"أسامينا شو تعبوا أهالينا افتكروها وابتكروا فيها".. يهتم الوالدان باختيار أسماء أطفالهما ولكل منهما طريقته الخاصة؛ فمنهم من يتبع طريقة التوريث، وآخر يعتمد مبدأ لكل "امرئ من اسمه نصيب"، بينما هناك من يربط الاسم بالزمن والحدث والبيئة.

ما بين التفاهم ومراعاة ثقافة المجتمع والتطور والانفتاح على الثقافات المختلفة وعصر السرعة؛ يقوم الوالدان باختيار أسماء أبنائهما التي سيحملونها مدى الحياة؛ مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2015، حول تسمية الأبناء ومدى تأثير هذه الأسماء في حياة الطفل ومسيرته، التقت في البداية المعلمة "حذامي محمود غازي" المقيمة في "شارع العابد" لتحدثنا بالقول: «للاسم أهميته ووقعه وانعكاساته على الطفل، وعلى الوالدين مراعاة حسن اختيار أسماء الأطفال فهم من سيحملون هذا الاسم ويواجهون به المجتمع، فقبول وحب الطفل لهذا الاسم يمنحه الثقة وقوة الشخصية فلا يعرضه لمواقف بين أقرانه ليصبح عرضة للاستهزاء وربما الاستهجان أحياناً، ويخلف ذلك أثراً نفسياً وحالة من الانطواء والعزلة لهذا الطفل، كما يجب أن يكون هناك نوع من الوفاق والتفاهم والتشاور ما بين الوالدين عند انتقاء اسم طفلهما، لأن الخلاف في هذا الموضوع سيؤدي في بعض الأحيان إلى ازدواجية في الاسم؛ حيث سيتم تسجيله ضمن سجلات الولادة باسم ويتم مناداته من قبل العائلة باسم آخر، فلا يستقر بذلك على اسمه الحقيقي الذي يجب أن يعتاده، وفي النهاية الطفل ليس ملك والديه فقط بل هو ملك لمجتمع سيتعامل معه في المستقبل».

انتشرت في الفترة الأخيرة الكثير من الأسماء الدخيلة ولا ننكر أنها جميلة ورنانة؛ ونتمنى أن يعود بنا الزمن إلى الوراء لنحمل مثل هذه الأسماء، ولهذا الانتشار أسبابه المنطقية ومنها الانفتاح على ثقافات جديدة ومختلفة؛ عن طريق وسائل الإعلام والفضائيات وما تعرضه من مسلسلات وبرامج، أضف إلى ذلك التعامل مع الإنترنت؛ هذا العالم الواسع الذي منح فرصة التواصل والتعرف إلى الآخر، لذلك لا بد من مواكبة العصر وانتقاء أسماء لأطفالنا يفتخرون بها ويرتاحون لها ويعرفون معناها، والابتعاد قدر الإمكان عن أسماء صعبة اللفظ ومحرجة

وتضيف: «انتشرت في الفترة الأخيرة الكثير من الأسماء الدخيلة ولا ننكر أنها جميلة ورنانة؛ ونتمنى أن يعود بنا الزمن إلى الوراء لنحمل مثل هذه الأسماء، ولهذا الانتشار أسبابه المنطقية ومنها الانفتاح على ثقافات جديدة ومختلفة؛ عن طريق وسائل الإعلام والفضائيات وما تعرضه من مسلسلات وبرامج، أضف إلى ذلك التعامل مع الإنترنت؛ هذا العالم الواسع الذي منح فرصة التواصل والتعرف إلى الآخر، لذلك لا بد من مواكبة العصر وانتقاء أسماء لأطفالنا يفتخرون بها ويرتاحون لها ويعرفون معناها، والابتعاد قدر الإمكان عن أسماء صعبة اللفظ ومحرجة».

