ظاهرة جميلة تطرق باب السماء كل عام، لتحل ضيفةً لامعةً على سكان الأرض في عدة مناطق حول العالم، فيتوافد المهتمون بحماسة إلى الأماكن المناسبة، ليمتعوا أنظارهم بالبريق الذي تتركه خلفها.

"الهطل الشهابي" ظاهرة سنوية تتكرر عدة مرات على مدار العام وبأوقات معروفة، وقد تغير مدى الاهتمام بهذه الظاهرة بين الماضي والحاضر بوجه لافت، هذا ما تحدثت به "زكاء الكحال"، (عضو في الجمعية الفلكية السورية) لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 آب 2015، وتقول: «في الماضي كان الناس يشعرون بالخوف عند رؤية الشهب في السماء، فمنهم من كان يخاف أن تتساقط على رأسه، وآخرون يؤمنون بأنها ستجلب الكوارث وأن مرورها نذير شؤم، بينما في مقلب آخر نجد أن الشهب كانت مصدر أمل لفئات أخرى من الناس، يستمتعون بترقبها معتقدين أن مرورها يفتح باب التمني لأحلام يرغبون بتحقيقها، وفي محاولات لحسم ذلك الاختلاف في وجهات النظر، تعتمد بعض الجمعيات الفلكية اليوم الحل العلمي لدحض الخرافات التي تتناقلها الأجيال من دون الاستناد إلى أسس دقيقة، فأصبح لدينا بمساعدة تلك الجمعيات دراية ومعرفة بأي ظاهرة فلكية، منطلقين من تفسيرها المنطقي، وبدأ الناس يتناسون الأفكار القديمة ويربطون الظواهر بمسبباتها الحقيقية، مدركين تماماً أن الشهب لا علاقة لها بحدوث الكوارث ولا بتحقيق الأمنيات، وبدأنا نلحظ زيادة في أعداد الناس المهتمين بالظواهر الفلكية، الذين يرافقون الجمعيات المختصة برصد تلك الظواهر المختلفة كترقب الشهب ومشاهدة الكواكب والنجوم، ليمزجوا بين المعرفة والعلم والمتعة، مبتعدين عن الخوف الذي كان ينتشر حول حقيقة تلك الظواهر الفلكية».

لطالما كنت أحب النظر إلى السماء وما فيها من نجوم وكواكب، لكن لم يكن هنالك اهتمام كبير بالظواهر الفلكية على مستوى عائلتي، لعدم معرفتنا بأوقات حدوثها، ولذلك ورغبةً مني بالتوسع أكثر في معرفة هذا العلم الممتع قررت الانتساب إلى الجمعية الفلكية السورية

أما "عامر ملا" (أحد الشباب الهواة المهتمين بالعلوم الفلكية) يقول: «لطالما كنت أحب النظر إلى السماء وما فيها من نجوم وكواكب، لكن لم يكن هنالك اهتمام كبير بالظواهر الفلكية على مستوى عائلتي، لعدم معرفتنا بأوقات حدوثها، ولذلك ورغبةً مني بالتوسع أكثر في معرفة هذا العلم الممتع قررت الانتساب إلى الجمعية الفلكية السورية».

المهندس عبد العزيز سنوبر

ويضيف حول مشاركته في أنشطة الجمعية لرصد الهطل الشهابي: «شاهدنا عشرات الشهب تلمع ضمن مجال السماء بخطوط ضوئية رائعة ترى بالعين المجردة، واستمعنا إلى محاضرات علمية فلكية تم شرحها بالتفصيل وبطريقة بسيطة، تعلمنا من خلالها أن الشهب هي بقايا مذنب تخترق الغلاف الجوي للأرض لتظهر على شكل تلك الخطوط البراقة، وبعد ذلك انتقلنا إلى التلسكوبات حيث رصدنا كوكب زحل ومجرة المرأة المسلسلة والتجمعات النجمية الجميلة، كانت فعلاً تجربة ممتعة للغاية».

يقول المهندس "عبد العزيز سنوبر" (نائب رئيس الجمعية الفلكية السورية) متحدثاً عن الأنشطة التي تقيمها الجمعية لرصد الهطل الشهابي كل عام: «ساعات مفعمة بالحيوية في النهار، تكون المشاركة الجماعية تمر بسعادة ونحن نرصد ونعد الشهب التي تظهر بوضوح للعين المجردة، ونحن في الجمعية نقوم بهذا النشاط منذ عام 2008، لتبدأ الأنشطة بعد غروب الشمس؛ حيث يتم رصد الكواكب الموجودة في السماء، كما نقوم برصد مجرة المرأة المسلسلة والتجمعات النجمية الأخرى، وذلك باستخدام عدد من التلسكوبات الحديثة التي يتم توزيع الحضور عليها إلى مجموعات، وبعد ذلك نقدم محاضرات للتعرف إلى خارطة السماء وكيفية الاهتداء بالنجوم لمعرفة الجهات الأربع، ومن ثم نشرح عن حقيقة الأبراج الظاهرة».

زكاء الكحال عضو الجمعية الفلكية السورية

يختلف عدد الشهب في كل سنة يوضح "عبد العزيز" ويقول: «يتأثر هذا الأمر بعدة عوامل؛ أهمها مكان الرصد، والتلوث الضوئي، ووجود الغبار والغيوم في الجو، ووجود القمر في السماء ليلة الرصد. ففي السنة الماضية مثلاً لم نستطع عدّ أكثر من عشرة شهب في الساعة، أما في هذه السنة فقد تم عدّ 43 شهاباً في الساعة في منطقة "الديماس"، حيث أقامت الجمعية نشاط رصد الهطل الشهابي هذه السنة، في جو رائع من الحماسة والفرح، وبوجود فئات مختلفة من الأشخاص المهتمين بمراقبة الظواهر الفلكية والتعرف أكثر إلى تفاصيل حدوثها».

خلال رصد الهطل الشهابي