لم تكن البيوت الدمشقية تخلو من الألعاب الجماعية التي كان يشارك بها الكبير والصغير، وقد كان لهذه الألعاب دور كبير في توثيق أواصر الألفة الاجتماعية ما بين العائلة والجيران.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 أيار 2015، ربة المنزل "ناريمان طباع" التي عادت بذاكرتها إلى الأيام السابقة التي كانت تجتمع فيها العائلة والأحبة ضمن البيت العربي الكبير، وحدثتنا بالقول: «لا أنسى عندما كنت في بيت أهلي ومنظر البحرة الكبيرة التي كنا نجتمع حولها دائماً، ونستمتع بالماء الذي يتدفق منها، وخصوصاً في فصل الصيف الحار، حيث يبدأ الأطفال رش الماء على بعضهم، وتتعالى أصواتهم الفرحة، وتجد الكبار يتبعونهم بعد أن يشتد الحماس، ويبدؤون الركض ضمن باحة المنزل الكبيرة، فمنهم من يركض مسرعاً هرباً من أحدهم يجري خلفه بدلو مملوء بالماء، ومنهم من كان يسرع باتجاه أحد الغرف ليجد بانتظاره دلو الماء، والآخر يجري متجهاً إلى باب البيت وأحدهم يملأ دلوه من البحرة ويلحق به، وينتقل اللعب إلى خارج البيت ليصبح بين جميع الجيران ويسود جو من الألفة والود، وكأن الجميع عائلة واحدة».

إن الألعاب الدمشقية كان لها دور كبير في السابق بتسلية العائلة وتمضية الوقت، وكانت تعمل على تركيز التفكير وتنشيط الذاكرة، فهناك الكثير من الألعاب التي كانت تمارس داخل البيت الدمشقي، ومنها: "الطاولة، والضامة، والبرسيس، والدحاحل، والخمس بحصات، والحزازير، ورش الماء صيفاً"، لكن عدداً قليلاً في وقتنا الراهن يمارس مثل هذه الألعاب فلم يعد هناك وقت لممارستها كالسابق، ولقد كان لهذه الألعاب دور كبير في الألفة الاجتماعية التي بدأت التلاشي في عصر أصبح يسمى عصر السرعة والإنترنت

وتتابع بالقول: «ومن الألعاب التي كان لها ذكريات جميلة أيضاً لعبة "أعواد الكبريت"؛ وكانت تسمى سابقاً "الشيخ الكبريتي"، وكانت مخصصة للنساء، وهي عبارة عن عدد من أعواد الكبريت ملفوفة بقطع قماش طويلة، وتسمى "شراطيط" وتوضع الأعواد بعد لفها بالقماش تحت كف اليد، وتأتي إحدى الموجودات وتضرب على هذه اليد، وتقول بالعامية: "يا شيخ الكبريتي يلي ملفلف بالشرطيتي شو حظي اليوم"، وتبدأ فك القماش من الأعواد، وإن فكت معها كان تتمتع بحظ جيد، وإن لم تفك تكون غير محظوظة، وهي بالنهاية لعبة حظ وتسلية تجمع الأحبة، وأنا أرى في وقتنا هذا أصبحت هذه الألعاب محدودة جداً بعد التقدم التكنولوجي وانتشار ألعاب الكمبيوتر والإنترنت، وغيرها في مواقع التواصل الاجتماعي التي كان لها دورها السلبي بالتخلي عن هذه الألعاب البسيطة والجميلة، لذلك أجد تلك الأيام أجمل لما تحمله من علاقات وألفة ومودة تجمع الأحبة والأهل، فقد كنا نجتمع في يوم محدد من كل شهر في منزل أحد الموجودين لكي نحافظ على الروابط الاجتماعية التي أصبحنا نفتقدها الآن››.

لعبة دمشقية

وحدثنا "علاء علاف" وهو موظف قائلاً: «كنت دائماً أذهب مع والدي إلى بيت جدي، وكنا نجتمع في باحة المنزل الكبيرة، ونبدأ كباراً وصغاراً اقتراح الألعاب، ثم يقترح أحدهم لعبة "سبع بلاطات" ليحضر الطباشير، ويبدأ رسم المربعات على الأرض وعددها سبعة حيث يكون المربع الأول منفرداً والثاني والثالث متجاورين.. وهكذا حتى السابع وتجري قرعة على من الأول باللعب، وتبدأ اللعبة بالحماسة والفرح يرمي الحجر على المربع الأول ويقفز إلى الثاني من دون المرور بالمربع الذي يحوي الحجر، وإن مرّ به يعدّ خاسراً ويأتي شخص آخر بدلاً منه، وكانت هذه اللعبة من الألعاب التي تبعث البهجة والسعادة في قلوب كل المتواجدين».

وكان لنا حديث مع الباحث الاجتماعي "محمد خالد رمضان"، الذي قال: «إن الألعاب الدمشقية كان لها دور كبير في السابق بتسلية العائلة وتمضية الوقت، وكانت تعمل على تركيز التفكير وتنشيط الذاكرة، فهناك الكثير من الألعاب التي كانت تمارس داخل البيت الدمشقي، ومنها: "الطاولة، والضامة، والبرسيس، والدحاحل، والخمس بحصات، والحزازير، ورش الماء صيفاً"، لكن عدداً قليلاً في وقتنا الراهن يمارس مثل هذه الألعاب فلم يعد هناك وقت لممارستها كالسابق، ولقد كان لهذه الألعاب دور كبير في الألفة الاجتماعية التي بدأت التلاشي في عصر أصبح يسمى عصر السرعة والإنترنت».

علاء عراف
لعبة البرسيس