لم يختر "معاوية موسى" البقاء من دون عمل لعامين ونصف العام بسبب فقدانه إحدى ساقيه، لكن عدم قدرته المادية على تركيب طرف صناعي حالت دون ذلك، ليجد بالتجهيزات التعويضية التي تقدمها الجهات الحكومية مجاناً الحل الأمثل لمشكلته.

مدونة وطن "eSyria" زارت مديرية "الإعاقة وإعادة التأهيل" في مجمع "ابن النفيس" الطبي الحكومي، حيث التقينا الشاب "معاوية موسى" ليحدثنا عن معاناته بفقدان إحدى طرفيه قائلاً: «أعمل في مهنة الحدادة، ولكن منذ عامين ونصف العام تعرضت لحادث فقدت إثره ساقي لتبدأ معاناتي؛ فبعد تماثلي للشفاء حاولت العودة إلى عملي، لكنني لم أستطع بسبب طبيعته التي تتطلب الوقوف لفترات طويلة، بدأت البحث عن تركيب طرف صناعي في المراكز المنتشرة بالبلد لكن غلاء ثمنه كان دائماً يحول دون ذلك، حيث يبلغ سعره من 250 حتى 300 ألف ليرة سورية؛ ووضعي المادي لم يسمح بذلك لكوني خسرت عملي؛ فلجأت إلى الجمعيات الخيرية وكانت الوعود كثيرة لكنها من دون جدوى، وخلال الفترة الماضية لم أوفر جهداً لكنني فشلت إلى أن تعرفت إلى مركز "الإعاقة وإعادة التأهيل" من قبل بعض الأصدقاء ولم يتطلب قبولي سوى اتصال هاتفي وصورة عن الهوية، وقد زرت المركز عدة مرات حيث تم أخذ القياس وأنا هنا اليوم لأركب الطرف».

صدر مرسوم يقضي بتصنيع الأطراف الصناعية في مستشفى "حاميش" ولكن بسبب الظروف الراهنة وزيادة الطلب على الأطراف ارتأت الحكومة افتتاح وحدة لتصنيع الأطراف في وزارة الصحة، ونحن هنا في المركز نقدم الخدمة للمدنيين فقط حيث نملك معملاً مجهزاً بأحدث التجهيزات العالمية

ويتابع: «على الرغم من الألم الكبير الذي ولدته إصابتي لكن الأمل يبقى أكبر بالعودة إلى عملي الذي أحب بعد تركيب الطرف، حيث بدأت اليوم العمل في إحدى المنشآت بما يتناسب مع وضعي الحالي، ومع المتابعة في المعالجة الفيزيائية سوف أكون قادراً على العودة إلى عملي؛ هذا ما أكده الفريق الطبي في المستشفى؛ الذي كان له الفضل في تقديم الطرف مجاناً، إضافة إلى المعاملة الجيدة والخدمة الممتازة».

الدكتورة رفيف ضحية

الشاب "خلدون أبو حمرة" يحدثنا عن تجربته قائلاً: «تعرضت لحادث فقدت إثره الساق من تحت "الركبة"، تم إسعافي إلى مستشفى قريب حيث أجريت لي عملية بتر، ثم عاودت لإجراء عملية ثانية لإصلاح البتر، وبعد الشفاء كان لا بد من تركيب طرف بديل لجأت إلى المستشفيات الحكومية بسبب غلاء الطرف في الأسواق وعدم مقدرتي على شرائها، وبعد أخذ المقاييس والخضوع للمعالجة الفيزيائية تمكنت من تركيب الطرف الصناعي التجريبي أولاً، ثم أجرينا بعض التعديلات وصولاً إلى الطرف النهائي».

ويضيف قائلاً: «لم تنتهِ الخدمة المقدمة لي بتركيب الطرف بل كان هناك متابعة من الجهات الحكومية وبعض الجمعيات الخيرية بالمعالجة الفيزيائية، حيث تم تدريبي على المشي بمساعدة "عكازين"، وبمتابعة التدريب تمكنت من المشي من دون مساعدة وأنا اليوم قادر على متابعة حياتي بوجه طبيعي لكني أجد صعوبة في حمل أي ثقل أكثر من 10 كيلو غرامات».

