اختاروا الغربة عن أرض الوطن لمتابعة تحصيلهم العلمي، أو لإيجاد فرصة عمل، أو رغبة ببناء مستقبل، لكنهم حملوا بقلوبهم عشقاً للوطن بمساحات لا تنتهي، ورغم كل الصعوبات يبقى الوطن هو الأغلى.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت عبر مواقع الواصل الاجتماعي بتاريخ 10 آذار 2015، مع عدد من المغتربين السوريين ورصدت انطباعاتهم عن الصعوبات والمشكلات، وكيفية مواجهتها في بلد المغترب.

تختلف درجات الحنين إلى الوطن والأهل والأصدقاء، ومرابع الصبا بين مواطن وآخر، وبين الهدف الذي جاء من أجله

المغترب "إسحق قومي" باحث وأديب يعيش في ألمانيا منذ 40 عاماً، يتحدث عن أهم الصعوبات التي يعاني منها المغترب السوري بالقول: «أول الصعوبات هو المكان، ثمّ اللغة وكيفية الاستقرار والعمل، لهذا نجد أغلب المغتربين يذهبون إلى أماكن فيها الأصحاب أو الأقرباء ليساعدوهم على التأقلم مع الواقع الجديد».

المغترب إسحق قومي

أما المغترب "يعقوب مراد" وهو كاتب وباحث اجتماعي، مقيم في السويد منذ 30 عاماً، فيقول: «صعوبات الاغتراب تزداد باختلاف البلد، فالاختلاف مرتبط بصعوبة اللغة، والعادات والتقاليد، والدين والمناخ وأسلوب الحياة». ويرى "هشام الشماط" مغترب منذ 22 عاماً يعيش بأميركا: «أن أهم الصعوبات التي تواجه المغتربين اللغة التي تختلف بلهجاتها، وكثيراً ما يعرض فهم المغترب الخاطئ لمعنى الكلمة للإرباك، أو للغرامة، أو يتسبب بعودته إلى بلده، إضافة إلى صعوبة الحصول على أوراق الإقامة، وغلاء المعالجة الطبية، واختلاف العادات والتقاليد والمفاهيم والقيم».

ويقول المغترب "إسحق قومي" عن نظرة المغترب السوري إلى العلاقة مع الوطن الأم: «تختلف درجات الحنين إلى الوطن والأهل والأصدقاء، ومرابع الصبا بين مواطن وآخر، وبين الهدف الذي جاء من أجله».

المغترب عماد استانبولي

أما "يعقوب مراد"، فيؤكد: «أن غربة المواطن السوري عن وطنه لا تعني أنه تخلى عنه أبداً، فعيونه مازالت مسمرة يومياً لمتابعة ما يجري فيه، وقلبه لا يخفق إلا بنبضه، ولكن رغم كل ذلك أستطيع القول إن السوري سفير سوري بلا حقيبة، وإنسان ذكي ومتحمس، ولديه القدرة على التأقلم وينجح». ويقول "هشام شماط": «يبقى الوطن جزءاً منا رغم البعد آلاف الأميال، وكم نتمنى لو كان بلدنا مثل البلد الذي هاجرنا إليه، خاصة أن المواطن السوري يتمتع بكفاءات وقدرات عالية».

المغترب "عماد استانبولي" المقيم بنيجيريا منذ 12 عاماً، وهو مدير العمليات بشركة "ستابيليني فيزينوني" الإيطالية للبناء، يقول عن تكيف المغترب السوري مع معاناته: «في المغترب يكتشف المواطن السوري مدى قوته وقدرته على التكيف والتأقلم، وخصوصاً في الدول ذات الثقافة، واللغة المختلفة عن وطنه الأم، ليس فقط التكيف والتأقلم بل النجاح والتفوق بعد فترة قصيرة، واللافت في المغترب السوري أنه لا يقبل بالأدوار الثانوية، ولا بالنسق الثاني، وأغلب السوريين في نيجيريا أصحاب سمعة طيبة، وأسماء لامعة ويضرب المثل بنجاحهم رغم أنهم قلة، والأهم في دول المغترب هو العيش كجزء من المجتمع المحلي، مع الحفاظ على الهوية السورية، والتعريف بها وإظهار جوانبها المشرقة، وفي نيجيريا مثلاً حيث الجالية السورية قليلة العدد تتمثل صعوباتها بعدم وجود طيران مباشر بينها وبين "سورية"، كما لا يمكنك أن تجد المنتجات أو الأطعمة السورية فيها». ويضيف "يعقوب مراد": «يحاول المغترب السوري التغلب على كل المشكلات ولاسيما الإدارية منها من خلال السفارة السورية، أو من خلال الجمعيات والأندية والروابط والمؤسسات، ولاسيما لمن هجّروا مؤخراً، ودائماً أقول إن المواطن السوري قادر على التكيف مع معاناته».

المغترب هشام الشماط

ويتحدث "إسحق قومي" عن العلاقة بين المغترب والمؤسسات الخدمية بالقول: «يمكن للمغترب السوري التغلب على المشكلات الإدارية التي تواجهه بطرائق مختلفة، تتفاوت ما بين مغترب يعيش في العاصمة وبالقرب من السفارة، وبين مواطن قد يقطع أكثر من 1300كم ذهاباً وإياباً، لهذا أجد أن تكون هناك صلاحيات للسفير ومعاونه ومختلف الموظفين، والعمل على مساعدة المواطن السوري المغترب بعملية المراسلة الإلكترونية واعتمادها، بدوره "يعقوب" يقول: «إنني وخلال ثلاثين عاماً من الاغتراب لم أسمع بمؤسسات خدمات للمغترب، سمعنا ولمسنا تعاوناً لوزارة الخارجية والمغتربين، وسمعنا عن تسهيل أمور الكثيرين من المغتربين من خلال ما سمي رحلات الرابطة للسوريين المغتربين إلى "سورية" قبل الحرب، التي فسحت المجال لآلاف السوريين الذين حرموا لأسباب خاصة من العودة إلى بلادهم لزيارة الوطن الأم، أما خلال الحرب فكل ما فعله المغتربون من محاضرات ونشاطات، وزيارات إلى "سورية" ومسيرات، كان عبارة عن مجهود شخصي، أو من خلال الأندية والروابط والكنائس كنوع من رد الوفاء والانتماء إلى الوطن».