كغيرها من المهن، تأثرت مهنة التصوير الفوتوغرافي بالتكنولوجيا الحديثة التي أزاحت الوسائل التقليدية، لتحلّ محلها الكاميرات الرقمية وكاميرات الهواتف الذكية عالية الدقة، فأصبح بمقدور أي شخص ممارسة المهنة، إمّا لإرضاء شغف الهواية، أو لتكون مصدراً للدخل، بغض النظر عن إتقان مهاراتها أو معرفة أخلاقياتها، الأمر الذي ترك انعكاساته على محترفي المهنة.

ثورة في مجال التصوير الفوتوغرافي تبعت ظهور وانتشار الكاميرات الرقمية، ألغت دور الكاميرات التقليدية وما تستلزمه من أفلام ومواد كيميائية، وقد ساهمت هذه التكنولوجيا الحديثة في اختصار الوقت المستغرق لالتقاط صورة إلى مدة لا تتجاوز لحظات معدودة، إلى جانب أثرها في تقليل التكاليف المادية.

كمصور فوتوغرافي أنظر إلى وسائل التواصل الاجتماعية كأي أداة، هي جيدة وسيئة بقدر ما يقرر المصور استغلالها، وكيفية هذا الاستغلال، بالنسبة لي استثمرها شعبوياً، وبشكل غير ربحي، لذلك أدين لها بتوفير التواصل الجميل مع الآخرين، فأركز على هذا الجانب اللطيف منها

والصورة بما تحمله من إيحاءات اجتماعية أو ثقافية أو إنسانية، ما هي إلا انعكاس لوجهة نظر مصورها، ولكل فوتوغرافي رسالته التي يريد إيصالها إلى المتلقي، وبالتالي من خلالها ينقل وجهة النظر هذه، فحسب المصور الفوتوغرافي "يوسف بدوي" الذي التقته مدوّنة وطن "eSyria" يقول: «كل ما نشاهده من حولنا يحمل وجهين، ونحن كفوتوغرافيين إما ننشر الإحباط أو ننقل الأمل للمتلقي، وأنا من خلال ما تلتقطه عدستي، أسعى لنشر الأمل والإشارة إلى الجانب المشرق وسط ما نعيشه من أزمات فرضتها علينا الحرب، ومن وجهة نظري لا توجد صورة بلا حكاية، فمهما كانت جيدةً إن لم تحتوِ على قصة تبقى بلا معنى، والصورة في كثير من الأحيان أهم من الكلمة ذاتها، ومن خلالها يمكن كتابة العديد من المقالات، فمقال واحد دون صورة ربما لن يجذب المتلقي لمضمونه مهما كانت قيمته، أيضاً للصورة دورها في تكوين الرأي العام والتأثير فيه، وجميعنا يذكر بداية الحرب على "سورية" كيف كانت بعض الوسائل الإعلامية والمواقع والصفحات تنشر كمّاً هائلاً من مقاطع الفيديو والصور المفبركة والمركبة التي استطاعت أن تتلاعب بمشاعر الكثير من الناس في بلدان معينة، وبالتالي أثرت في الرأي العام في تلك الأماكن من خلال التضليل، خاصةً في الجوانب السياسية والإنسانية، والأمر هنا مرتبط كليّاً بأخلاقيات المهنة ومن يمارسها، والتي ترتبط بدورها بشكل مباشر بتنشئته واحترامه للآخر، وهنا لا بدّ من القول إن من أبرز الأخلاقيات التي يجب على المصور الفوتوغرافي أن يتحلى بها، عدم قيامه بالاصطياد بالماء العكر، واستخدام صورته للإساءة بدلاً من الإصلاح ونشر الإيجابية والأمل، أيضاً كل مصور يجب أن ينطلق من مبدأ (تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخرين)، وهذه قاعدة أساسية تراعى عند تصوير الأشخاص والأماكن العامة والطرقات والطبيعة بشكل عام».

