تعتمد العلاقة بين "الحماية والكنة" على أسس قد تتصف أحياناً بالتعقيد وتارة بالتفاهم، ولا بد في النهاية من الوصول إلى صيغة من التعايش بعيداً عن التحكم من قبل الحماية والاستقلالية من جانب "الكنة".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 أيار 2015، ربة المنزل "هالة الشريف" التي حدثتنا عن علاقتها بحماتها قائلة: ‹‹أتعامل مع حماتي كأمي بعد أن انتقلت من بيت أهلي إلى بيت زوجي؛ فقد كانت لهم عاداتهم التي حاولت التأقلم معها في أسرتي الجديدة وخصوصاً حماتي التي اعتبرتني مثل ابنتها، فلم أشعر ببعدي عن أهلي، وأرى علاقتي بزوجي كعلاقتي بأهله فحسن معاملتي لهم ينعكس عليه، ويجب أن أحب ما يحب، ولا تخلو أيامنا من الشوائب والخلافات لكننا نتجاوزها بالتفاهم، ولا أنسى أن "حماتي" الأكبر سناً فلا أخالفها الرأي وهي الأكثر خبرة مني بالحياة، وأعيش معها في بيت واحد، وأراها إنسانة متفهمة وودودة ولا تتدخل بشؤوننا أنا وزوجي وتسعى دائماً ليكون ابنها سعيداً، حتى إنها تصلح بيننا بعض الأحيان، لذلك أنا حريصة على تقديرها، وأحب استشارتها بكل أموري لأخذ النصح منها وأعمل على راحتها دائماً››.

وكان لنا حديث مع الموظفة "هيام خطاط" التي قالت: ‹‹لقد شعرت بأن زوجة ابني واحدة من العائلة من البداية، وأحياناً أجد نفسي مضطرة لأنزل إلى مستوى جيلها وأتفهم متطلباتها سواء بالأفعال أو الأقوال حتى بأنواع الأكل، وأحاول نصحها بطرائق غير مباشرة لكيلا تشعر بالحساسية أو أنني أفرض رأيي عليها، وعلى الرغم من عاداتنا فقد تأقلمت معها إلا أنني أحاول دوماً أن لا تختلف حياتها ضمن عائلتنا عن بيت أهلها، وأتفاهم معها بكل الأمور ولا يخلو الأمر من الخلافات التي قد تحدث بين البنت وأمها، وفي كل مناسبة تكون السباقة بالهدية وأجمل هدية قدمتها لي هي إنجابها الحفيد؛ وهو ما جعلها جزءاً لا يتجزأ من العائلة، وأراها تقوم على راحة ابني في كل شيء››.

هالة الشريف

وعن رأي الشاب "شادي شهاب" قال: ‹‹إن والدتي لها مكانتها وقدسيتها وهي دائماً الأصل، وزوجتي شريكة حياتي التي اختارها عقلي قبل قلبي، وكان لوالدتي دور في اختيارها، وأسعى دائماً لإيجاد صيغة مناسبة للعيش المشترك، لتكون العلاقة بينهما ودية وأطلب من زوجتي حسن المعاملة المستمرة لوالدتي، وكذلك أطلب من والدتي التفهم والنصح الدائم وأنا أراهما يسعيان لسعادتي وهو ما يجنبني المشكلات ويجعل العائلة سعيدة››.

ومن جهته الباحث الاجتماعي "بسام سلام" يحدثنا عن العلاقة الأزلية بين "الحماية والكنة" بالقول: ‹‹إن الخلاف يرجع أحياناً إلى غياب الوعي ورغبة الأم بالسيطرة على ابنها بحكم أنها من ربته ولا تريد أن يأخذ مكانها في قلبه أحد، وكذلك الزوجة تجد نفسها الأحق بامتلاك زوجها، وهنا يبدأ الصراع ولكل طرف مبرراته، ومعظم المجتمعات تنظر إلى "الحماية" على أنها شخصية متسلطة وينسون أنها بالبداية أم ويجب التعامل معها على هذا الأساس وإن إرضاءها كفيل بحياة سعيدة، وبالنظر إلى البيت الكبير الذي يضم الأولاد والأحفاد بحكم العادات والتقاليد، تجد أهم نتاجه تحويل "الكنة" إلى "حماية" نموذجية في ممارسة التسلط الذي عانت منه، ولذلك على الزوج محاولة تفادي هذه الأمور بالعدل بين والدته وزوجته قدر المستطاع وكما يقول المثل: "لا بد يا كنة تصيري حماية" ويعني "عاملي حماتك بالود وكل الخير لأنك ستصبحين في المستقبل حماية، وسيكون هناك كنة". وهناك أمثال كثيرة منها: "الحماية ما بتحب الكنة ولو كانت حورية من الجنة"، "الكي بالنار ولا الحماية بالدار"، "الكلام إلك يا جارة اسمعي يا كنة"، ..إلخ من الأمثال الدالة على أن هناك علاقة يشوبها نوع من الخلافات السطحية التي ليس لها تأثير في مستقبل وحياة "الكنة" مع زوجها››.

هيام خطاط