العديد من المأكولات الدمشقية ارتبطت بمناسبات خاصة؛ لها دلالتها الاجتماعية التي تصنع لأجلها هذه الأطباق، فلكل مناسبة عند أهل الشام طبق مميز يقدم خلالها، فهم يوجدون المناسبات التي تقربهم بعضهم من بعض وتجمع الأهل والأصدقاء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 تموز 2015، "أمل ترجمان" ربة منزل، لتخبرنا عن العادات الشامية وارتباط بعض الأكلات الشامية بمناسبات معينة تحضر خلالها أغلب الأحيان، التي قالت: «كان الهدف من هذه الأكلات جمع العائلة الكبيرة والأصدقاء والجيران في جو تسوده الألفة والود والحب، ومع تكرار صنع أكلات معينة في مناسبات محددة، ارتبطت هذه الطبخة بتلك المناسبة، ومن هذه الطبخات مثلاً "المجدرة، ومخلل اللفت"، التي ارتبطت بذهاب النساء الشاميات قديماً إلى الحمام، فقد كانت فرصة ليجلسن ويتبادلن القصص و"النكات"، ويجتمعن على طبق لا يكون مرتفع الثمن، وهناك أيضاً أكلة وداع العروس من بيت أهلها وهي " الحراق إصبعو"؛ وتكون آخر أكلة تأكلها العروس في بيت أهلها مع أخواتها وصديقاتها وبنات حارتها، كما كان يستمر الاحتفال بالعروسين بعد حفل الزفاف لمدة سبعة أيام، ولكل يوم طبق تجتمع العائلتان عليه وهي "رز ببزاليا، وفريكة، وصفيحة، مناسف، ورز بفول، ورز بتجليلة، وحراق إصبعو"، لذلك عندما كانت تسأل أم العريس متى زفاف ابنك تقول "على موسم الفول" لكيلا تفكر كثيراً وهي باحثة عن طبخة تدعو إليها كل الأحبة، ولمناسبة أخرى كانت تحضر ربة المنزل "الحبوب"؛ وهي من الحلويات التي تحضرها وتدعو إليها الأهل والجيران والصديقات، وتكون لمناسبة "وضع الحجاب" لابنتها؛ والهدف منها التعريف بأن البنت أبلغت ليتقدم الخطاب إليها، وتحضر "الكراوية" في فصل الشتاء عند ولادة المولود وتزين بأنواع من المكسرات كـ"الجوز واللوز والفستق" وغيرها، بينما في فصل الصيف تكون الضيافة "البوظة" وباللهجة الشامية "الإيمع"».

دأبت العائلات الدمشقية على تعزيز الأواصر والروابط الاجتماعية فيما بينها، وذلك من خلال الدعوات واللقاءات والمناسبات التي تقام باستمرار، وهي تعبر عن سمة الكرم عند هذه العائلات، وكذلك لكي تظهر كل سيدة تميزها في فن الطبخ، وهناك عادات لها علاقة بالتكافل الاجتماعي مثل "السكبة" التي مازالت متوارثة إلى وقتنا الحالي، ولهذه العادات الاجتماعية جذور وتهدف إلى شيء ما، على سبيل المثال عندما تأكل العروس "حراق إصبعو" لآخر مرة في بيت أهلها ربما هذه رسالة كي تنقل هذه الأكلة إلى بيت زوجها الذي ربما لا ينتمي إلى ذات المدينة، فهذه البنت تحمل هذا الموروث لعائلتها الجديدة

وتتابع: «وهناك أطباق ارتبطت بأيام معينة، مثل إفطار اليوم الأول في العيد بعد رمضان؛ الذي يتكون من "بيض غنم وسودا ومعلاق"، ووجبة الغداء لأول يوم في العيد إلى الآن عند أهل الشام تكون "شاكرية ورز"، ويجب أن يكون الطبق بكمية تكفي العائلة الكبيرة المجتمعة، وذلك عند كبير الأسرة لتهنئته بالعيد، ويحفظ نصيب الشخص الذي لم تمكنه ظروفه من الحضور حتى حضوره، ومازالت العائلات الشامية في أيام العيد تضع طاولة في زاوية غرفة الضيوف ويوضع عليها ضيافة العيد كاملة من الحلويات و"المعمول" والفاكهة والقهوة المرة و"الموالح".

أمل ترجمان

اعتاد "الشوام" تحضير الطبخات البيضاء مثل: "الرز بحليب، أو الرشتاية أو ألماسية"، وهي ما يبتدئ بها العام الجديد وليلة "عاشوراء"، وهي على سبيل التفاؤل ليكون العام أبيض، وبعيد المولد النبوي "الملبس"، وغيرها من المناسبات».

أما الموظفة "ميشلين سلوم" فتقول: «إن الأكل ثقافة تختلف باختلاف المجتمعات والعائلات، هناك الكثير من الأطباق التي ارتبطت بمناسبات دينية معينة، وكلها ترمز إلى الكثرة والبركة، فمثلاً طبق "السليقة" بعيد القديسة "بربارة"، وطبق "الهريسة" يحضر لعيد القديس "مار الياس"، ويحضر السمك في عيد "الشعانين"، وخلال الصوم "كبة الحيلة" و"الحراق إصبعو"، وحلوى "المغلي" التي تتكون من "القرفة والزنجبيل وجوز الهند والقرنفل والسكر" وتزين بالجوز التي تقدم ما بعد الولادة، وجميع هذه الأطباق يجب أن تكون بكمية تناسب العائلة المجتمعة والمحتفلة بالعيد، والأهم من الأكلات هو جمع الأسرة بعضها مع بعض وتعزيز أواصر المحبة فيما بينها».

ميشلين سلوم

كما حدثنا الباحث "محمد فياض الفياض": «دأبت العائلات الدمشقية على تعزيز الأواصر والروابط الاجتماعية فيما بينها، وذلك من خلال الدعوات واللقاءات والمناسبات التي تقام باستمرار، وهي تعبر عن سمة الكرم عند هذه العائلات، وكذلك لكي تظهر كل سيدة تميزها في فن الطبخ، وهناك عادات لها علاقة بالتكافل الاجتماعي مثل "السكبة" التي مازالت متوارثة إلى وقتنا الحالي، ولهذه العادات الاجتماعية جذور وتهدف إلى شيء ما، على سبيل المثال عندما تأكل العروس "حراق إصبعو" لآخر مرة في بيت أهلها ربما هذه رسالة كي تنقل هذه الأكلة إلى بيت زوجها الذي ربما لا ينتمي إلى ذات المدينة، فهذه البنت تحمل هذا الموروث لعائلتها الجديدة».

محمد فياض