لم يكن الطفل "محمد بدوي" البالغ من العمر اثني عشر ربيعاً صاحب القرار في التخلي عن أحلامه وألعابه ومدرسته ليجد نفسه في قافلة العمالة، ويصبح بذلك معيلاً لعائلة مؤلفة من تسعة أشخاص.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 شباط 2015، الطفل "محمد خالد بدوي" الذي حدثنا عن عمله بالقول: «عمري "12" سنة تركت المدرسة من الصف السابع لأعيل أهلي؛ فعدد أفراد عائلتنا تسعة أشخاص ولا يوجد لهم معيل، لذلك أعمل أنا طوال النهار في هذا المكان لبيع الجوارب على "البسطة" لأقدم لهم ثمن الطعام والشراب، وأتمنى أن أعود إلى المدرسة وأتابع دراستي كبقية الأولاد».

عمري "12" سنة تركت المدرسة من الصف السابع لأعيل أهلي؛ فعدد أفراد عائلتنا تسعة أشخاص ولا يوجد لهم معيل، لذلك أعمل أنا طوال النهار في هذا المكان لبيع الجوارب على "البسطة" لأقدم لهم ثمن الطعام والشراب، وأتمنى أن أعود إلى المدرسة وأتابع دراستي كبقية الأولاد

كما رصدت مدونة وطن "eSyria" مجموعة من الآراء حول ظاهرة عمالة الأطفال؛ حيث تقول المهندسة الزراعية "نجوى هدبا": «لن أقول إن الفقر هو العامل الأول لعمالة الأطفال؛ إنما الجهل بالكثير من الأمور وأهمها التربية والقوانين من قبل الأهل والمؤسسات الحكومية، والجهل أيضاً بأسلوب الحياة والتعامل مع الطفولة ومع الآخرين، نضيف إلى الموضوع الفقر والحاجة؛ التي نادراً ما تكون السبب الرئيس لذلك يأتي بعدها الاستغلال غير المحاسب عليه».

الباحث محي الدين قرنفلة.

"غادة فطوم" كاتبة وإعلامية، تقول: «إذا أردنا أن نبحث وراء الأسباب التي تؤدي إلى تشغيل الأطفال واستغلالهم من خلال زجهم في أعمال تفوق عمرهم وطاقتهم الجسدية، فإن الكثيرين من أرباب العمل يستغنون عن عمالة الكبار باللجوء إلى الأطفال الصغار واستغلال حاجتهم وضعفهم وفقرهم؛ لهذا علينا أولاً توجيه الأسرة بدءاً من الأم التي يجب أن تبعد أطفالها عن الاستغلال، ومن ثم الأب الذي يجب أن يحمي ثمرة تعبه، وإن كان الأب والأم قد توفاهما الله يجب أن تكون هناك مؤسسات تربوية تحمي الأطفال؛ وذلك من خلال إقامة برامج تخصصية لإعداد الطفل بدنياً وعقلياً ليواجه من يستغله ويكون قوياً، وعلينا أن نزرع في طفلنا مسألة أن يكون حراً في قراره حيث لا يقرر أحد عنه حياته القادمة كيف يعيشها».

"محي الدين قرنفلة" باحث في التراث، يقول: «باعتقادي إن الجهل الاجتماعي أول أسباب عمالة الأطفال، ثم يأتي بعدها ضعف تنفيذ القانون بمنع استخدام الأطفال في ورشات العمل، إضافة إلى وجود بعض ضعاف النفوس من أرباب العمل وعدم احترامهم للطفولة والإنسانية، ولا بد من التأكيد على أن الوعي المجتمعي ودور الإعلام والجهات الرسمية في تطبيق القانون هو كفيل بوقف عمالة الأطفال».

أميرة جهيم.

"سوسن بواب" ربة منزل، قالت: «ليس الفقر وحده المسؤول عن هذه الظاهرة المؤلمة، فكم من عائلة فقيرة نشأ منها شباب متعلم مثقف واعٍ، بينما عندما ينشأ طفل بعائلة تعتبر أن العلم والشهادة "ما بيطعموا خبز" حسب مفهومهم، ويجبرون أطفالهم على العمل معتبرين أنه يقويهم هنا تحدث الكارثة، والمؤلم أن يكون الطفل راغباً بالعلم وينظر إلى من في سنه يحملون الحقائب ويذهبون لينهلوا من العلم، بينما هو يمارس أعمالاً لا تناسبه ليجلب قليلاً من المال لا يكفي قوت يومه، وللأسف هناك من يتاجر بهذا فرب العمل عندما يسمح لنفسه بعمالة الطفل يساعد بالجريمة، وهذه الظاهرة منتشرة وبكثرة في مجتمعنا والمسؤولية تقع أولاً على الأهل إن وجدوا، لذا يجب أن تكون هناك حملات توعية، ولا تكتفي الدولة بفرض عقوبات على من يشغلون الأطفال بل العمل على تطبيقها، أما بالنسبة للأطفال المشردين اللذين لا أهل لهم -وهم كثر أيضاً للأسف- فيجب تأمين مأوى لهم وإبعادهم عن المستغلين اللذين يتصيدوا الأطفال ليعملوا لديهم، ولا يخفى علينا تعرضهم للضرب والإهانة إذا لم يحصلوا على مبلغ معين من تسولهم، والمحزن بالأمر أننا نجد الطفل قد تأقلم بعد مدة مع الوضع ولبس الدور تماماً، وفقد براءته، لذلك علينا تدارك الوضع من البداية حتى لا نجد صعوبة في إعادة الطفل إلى براءته».

"أميرة جهيم" مرشدة علم نفس، قالت: «إن قيام الأطفال بالعمل قبل عمر 14 سنة له تأثيراته السلبية في مستقبل الطفل الدراسي، فمن آثاره السلبية أن الطفل لا يعطي أهمية للعلم لأنه يشعر بأنه يجني مالاً بالعمل فيصبح اتجاهه في الحياة جني المال، كما أن سلوكه داخل البيت سيتغير إلى السيئ بالنسبة لمعاملته لإخوته، فيظن أنه المسيطر عليهم ويبدأ خوض صراع مع أهله وإخوته، فضلاً عن تركه الدراسة فيشيع الجهل في مجتمعنا».

غادة فطوم.

الاختصاصية الاجتماعية "ربا شيخ حسن"، قالت: «تعد ظاهرة عمالة الأطفال ظاهرة اجتماعية سلبية تنبع من عدة أسباب؛ أهمها الفقر الذي تعاني منه بعض الأسر وانخفاض المستوى المعيشي لهم؛ وهو ما قد يؤدي بهم إلى دفع أبنائهم إلى العمل وإجبارهم على تزويدهم بالدخل الذي يسد حاجاتهم الأساسية، وكذلك ضعف المستوى الثقافي للأسرة؛ وهو ما ينعكس على تقديرهم لفائدة التعليم، إضافة إلى الحروب والأزمات التي تخلق الكثير من الأعباء الاقتصادية، وتنعكس هذه الظاهرة على الطفل من الناحية الصحية والمعرفية، إذ تتأثر صحة الطفل كثيراً خاصة أنه يقوم بأعمال غير ملائمة لجسده الضعيف؛ الذي ما زال في طور النمو، كما تنخفض قدراته الإبداعية، ويتطلب هذا الوضع من جميع المؤسسات المسؤولة عن حماية الطفل زيادة حملات التوعية، والعمل على تطبيق القوانين الخاصة بحمايته وحقوقه بطريقة صحيحة».