تبدأ طقوس موسم جني الجوز في "عرنة" من تجهيز الأدوات اللازمة للقطاف، يتبعها توزيع المهام كي يُنجز العمل في أسرع وقت، وفي الاستراحة التنافس عنوان الجميع، وحتى الأطفال لهم حصتهم من ثمرة العمل.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 13 آب 2015، "تامر كبول" أحد مزارعي قرية "عرنة"، الذي تحدث عن موسم قطاف الجوز في قريته، ويقول: «مع قرب شهر أيلول يبدأ الفلاح تجهيز نفسه من أجل جني محصول الجوز الذي يعدّ أحد أهم الأغذية المتكاملة من حيث احتوائه على العديد من الفيتامينات والبروتينات والمواد المغذية المتنوعة، حيث يجتمع أفراد العائلة والأصحاب من شبان وشابات، ويذهبون إلى الحقول المزروعة بالجوز من أجل جني الثمار، مصطحبين معهم الأوعية البلاستيكية والعصي الخشبية الطويلة، التي يطلق عليها أكثر من اسم، مثل: "الطاروح"، أو "الشبيق"، أو "المفراط"، إضافة إلى أكياس الخيش و"العدول" كبيرة الحجم المصنوعة من الصوف أو من الشوادر التي تكون مجهزة قبل يوم من موعد فرط الجوز، ومع بداية الصباح ينطلق الفلاح بواسطة وسائل النقل التي كانت سابقاً الحيوانات وحالياً "الآليات الزراعية"، وفي هذه الأثناء تكون الفلاحة قد جهزت "زوادة" الطعام وماء الشرب لتكفيهم يوم عملهم».

يتميز الجوز البلدي بنكهته اللذيذة ورائحته الزكية المميزة، حيث من الممكن استهلاكه طازجاً، أو في صناعة الحلويات والمربيات والمكسرات، وبالتأكيد طعمه يختلف باختلاف طريقة الجني والنقل والتجفيف، فهو يحتاج إلى عناية كبيرة، حتى يحافظ على نكهته البلدية

ويتابع: «تتوجه العائلة بأكملها إلى الحقل حتى الأطفال؛ مع وجود بعض التذمر من قبل الفتيات لما تخلفه عملية القطاف من تلوث لليدين وصبغها باللون الأخضر، وعند الوصول إلى الحقل يقوم الفلاح بعلمية "تقشيش"؛ أي إزالة أعشاب "العليق" أو "القريص" بآلة حادة تدعى "الزوبر" أو "المنجل" حتى تصبح الأرض خالية من الأعشاب، كي لا تضيع حبات الجوز أثناء الفرط، بعدها يوزعون المهام فيما بينهم؛ فالشبان يتسلقون الأشجار ويضربون الثمار بالعصي، والشابات والأطفال يقومون بالتقاط حبات الجوز المتساقطة على الأرض ووضعها في الأوعية البلاستيكية بداية، ثم يقومون بتعبئتها في أكياس الخيش و"العدول"، ويستمر فرط الجوز عن الأشجار بهذه الطريقة حسب مساحة الأرض المزروعة، فمنها ما يستغرق أسبوعاً أو أسبوعين أو أكثر».

شجرة الجوز

أما "جلال أبو مرة" من أهالي القرية، فيتحدث عن الطقوس الاجتماعية التي تتخلل مهمة فرط "الجوز" بالقول: «عند منتصف النهار وبعد إتمام جزء من عملنا وشعورنا بالتعب والجوع، نجلس لتناول الطعام، وتبادل الأحاديث والأغاني الشعبية، ولا تخلو الجلسات من المنافسة فيما بيننا حول من يستطيع أن يكسر حبة الجوز والمحافظة على اللب "جمل"؛ أي لبّ كامل سليم، أما الأولاد فيتسابقون لالتقاط حبات الجوز المبعثرة بعيداً نتيجة ضرب الأغصان بـ"الطاروح"، فتسمى تلك الحبات "عورة"، وكل ما يتم التقاطه يكون من نصيبهم فيقومون بتخبئته في جيوبهم.

وهذه الأجواء وقت الاستراحة تجعلنا نعود إلى العمل بنشاط أكبر».

تامر كبول

ويتابع: «عند نهاية يوم العمل الشاق نقوم بنقل الأكياس المعبأة إلى المنازل ووضعها في غرفة مظلمة وتغطيتها؛ من أجل تسهيل عملية التقشير بواسطة المخباط الخشبي؛ وهذه الطريقة كانت مستخدمة قديماً، أما اليوم فقد أصبحت طريقة التقشير أسهل وأسرع لوجود القشارة الآلية.

وبعد التقشير يتم نقل حبات الجوز المقشرة إلى السطوح لتيبيسها مدة ثلاثة أو أربعة أيام، ثم تقوم الفلاحة بمساعدة البنات والجيران بفرز الحبات من أجل البيع».

وفي لقاء مع "فائدة سلامة" من أهالي القرية تقول: «يتميز الجوز البلدي بنكهته اللذيذة ورائحته الزكية المميزة، حيث من الممكن استهلاكه طازجاً، أو في صناعة الحلويات والمربيات والمكسرات، وبالتأكيد طعمه يختلف باختلاف طريقة الجني والنقل والتجفيف، فهو يحتاج إلى عناية كبيرة، حتى يحافظ على نكهته البلدية».

يذكر أن أشجار الجوز تنتشر في معظم أراضي قرية "عرنة" نظراً لتوافر المناخ الملائم لزراعتها ونموها، ويمكن أن تزرع بعلاً في المناطق غزيرة الأمطار، فأغلب الأحيان نجدها منتشرة على ضفاف الأنهار والجداول وأماكن تجمع المياه، وهي تحتاج إلى العناية مثل التسميد والسقاية والرش قبل نضج المحصول.