كالشعارات التي لا تطعم خبزاً، تأتي تلك الفعاليات التي تُقام في مناسبة معينة من دون خدمتها مباشرة؛ فتحمل عنوان المناسبة ذاتها؛ وترفع الشعار إياه؛ وتعلن التضامن والتأييد للقضية بكل ما فيها؛ وتلبس الشكل المناسب للحدث، إلا أنها في المضمون تكون بعيدة إلى حدّ ما عن الغاية التي يجب أن تخدمها، ولو أن بإمكانها أن تدمج الناحيتين معاً (الشكل والمضمون) لتعكس القضية التي خرجت من أجلها.

ففي حملة الـ(16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة)، التي تجوب دول العالم، تكرّس بعض البلدان بما فيها "سورية"، ما يسمى جانباً توعوياً للحملة، من خلال الإعلانات والندوات وورشات العمل ومعارض الفن التشكيلي، وحتى الماراثونات والمسابقات.

تلك النشاطات التي تتوجه إلى شريحة معينة من المجتمع، وعلى الرغم من دورها في نشر أهداف الحملة، إلا أنها لا تلامس الشريحة المعنية بالقضية (النساء المعنفات) ملامسة حقيقية، ولا تعود بالفائدة المباشرة عليهن.

المرأة المعنفة أو التي قد تتعرض للتعنيف لا يهمّها إلى من وصلت الحملة المناهضة ضد سلوك العنف، بل تأمل أن تجد تغييراً حقيقياً في سلوك المجتمع يحميها من التعنيف. ولا يشغل بالها عدد معارض الفن التشكيلي التي أقيمت في هذه المناسبة، ومن قدم محاضرات وندوات في هذا اليوم، وكم كانت اللوحات معبرة عن القضية، وعدد اللواتي حضرن للمشاركة في مسير تحت شعار قضيتها، أو الصور التذكارية التي التقطت للتعاطف معها ومع مناسبة الحدث. بل يشغل بالها حقاً وجود مكان يحميها من العنف تلجأ إليه عندما تأخذ قراراً بعدم السكوت عن تعنيفها مهما كلفها ذلك.

الجانب التوعوي للحملة مهم بلا شك، لكن كثرة المظاهر والشكليات وتكرار النشاطات التي تدّعي أن غايتها نشر أهداف الحملة، لن تقدم ولن تؤخر بالموضوع من الناحية الفعلية؛ فمن الأجدر بالجهات القائمة على الفعاليات أن توجه الوقت والجهد والمال الذي يهدر عليها، للمساهمة في ببناء وحدات لحماية للمعنفات، كالوحدة التي أنشئت في "دمشق" قبل أشهر من قبل الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، التي تحتضن نساء وأطفالاً تعرضوا للعنف واحتاجوا إلى مكان يلجؤون إليه يحميهم من عنف المجتمع، وليست المساهمة بالمال فقط، وإنما تقديم الدعم النفسي والمعنوي للمعنفات في أي مكان يتواجدن فيه، لعلنا نصل بالجهود المشتركة إلى كل امرأة معنفة، ونقول لها في هذه الحملة: نحن معكِ.