"دخلك يا توت الشام سلم ع الحبيب.. قلو ييجي ويحن قلبه ع الغريب"؛ لموسم التوت الشامي طقوسه الاجتماعية عند أهالي قرية "عرنة"؛ وذلك من خلال بعض التجهيزات التي تبدأ باجتماع أفراد الأسرة قبل قطاف المحصول وتوزيع المهام فيما بينهم.

تتميز قرية "عرنة" بوفرة أشجار التوت الشامي فيها، بسبب مناخها البارد وتربتها الرطبة، وغزارة أمطارها ووفرة المياه فيها، حيث تعيش أشجار التوت بعلاً وأحياناً مروية، وتعدّ أشجار التوت من الأشجار المعمرة وشاهقة الارتفاع؛ حيث يمكن أن يصل عمرها إلى 150 عاماً، وارتفاعها يتجاوز 10 أمتار.

بعد توزيع المهام فيما بيننا نبدأ عملية قطاف الثمار التي تحتاج إلى الخبرة، ويكون عن طريق الضغط على "عنق كبش" التوت بالسبابة والإبهام مستعينين بالأظافر للمحافظة على شكل "الكبش" وعدم تلفه، ولا يوجد أي طريقة أخرى للقطاف حتى الآن، ويتم بعدها وضع الثمرة في الوعاء المخصص لها، ويجب قطف الحبات السوداء فقط لأن ثمار التوت تنضج على مراحل متعددة، فيكون لونها أخضر ثم زهري ثم أحمر حتى يصبح لونها أسود وحجمها كبيراً، لهذا يكون القطاف على عدة مراحل فكل ثلاثة أيام نقوم بنفس العمل ولمدة شهرين

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 تموز 2015، "محمود قريشة" أحد مزارعي قرية "عرنة"؛ الذي حدثنا بالقول: «يعدّ موعد قطاف ثمار التوت الذي يبدأ في شهر تموز من الأيام الاجتماعية المميزة، حيث يجتمع أفراد العائلة والأصدقاء والأقارب صغاراً وكباراً، وقبل يوم أو يومين من موعد القطاف يأتي الأبناء المتزوجين المتواجدين خارج القرية للمساعدة، وقبل موعد قطاف ثمار التوت يتم تجهيز العبوات البلاستيكية ذات الأحجام المختلفة واللازمة للقطاف وتنظيفها بالماء وتنشيفها جيداً للحفاظ على ثمار التوت، ومع بداية الصباح وقبل طلوع الشمس، تتوجه العائلة بأكملها إلى الحقل من شباب ونساء وأطفال مع وجود بعض التذمر من قبل الفتيات لما تخلفه عملية القطاف من تلوث لليدين والوجه، وعند الوصول يتم تقسيم المهام فيما بينهم ويقوم كل شخص بعمله المطلوب منه، فمنهم من يتسلق الأشجار أو يستعين بالسلالم الخشبية الطويلة، وبعضهم الآخر يهتمون بتجهيز العبوات البلاستيكية التي ستوضع فيها ثمار التوت».

التوت المجهز للبيع

ويتابع: «بعد توزيع المهام فيما بيننا نبدأ عملية قطاف الثمار التي تحتاج إلى الخبرة، ويكون عن طريق الضغط على "عنق كبش" التوت بالسبابة والإبهام مستعينين بالأظافر للمحافظة على شكل "الكبش" وعدم تلفه، ولا يوجد أي طريقة أخرى للقطاف حتى الآن، ويتم بعدها وضع الثمرة في الوعاء المخصص لها، ويجب قطف الحبات السوداء فقط لأن ثمار التوت تنضج على مراحل متعددة، فيكون لونها أخضر ثم زهري ثم أحمر حتى يصبح لونها أسود وحجمها كبيراً، لهذا يكون القطاف على عدة مراحل فكل ثلاثة أيام نقوم بنفس العمل ولمدة شهرين».

كما حدثنا "ماجد ظاهر" من أهالي قرية "عرنة" عن أجواء قطاف "التوت الشامي" بالقول: «في منتصف النهار وبعد إتمام جزء من عملنا نجلس لتناول الطعام، وتبادل الأحاديث عن الموسم ومقارنته بالمواسم الماضية وكيفية تسويقه، حتى تخف حدة أشعة الشمس، وبهذه الأثناء نأخذ ما تم قطافه من التوت ووضعه في مكان بارد للمحافظة عليه، وأحياناً نتبادل الأغاني الشعبية و"العتابا"، ومن يملك صوتاً مميزاً يردد أغنية المطرب "وديع الصافي" التي تتحدث عن التوت الشامي:

ماجد ظاهر

"يا توت الشام يا شامي... سلم عالسمرا الع خدا شامة

طرطشلي خدودا... غرمشلي زنودا

شجرة التوت الشامي

جبلي من شعرا الأسود علامة... يا توت الشام يا شامي".

ولا تخلو الجلسات من ممارسة بعض التسلية والمزاح بفرك وجوه بعضنا بعضاً بحبات التوت، لنعود إلى العمل بنشاط وحيوية أكثر، أما الأولاد الذين لا يستطيعون العمل فيقومون بتلويث أيديهم وأوجههم وثيابهم بالتوت دليلاً على مساعدتهم لنا في إنجاز عملنا».

وعن الطرائق المستخدمة في قطاف حبات التوت يضيف: «بعض الفلاحين يقومون بعملية هز الأشجار والأغصان، حيث تتساقط "كبوش" التوت على قطعة النايلون أو القماش التي تم وضعها مسبقاً على الأرض، لكن هذه الطريقة غير جيدة لأنها تسبب تلف العديد من الثمار، وتستخدم ثمار التوت للعصير بعد أن تنتهي النساء من عملية تحضيره ليقدم كضيافة، كما يصنع من حبات التوت الحمراء مسحوق الحامض شبيه السماق، الذي يستعمل في معظم "السلطات" ويعطي نكهة رائعة، وبعد الانتهاء من عملية القطاف تكون الأيدي والأوجه أصبحت حمراء اللون فنقوم بفرك أيدينا بحبات التوت الحمراء غير الناضجة وغسلها بالماء حتى تزول البقع كلياً».