنياته القانونية فقال:« أتمنى أن تعرض التشريعات الجديدة على اكبر عدد من المختصين، ولا نكتفي برأي الموظفين القانونيين الذين يصيغون التشريع، ورأي الوزراء الذين يدرسون محوره، ولدينا في سورية العديد من الخبرات القانونية القادرة على إحداث الإضافة المرجوة في التشريعات الجديدة».

تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر القضائي الدولي الأول أقيم بتاريخ 8-9/7/2008، برعاية السيد الرئيس "بشار الأسد"، وتنظيم الجمعية البريطانية السورية، شهد مشاركة محلية وعربية ودولية واسعة، تناولت خلال مناقشات المؤتمر طرح العديد من القضايا القانونية،و عرض التجارب المختلفة في هذا المجال.