مخبر تصنيع الأطراف الصناعية

"جهاد حسين" إصابته أفقدته أطرافه السفلية وعن معاناته يقول: «تعرضت لحادث أفقدني أطرافي السفلية كاملة من أسفل الحوض، تم إسعافي إلى المستشفى؛ حيث خضعت لعمل جراحي، وبعد استقرار حالتي الصحية لجأت إلى مستشفى "حاميش" الحكومي لتركيب الأطراف، وقد تمكنت من الحصول عليها لكنها كانت بلا جدوى لأن ما تبقى من أطرافي لا يسمح بتثبيت الطرف الصناعي، تم تحويلي إلى المعالجة الفيزيائية لكسر إعاقتي حيث تدربت على تقوية اليدين وعضلات الجذع، كما تمت مساعدتي من قبل إحدى الجمعيات الخيرية بالحصول على كرسي "مدولب" كهربائي ليساعدني في التنقل؛ وأنا اليوم قادر على الرغم من إعاقتي على تلبية حاجياتي الشخصية».

الشاب "مجد أدنوف" ثلاثون عاماً فقد إحدى يديه وتم تعويضها بطرف تجميلي بمستشفى "حاميش" الحكومي، عن تجربتة يقول: «بعد فقدان إحدى يدي لجأت إلى أحد المراكز الصحية لإجراء الإسعافات الأولية وبعدها تمت إحالتي لتركيب الطرف الصناعي في مستشفى "حاميش" لكن كل المحاولات باءت بالفشل لكون الأطراف المقدمة هناك "تجميلية" وليست "وظيفية"؛ لذلك أنا اليوم بحاجة إلى طرف إلكتروني لكن لم أستطع الحصول عليه بسبب غلاء سعره حيث يصل إلى 20000 دولار، ولا إمكانية مادية لي باقتنائه والجهات الحكومية لم تستطع تأمينه بسبب كثرة الإصابات التي ولدتها الأزمة، لذلك أنا اليوم مكتفٍ بالطرف التجميلي بانتظار المساعدة من قبل إحدى الجهات الحكومية أو الخيرية للحصول عليه للعودة إلى مزاولة عملي في "ميكانيك السيارات"؛ الذي يمثل مصدر رزقي الوحيد».

جهاد حسين

الدكتور "أحمد منصور" اختصاصي في المعالجة الفيزيائية والتأهيل الطبي يقول: «تعد إعادة التأهيل واستعادة القوة العضلية أهم الأهداف التي نسعى للوصول إليها مع المصابين، فنحن نعمل كي يستعيدوا القدرة على تلبية حاجياتهم الخاصة، وعودتهم لممارسة عملهم من خلال تدريب المصاب على الطرف المفقود حيث يتلاءم مع وضعه الجديد والعودة به إلى الحياة الاجتماعية والمهنية، وحماية الطرف المبتور من التشوه والضمور». الدكتورة "رفيف ضحية" في "مديرية الإعاقة" في مجمع "ابن النفيس" الطبي تقول: «صدر مرسوم يقضي بتصنيع الأطراف الصناعية في مستشفى "حاميش" ولكن بسبب الظروف الراهنة وزيادة الطلب على الأطراف ارتأت الحكومة افتتاح وحدة لتصنيع الأطراف في وزارة الصحة، ونحن هنا في المركز نقدم الخدمة للمدنيين فقط حيث نملك معملاً مجهزاً بأحدث التجهيزات العالمية».

وعن إمكانية توافر الكوادر الفنية اللازمة لتصنيع التجهيزات محلياً تضيف قائلة: «نحن في وزارة الصحة لدينا معهد "التقاني الصحي" الذي يقوم بتصنيع الأطراف الصناعية ويُخرج في كل عام فنيين مؤهلين لكن عددهم لا يكفي بسبب الطلب المتزايد، كذلك عدد كبير من الذين تدربوا أصبحوا اليوم خارج البلد، ولتعويض النقص نقوم بتأمين فنيين من خلال عقود موسمية لكنها مازالت دون المستوى المطلوب».

وعن كيفية تأمين المواد اللازمة لتصنيع الأطراف تتابع قائلة: «تقوم الوزارة بتأمينها عن طريق الاستيراد بالتعاون مع التجار عن طريق عقود، لكن بسبب الحصار المفروض علينا هناك صعوبة كبيرة بالحصول عليها لكننا لم ندخر جهداً لتأمينها بأفضل المواصفات، وهناك هدايا ومنح من بعض الدول والمنظمات الدولية كمنظمة "الهلال الأحمر" ومنظمة "الصحة العالمية"، كما أننا لا نملك مصانع تمكننا من صنع الأطراف لذلك نقوم باستيراد المواد الأولية وتجميعها وتطبيقها هنا، حيث لكل مريض حالة تميزه عن الآخر، وكل ذلك يتم مجاناً ولم يقتصر دورنا عند ذلك الحد بل نقوم بمتابعة المصاب حتى يكون قادراً على التأقلم مع حياته الجديدة».