"أنيسة حموش" سيدةٌ حاربت الأزمة بالتفهم، والعتمة بلعبة "الظلال"، واعتبرت أن تنظيم الوقت عاملٌ مهم للتعامل مع الظروف الراهنة، أما التفكير الإيجابي فهو مفتاح حل الأزمة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 كانون الأول 2014، الآنسة "أنيسة حموش" وهي مدرسة في إحدى مدارس "دمشق"؛ لتحدثنا عن أسلوب تعاملها مع الأزمة والمعاناة اليومية التي يمر بها المواطن السوري بقولها: «الأزمات هي التي تبني الإنسان، والشدائد تظهر معادن البشر، والسعادة شيء موجود بداخلنا يرتبط بنظرتنا للحياة، لا أنكر أبداً أن الحزن قد يسيطر علينا خاصة مع تسارع المتغيرات حولنا، وللأسف كثير منها ليس للأفضل، لكن ذكاء الإنسان السوري يكمن في قدرته على التكيف والتلاؤم مع ظروف الحياة، جميعنا نعرف أنه لن يبقى منا إلا الأثر الطيب الذي ينقشه بقلوب الآخرين، فلم لا نكون بلسماً لجراحهم بابتسامتنا وإشراقنا وتفاؤلنا؟».

الأزمة جعلتنا أكثر قوةً وقرباً من بعضنا، وهذا ما أكدته ثقافة التطوع التي انتشرت انتشاراً واسعاً في المدة الأخيرة بين شباب وشابات بلدنا، يجب أن نبقي الأمل سلاحاً لنا في هذه الحياة

وتابعت متحديةً الظروف قائلة: «رغم تعقد الظروف مؤخراً إلا أنها حملت جوانب إيجابية متعددة، فمع تزايد انقطاع التيار الكهربائي عدنا في الأسرة للجلوس معاً، بل وفي غرفة واحدة بعد عودة الشتاء وذلك للتقليل من صرف المازوت.

السيدة أنيسة حموش

كما أن حياتي أصبحت أكثر تنظيماً، وعودت نفسي على إنهاء أعمالي المنزلية التي تحتاج إلى الكهرباء في أوقات توافرها، أما في المساء فأجتمع مع أولادي لنلعب معاً "لعبة الظلال" التي تنمي خيالهم، وهذه اللعبة كنا نلعبها عندما كنا صغاراً حيث نقوم بصنع الخيالات على الحائط من نور الشمعة ونشكل بأيدينا أشكالاً متعددة نتسابق لمعرفتها، وأحياناً قصصاً ومسرحيات كنوع من التسلية، بعيداً عن الأجهزة و"الموبايلات" الحديثة».

وبحديثها عن أهمية مواجهة الأزمة بالتفكير الإيجابي تقول "أنيسة": «القوي من يعترف بحزنه ويدرك حجم المعاناة، ورغم ذلك يتعالى على جراحه ليسير نحو الأفضل، مرت على الشام ظروف أصعب وأقسى كالزلازل والمجاعات والقحط، أبدع خلالها أهالي الشام بإيجاد حلول وبدائل وأفضل مثال على ذلك هو المطبخ السوري الذي يحتوي على أصناف تدل بشكل قطعي على الأزمات الاقتصادية التي تركت بصمة قوية في الموروث الشعبي؛ مثل "العز للرز والبرغل شنق حاله"، هذا المثل ظهر بفترة فقدت فيها المواد التموينية لتصبح "المجدرة أكلة مقدرة" وتقدم في الولائم بدلاً من الطعام الدسم الفاخر في فترات المجاعات».

رسم توضيحي للعبة الظلال

وختمت "أنيسة حموش" كلامها بالقول: «الأزمة جعلتنا أكثر قوةً وقرباً من بعضنا، وهذا ما أكدته ثقافة التطوع التي انتشرت انتشاراً واسعاً في المدة الأخيرة بين شباب وشابات بلدنا، يجب أن نبقي الأمل سلاحاً لنا في هذه الحياة».

كما التقت مدونة وطن "eSyria" مدرّبة المهارات الشخصيّة والعمليّة "كريستينا كشر" وأوّل متحدّثة تحفيزيّة في "سورية"، أو كما تحب أن نسميها "الكوتش كريستينا"؛ لتحدثنا عن كيفية تحقيق التوازن بين قناعاتنا وطرائق حياتنا قائلةً: «للأسف أغلب الأحيان يتصرّف الإنسان ويمارس حياته بطرائق وسلوكيّات لا تنسجم مع قناعاته ومبادئه التي يؤمن بها، ولا تتوافق مع رؤيته للحياة.

المدربة كريستينا كشر

فأغلب الناس يتصرّفون وفقاً لما تمليه عليهم الظروف مناقضة بذلك لقناعاتهم، ومن الصحّي أن يكون هناك انسجام وتوافق بين المعتقدات والقناعات من جهة وبين الأفعال التي تحدّد طريقة حياتنا من جهة أخرى، لأنّ هذا التوازن هو مفتاح الارتياح النفسي، وعندما لا نستطيع أن نشبع قيمنا ومبادئنا في البيئة التي نتواجد فيها، نصاب بحالة من فقدان التوازن والشعور بالتناقض، وأودّ أن أنوّه هنا إلى أنّ ضعف إنتاجنا، وطغيان الكسل على أعمالنا، وبرودة همتنا، ناتج أساسي لعدم قناعاتنا بالأنشطة التي نزاولها، أوعدم إيماننا بأهميّتها، فنحن نؤدّيها بأقل جهد ممكن، ومن دون أي قدر من الاستمتاع بممارستها، لماذا؟ لأنها ببساطة لا تتوافق مع قناعاتنا».

أما عن كيفية مواجهة التفكير السلبي فتقول "الكوتش كريستسنا": «الطاقة السلبيّة مزعجة أينما ومتى وجدت، إن كانت صادرة عن أشخاص أو من ظروف معيّنة، أما الصادرة عن الأشخاص، فينبغي أن نحمي أنفسنا منهم بعدّة طرائق: كالتقليل من قضاء الوقت معهم، بأن نعرف متى نسكتهم ونفتح موضوعاً آخر، أن لا نخجل من قول "لا"، وألا نشاركهم الانتقاد والتذمّر ولا نتفاعل معهم.

وإن كانت صادرة عن ظروف أو حالة معيّنة، يجب أن نحدّد أولويّاتنا في الحياة ونركّز عليها وعلى تطويرها والتفاعل معها بأفضل طريقة ممكنة، وإحاطة أنفسنا بأشخاص يؤمنون بقدراتنا ويشجعوننا ويمدّونا بطاقة المحبّة ويتفاعلون معنا بمرونة. أيضاً من المهم أن نعزّز فينا الاعتقاد الإيجابي "التفاؤل" والثقة بالنفس لأنها فيتامين بناء الأفكار الفعّالة الإيجابيّة، أي ممارسة تعزيز الثقة بالنفس كحالة وعي يوميّة».