المصور الفوتوغرافي "يوسف بدوي"

البعض يتّهم الفوتوغرافيين بالتعدي على أخلاقيات المهنة من خلال ما يدخلونه على الصورة من تعديلات ومؤثرات، بينما يرى آخرون أنّ هذا التلاعب أو التعديل أمرٌ مقبول إذا ما تم الالتزام فيه ضمن حدود معينة. المصور الفوتوغرافي "سوار ديب" يقول بهذا الخصوص: «لا بدّ من إدخال بعض التعديلات على الصورة لإبراز التفاصيل غير الواضحة، خاصةً من ناحية الألوان، كما أن التعديل يكسب اللقطة جماليّةً مع إضافة بعض العناصر الخارجية، وهنا أتحدث عن التصوير الإبداعي والفني، وتمكُّن المصور من مهارات المهنة ومهارات العمل على البرامج الخاصة بالتعديلات، إلى جانب الالتزام بأخلاقيات المهنة، سيصل به وبالمتلقي إلى أفضل النتائج المرجوة، لكن في حالات التقاط الصور الصحفية، فمن غير المحبب تغيير الملامح أو إضافة أي عناصر، والاكتفاء فقط بتصحيح الألوان والكادر، مع وضع شعار الوسيلة أو المؤسسة، وخاصةً إذا كانت الصورة ذات طابع سياسي أو توثيق لحدث ما».

ويضيف بأنه وللأسف هناك اليوم من يستسهل المهنة ويسيء لها، وبمجرد امتلاكه كاميرا رقمية يبدأ بمنافسة المحترفين، دون الإلمام بآلية استخدامها وكيفية إدخال التعديلات على الصور، وعدم احترام المهنة وأخلاقياتها، وهنا أقول: الميدان للجميع والبقاء فقط لمن يثبت جدارته.

ويرجع المصور الفوتوغرافي "هيثم الخطيب" أسباب استسهال المهنة من قبل البعض إلى غياب الدور المهني والمؤسساتي بقطاعيه العام والخاص، وبالتالي ظهور هذه المهنة كأرض مشاع، ويبدو أنها تدر للبعض دخلاً وفيراً من غير شروط أو قوانين ناظمة، والمسؤولية هنا تلقى على عدم وجود اختصاصات ومعاهد معترف بها، تتيح الدراسة لمن يرغب، وبالتالي نيل شهادات في هذا المجال، وهذا ما يجعله يبتعد عن إلقاء اللوم على الأفراد، بل ويعذر من يتخذها وسيلةً للعيش في ظل فوضى الظروف الاقتصادية التي نعيشها، ولن يطالبه بالالتزام بأخلاقيات مهنة نكاد لا نرى اعترافاً بوجودها حتى من قبل القانون.

أما عن مدى تأثير التكنولوجيا والتطور في وسائل التصوير على عمل استديوهات التصوير فيقول: «غالباً ما أثّر التقدم التقني بشكل إيجابي على مختلف المجالات وبنفس الوقت يصاحبه تأثيرات سلبية، لكن التقدم العلمي والتكنولوجي خدم مجال التصوير بشكل رائع ومبهر أحياناً، وسرق منهم الحميمية والعاطفية في أحيان أخرى، لكن في نهاية الأمر أنا معه، فلا معنى للتعلق بكلاسيكيات الأشياء بشكل مبالغ فيه، لأنها هي أصلاً كانت يوماً ما ثورةً تكنولوجية وتقدّماً علمياً، ألم تأخذ الكاميرا فيما مضى من عالم الرسم أهميته على سبيل المثال؟ إذاً هذا هو العلم يعطي ويأخذ».

وبالحديث عن كيفية دور وسائل التواصل الاجتماعي في مهنة التصوير الفوتوغرافي يختم بالقول: «كمصور فوتوغرافي أنظر إلى وسائل التواصل الاجتماعية كأي أداة، هي جيدة وسيئة بقدر ما يقرر المصور استغلالها، وكيفية هذا الاستغلال، بالنسبة لي استثمرها شعبوياً، وبشكل غير ربحي، لذلك أدين لها بتوفير التواصل الجميل مع الآخرين، فأركز على هذا الجانب اللطيف منها».