حملت الشموع منذ القدم الكثير من رسائل المحبة والسلام، وتعددت استخداماتها ما بين دينية واجتماعية؛ لتصبح لها أشكال وألوان متنوعة؛ فهي مصدر للفرح والتخلص من الطاقة السلبية.

عرف الشمع منذ القدم كدليل على الطهارة وحُضر في الكنائس، وعن تاريخه وكيفية دخوله ضمن الطقوس الدينية، حدثنا الأب "يوحنا اللاطي" بالقول لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 نيسان 2015: «مراجعنا الدينية مأخوذة من "دير مار سابا" بفلسطين، التي يعود تاريخها إلى 1500 سنة، إذ تعرض المسيحيون للاضطهاد في عهد الإمبراطورية الرومانية، فمارسوا طقوس العبادة بالخفاء ضمن المغارات، ولإنارة المكان استخدموا الفتيل أو عيدان من القش ملفوفة بقطعة من قماش ومغطسة بنوع من الزيوت ومادة الشمع، وكانت تبقى لساعات طويلة كما تظهر الأفلام الوثائقية، وعندما أحضروا "المسيح" من جبل الزيتون وأخذوه إلى المحاكمة ليلاً كانوا يحملون مشاعل من الشمع، عرف في حينها الشمع العسلي الذي ينتجه النحل وكان يحضر في الكنائس من قبل الرهبان، حيث كانت تتلى عليه الصلوات ويوزع للناس مجاناً.

الشمعة وسيلة للتقرب من الله عز وجل، وهي مصدر بهجة وفرح ونورها يحيطك بالدفء، وعلى الرغم من المبالغة في طريقة تزيين الشمعة إلا أنه لا بد من مجاراة العصر، ولا ننسى أن للهب الشمعة سحره الخاص عند انقطاع التيار الكهربائي؛ فهي رفيقنا في سهراتنا المسائية

وقد استخدم الشمع منذ المسيحية الأولى أي 300 سنة بعد الميلاد، ودخلت الشمعة حالياً في أغلب الأعياد وبوجه خاص في عيد "الشعانين"؛ لأن الأطفال في هذا العيد استقبلوا السيد "المسيح" عندما دخل "القدس" بأغصان من الزيتون وسعف النخيل، ولاستحضار نور الإله المتصور بنور الشمع يحمل كل طفل شمعة مزينة بأغصان من الزيتون وهذا الطقس الممارس من وحي المناسبة، فالتركيز على الشمعة يأتي من الغاية البسيطة وهي إضفاء جو من الفرح والبهجة للعيد».

الخوري يوحنا اللاطي مع الأطفال بعيد الشعانين

لتزيين الشموع في الأعياد هنالك ألوان وطرائق مختلفة تعود إلى ذوق المزين والأفكار الجديدة التي دخلت حياتنا، وأغلب الأفكار من وحي المناسبة؛ وهذا ما حدثتنا عنه "كلود لحام" بالقول: «في فترة التحضيرات للعيد بعد رأس السنة الميلادية، تتصدر الشموع الملونة والمزينة واجهات المحال، حيث يختار الأهالي شكل ولون الزينة التي تناسب ثياب أطفالهم، والكنائس أيضاً تحتاج إلى الشموع البيضاء لدخولها في الصلوات الدينية، كما دخل الشمع في المناسبات الاجتماعية؛ حيث بدأنا طبع بطاقات الأعراس على شمعة صغيرة ليحتفظ بها العروسان للذكرى وتوضع الشموع على كل طاولات الحضور، وفي أعياد الميلاد للأطفال نقوم بصنع شخصية كرتونية مثل "سبونج بوب" لترافق قالب الحلوى الذي يكون بنفس الشكل، وهناك مناسبات عامة كعيد الحب؛ إذ يطغى الشمع الأحمر الذي يأخذ شكل القلب، ويدخل الشمع في المناسبات الحزينة أيضاً، إذ نشعل شمعة رسمت عليها صورة السيدة "مريم العذراء" لطلب الغفران والرحمة ولتهدئة النفوس عند أهل الفقيد».

كما التقينا "زعل العيسى" الذي يعمل بمجال الشموع مع ولده منذ 40 سنة، فحدثنا بالقول: «يشاركنا الشمع بجلساتنا من دون إذن، إذ نصنع الشموع حسب المناسبة، هناك من ينذر شمعة بطول ابنه على نية السلامة، وهناك من يشعل شمعة على نية تحقيق أمنية، وهذه ظاهرة روحية منتشرة جداً، يرسل الشمع رسائل سلام من خلال مسيرات الشموع الصامتة على نية تحقيق السلام، وفي فترة من الفترات استعاضوا عن الشمع بإشعال "لمبة" لمنع الهدر، إلا أن الفكرة لم تلق قبول الناس لأن الشمعة وسيلة تمدهم بالدفء الروحي، وهي وسيلة بين الخالق والإنسان؛ وهناك شمع نقي يستخدم في المعالجات الطبية».

زعل العيسى صاحب محل الشمع

بدورها "غالية البغدادي" ماجستير بعلوم الطاقة، تحدثت عن فائدة الشمع المعطر والملون وتأثيره بالمكان في حياتنا بالقول: «بعلم الطاقة النية تسبق أي عمل، لإضاءة شمعة على نية الهدوء للبيت يجب الانتظار حتى ذوبانها الكامل للاستفادة من كامل الطاقة، لكل لون من ألوان الشمع استخدام مختلف، فالشمعة السوداء تسحب الطاقات السلبية من المكان، وتوضع بقرب تيار نافذة مفتوحة قليلاً لتخرج الطاقة السلبية، وتطبق إن دخل إلى بيتك شخص ما وشعرت بعدم الراحة. وتضيف: «منذ القدم نعرف تأثير الروائح في تنشيط الروح والنفس، فالشمع الذي يدخل بتركيبه زيت الصندل يسحب الطاقة السلبية من المكان، ورائحة الخزامى تساعد على الاسترخاء؛ رائحة الفانيليا أو الشوكولا أو الليمون تعطي طاقة جذب أو محبة، إشعال شمعة لونها "موف" يمدنا بالأمل ويعطينا طاقة لتخطيط مستقبلنا وتحقيق أمنياتنا، بقية الألوان معروفة بقانون الجذب؛ منها اللون الأحمر لجذب المال».

كما التقينا "ابتسام بغدان" مدرسة اللغة الإنكليزية التي تشعل شمعة أطفالها الثلاثة على نية سلامتهم وحفظهم، فتقول: «الشمعة وسيلة للتقرب من الله عز وجل، وهي مصدر بهجة وفرح ونورها يحيطك بالدفء، وعلى الرغم من المبالغة في طريقة تزيين الشمعة إلا أنه لا بد من مجاراة العصر، ولا ننسى أن للهب الشمعة سحره الخاص عند انقطاع التيار الكهربائي؛ فهي رفيقنا في سهراتنا المسائية».

كلود لحام مع أطفالها بعيد الشعانين