خالد الفرج

بالنسبة لكيفية اختيار الأهل لأسماء أولادهم حدثتنا الإعلامية "فيروز جزائرلي" بالقول: «أغلب العائلات تختار الأسماء ما بين اسم والد الأب ثم الأم، أما باقي الاختيارات فتأتي بالدرجة الثانية؛ فبعض الأشخاص يسحبون قرعة حيث تكتب عدة أسماء في أوراق مغلقة والاسم الذي يتم سحبه يكون من نصيب المولود، وهناك من يختار اسماً يرمز له بشيء مقدس أو يعتز به مثل اسم بطل تاريخي كاسم "خالد" أو "عمر" أو "علي"، أو شخصية فنية مشهورة أو حتى برامج أطفال مثل "سالي ولوسي".. وهكذا، وآخرون يؤمنون بقوة الأحرف والأسماء فيختارون أسماء يعتقدون أنها ستجلب الحظ لولدهم من مبدأ لكل امرئ من اسمه نصيب فيختار "ضرغام، وأسد، ورعد، وليث، ورامي" وغيرها الكثير، أما الفتيات فيختارون لهن أسماء ناعمة تدل على الدلع والأنوثة، وفئة أخرى من الأهل يعتمدون النذر كأن ينذرون إذا جاءهم صبي سوف يسمونه "محمد" أو "عيسى" أما إذا فتاة فسوف يسمونها "فاطمة" أو "زينب"، ويبقى لكل شخص طريقته الخاصة باختيار الأسماء كأن يفتحوا القرآن ويختاروا منه، أو قد يأتيهم الاسم بالمنام، وبالنهاية ينشدون جميعاً مع المطربة فيروز "أسامينا شو تعبوا أهالينا افتكروها وابتكروا فيها.. الأسامي كلام شو قصد الكلام عنينا هني أسامينا"».

وفي مقالة كتبها "محمد عيسى صوانة" عنوانها "نظرات في تسمية الأطفال" تحدث خلالها عن مدى قبول الأبناء لأسمائهم، ومما كتبه: «هناك أسماء لها تأثير غير إيجابي؛ ومن العجب أن الكاتب والمفكر العربي "إدوارد سعيد" قال في تعليق له على اسمه: "احتجت إلى خمسين عاماً لكي أعتاد إدوارد"! لاحظوا قال لكي أعتاد.. ومتى؟ بعد خمسين عاماً!

فيروز جزائرلي

زرت يوماً أحد الأصدقاء، وجاءت شقيقته وهي طفلة فسألتها: ما اسمك؟ فلم تجب، وأسرعت إلى شقيقها ووضعت يدها على فمه لكيلا يخبرني باسمها! فأثار ذلك فضولي، وعلمت بعد ذلك أن اسمها "نور شاه" وأنها تعاني من هذا الاسم المركب غير الملائم للبيئة التي تعيش فيها هذه الطفلة، في مجتمع لم يتقبل هذا الاسم، وقلت لصديقي: كيف ينظر والدك نحو ابنته التي لا تحب هذا الاسم؟ وبالتأكيد كانت ستقبله لو كان "نور" فقط، وهذا يعكس مدى تأثير الاسم في الطفل، ولي صديق آخر أخبرني أن ابنه لم يستوعب اسمه حتى أصبح في الجامعة؛ أي إنه أمضى ثمانية عشر عاماً من حياته غير مقتنع باسمه!».

وعن الآلية التي يتم من خلالها اختيار أسماء الأبناء؛ حدثنا الباحث "خالد الفرج" بالقول: «للبيئة والثقافة والطبقة الاجتماعية والعادات والتقاليد والمكان ما بين ريف ومدينة؛ دور كبير في اختيار أسماء الأبناء، فهناك من يفضل توريث الاسم تخليداً لذكرى الآباء؛ حيث نجد في العائلة الواحدة نفس الاسم متكرراً من جيل إلى جيل، وهناك من يؤمن بأن للمرء من اسمه نصيباً، ويسعى لانتقاء الأسماء القوية التي لها معانٍ ودلالات مميزة وتكون مرتبطة إما بأسماء الأنبياء والصالحين، أو ببعض الحيوانات المعروفة بقوتها كالأسود والنمور، أو أدوات الحرب كالسيوف والرماح.. إلخ من الأمور، ومنهم من يربط الاسم بحدث معين عند ولادة الطفل كهطول الأمطار مثلاً؛ فإذا كان المولود ذكراً سمي "مطر"، وإذا كانت أنثى سميت "مطرة"، أو يربطون الاسم بشخصيات مشهورة كرؤساء وقادة وممثلين ومذيعين؛ فمثلاً في فترة الخمسينيات انتشر اسم "جمال"؛ حباً بالرئيس المصري "جمال عبد الناصر"، وفي التسعينيات من القرن الماضي انتشر اسم "كساندرا" حباً بالمسلسل المكسيكي "كساندرا"، وغيرها من الأسماء التي ارتبطت بحدث معين لاقى قبولاً واهتماماً وتداولاً ما بين الناس».