"اقطع رأس القط من ليلة العرس"؛ مثل شعبي سوري ما زال قائماً لكن بطريقة مختلفة في مجتمعنا على الرغم من قدمه وتطور الحياة المتسارع، وهو يرمز إلى القوة والسيطرة الذكورية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2015، الباحث بالأمثال الشعبية "ممدوح حبق"؛ الذي تحدث عن قصة هذا المثل بالقول: «يحكى أن عريساً أراد أن (يتمرجل) في ليلة عرسه أمام عروسه، ليؤدب قطة أزعجته فقطع رأسها، فخافت العروس منه، وأطاعته ولبت جميع مطالبه في حياته معها، قائلة في نفسها إذا فعل ذلك مع القط؛ فماذا سيفعل معي؟! يضرب هذا المثل في كل إنسان يريد أن يضع حداً لأمر ما في حياته، فإذا تساهل الزوج مع زوجته في الخروج من البيت في المرة الأولى أصبح اسمها (شطاطة من بيت اشقاع لبيت ارقاع، لبيت طيب الله أفراحكن)؛ أي إنها لا تجلس في البيت، كمثل: "غيبة المستحية من على بكرا لعشية"، وهكذا بات هذا المثل الشعبي القديم عبارة عن سلاح يقوم به الرجل من أجل ضبط إيقاع المنزل والمحافظة على تقاليد متوارثة من السلف».

هذا المثل مازال موجوداً بحذافيره في أكثر مناحي الحياة الاجتماعية، وهي عملية للتوجيه، أو إثبات الرأي الصحيح، وبرأيي الخاص أغلب الشرائح الاجتماعية تؤمن بواقعية هذا المثل وضرورته لاستمرار الحياة، ولوجود الغالب والمغلوب

ويرى الباحث أن المثل ما زال متداولاً حتى اللحظة على الرغم من نفي الناس لذلك لأن الظروف تغيرت، ويتابع: «هذا المثل مازال موجوداً بحذافيره في أكثر مناحي الحياة الاجتماعية، وهي عملية للتوجيه، أو إثبات الرأي الصحيح، وبرأيي الخاص أغلب الشرائح الاجتماعية تؤمن بواقعية هذا المثل وضرورته لاستمرار الحياة، ولوجود الغالب والمغلوب».

التربوي خضر الأحمد

بدوره عبّر التربوي "خضر الأحمد" عن رأيه في هذا المثل ومدى مواكبته للواقع بالقول: «في الجاهلية يقال هكذا فعل آباؤنا ونحن فاعلون، وهذا المثل عرف اجتماعي قديم ساقه إلينا الأجداد، وهو يؤكد على أن تكون للرجل هيبته في منزله، وأن يأخذ دوره من اللحظة الأولى بحياته الزوجية، وبرأيي الخاص هذا المثل لم يعد قائماً بوقتنا الحالي لعدم الاقتناع به من قبل أغلب الناس».

أما العامل "مؤنس دركولي" فيقول: «لست مع هذا المثل أبداً ولا سيما أنه يخص العلاقات الإنسانية أو الحياة الزوجية التي من أهم أسسها الأمان والاستقرار، فكيف يمكن لرجل أن يبدأ حياته مع شريكة عمره بالقوة والعنف، والخوف والرعب، وكيف للعلاقات الإنسانية أن تقوم على أساس الخوف والشك وعدم الثقة بالآخر، أما إن كان المثل يتعدى حدود العلاقات الزوجية ليصل إلى المجتمع كتعبير عن القوة والسطو والهيبة؛ فهنا لي رأي آخر أيضاً؛ حيث نلاحظ وجود ذلك كثيراً في مجتمعنا، ويبدو أن هذا ينطبق على الكثير من المجتمعات التي يوجد فيها العديد من هذه النوعية».

ويختم "حبق" تعريفه بالأمثال الشعبية ومدى فعاليتها على الأرض بالقول: «تعد الأمثال الشعبية من أكثر الأشكال التعبيرية الشعبية انتشاراً وشيوعاً، ولا تخلو منها أي ثقافة، إذ نجدها تعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها وانتماءاتها، وتجسد أفكارها وتصوراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها ومعظم مظاهر حياتها في صورة حية، وفي دلالة إنسانية شاملة، فهي بذلك عصارة حكمة الشعوب وذاكرتها، وتتسم الأمثال بسرعة انتشارها وتداولها من جيل إلى جيل، وانتقالها من لغة إلى أخرى عبر الأزمنة والأمكنة، إضافة إلى إيجاز نصها وجمال لفظها وكثافة معانيها، وبكل بساطة الأمثال تعبير عفوي عن موقف أو حدث موجز لحد البلاغة، وتحتل الأمثال جزءاً مهماً من التراث الشعبي السوري المحكي؛ حيث تعد توثيقاً للواقع والحياة الشعبية، وقد حظيت بعناية خاصة على مرّ العصور، فكل جيل اندثر ترك خلفه خلاصة تجاربه وحكمه كأمثال وحكم، حيث لكل مثل ضرب من ضروب الحياة يستشهد به، وبقيت الأمثال إلى يومنا هذا كنزاً لغوياً وقيمة أدبية للجميع، ومنها هذا المثل الشائع».