يدهشُك اليومَ مشهدُ تجمعِ السوريين حول شجرة عيد الميلاد في إحدى ساحات العاصمة، لا تجد لنفسكَ مكاناً يمكّنك من التقاط صورةٍ واحدةٍ من دون أن يظهرَ معك شخصٌ غريبٌ في الصورة، فالعدد الكبير للمتجمّعين حول الشجرة لأخذ (السيلفي) وغير (السيلفي) يفوق التوقع.

في ساحة "الأمويين" أو "العباسيين" وغيرهما من الساحات والأماكن التي لبست هذا العام زينة الميلاد برعاية حكومية، تجد فيها ناس من مختلف الأعمار، أمٌّ تحمل طفلها، أبٌ يحتضن أبناءَه، مجموعةٌ من الأصدقاء الشباب المندفعين يضحكون، عشاقٌ يغمرون أياديهم معاً، ووحيدون أيضاً، كلّهم يرسمون ابتسامتَهم أمام هواتفهم المحمولة ومن خلفهم أضواء العيد، كلّهم يسعون لتوثيق لحظاتِ السعادة التي يصنعونها من أيّ شيء يحيط بهم رغم كل شيء يحيط بهم.

يبدو أنّ استمتاعَ السوريين بزينة أعياد الميلاد ورأس السنة والتقاط الصور التذكارية في هذه المناسبة أصبح من الطقوس السنوية للكثير منهم بعد (مشوار) يلفّون به عدداً من الشوارع والأماكن التي تتجمّل بالأضواء والزينة وأشجار الميلاد في هذا الوقت من كل عام.

زينةُ الميلاد التي تزداد انتشاراً في شوارع العاصمة عاماً بعد عام، لم تعد مبادرةً فرديةً لأهالي المناطق التي أخذت على عاتقها خلق أجواء الاحتفال كلٌّ من شرفة منزله على أقل تقدير، إضافةً إلى مبادرة بعض الكنائس، أما اليوم فيبدو أنّ المبادرات تحولت إلى مهمة رسمية للجهات الحكومية من خلال قيامها هذا العام بتزيين أهم ساحات المدينة بشكل حضاري يدخل الفرح -وإن كان مؤقتاً- إلى القلوب، وبالتالي أتاح ذلك الفرصة لأكبر عددٍ من السوريين بمعاينة الزينة والاحتفاء بها عن قرب في مناطق قريبة منهم، والأهم أخذ الصور التذكارية معها بعد أن كانت تنحصر في عدد من الأحياء والشوارع.

السعادة التي خلقتها (شوية أضوية) في نفوس الكثير من السوريين، والتي دفعتهم لترك منازلهم من مختلف المناطق -البعيدة والقريبة- في هذه الأجواء الباردة للحصول على صورةٍ فيها ابتسامة لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، دليلٌ واضحٌ على حاجتنا لأيّ فعلٍ بسيطٍ يندرج تحت مسمى (فرح). دامت الأفراح في قلوبنا جميعاً.