يواصل "أربعاء تريم الثقافي" استضافة مفكرين ومعماريين سوريين وعرب ضمن سلسلة من المحاضرات التي تعقد عادة في الأربعاء الأول من كل شهر، وفي هذا الأربعاء قدمت محاضرة خاصة تحت عنوان "الحرم القدسي الشريف مدرسة لترميم التراث الإسلامي" ألقاها الدكتور المهندس "رائف نجم" نائب رئيس لجنة إعمار المسجد الأقصى ورئيس جمعية "القدس" والذي شغل مناصب عدة من بينها وزارة الأشغال ووزارة الأوقاف في "الأدرن".

موقع eSyria بتاريخ 3/11/2010 حضر الندوة التي أقيمت في مكتبة الأسد، حيث أكدت المهندسة "ريم عبد الغني" أهمية الندوة بقولها: «من منبر "أربعاء" تريم أطلت "القدس" مرات عديدة في السنوات الثلاث الماضية، تكلم الدكتور "عفيف بهنسي" في محاضرته عن "أور-سلام" "القدس" عاصمة الثقافة العربية، الدكتور "أحمد برقاوي" محاضرة حول "فلسفة القدس"، وأتانا الدكتور "نظمي الجعبة" من "القدس" ليخبرنا عن معاناة سكانها الموجعة في محاضرته "كنوز ومقدسات تواجه التحديات"، وحين رويت لكم شخصياً عن حلمي المقدسي الذي تجولنا فيه معا في رحاب "القدس" القديمة».

لا يوجد قاعدة عامة لترميم المعالم الدينية التراثية، فكل معلم منها له حالة خاصة تعتمد على تاريخ المعلم وحالته الحاضرة ونوع التلف الذي أصابه، وهنا أشير إلى ضرورة التقيد باستعمال المواد الإنشائية التراثية والابتعاد عن استعمال المواد الإنشائية الحديثة

تتابع: «كلّ تحدث عن "القدس" من زاويته، أما اليوم فسنرى الصورة مكتملة لأننا سنصغي إلى خير من يحدثنا عن "القدس"، إلى مهندس خبير حفظ حجارتها عن ظهر قلب ونذر جهوده على مدى أربعين عاماً لحماية وترميم وإعمار معالم الحرم القدسي الشريف كنائب رئيس لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، اللجنة التي مازالت تشرف على الاصلاحات وأعمال الترميم منذ أن أحرق الصهاينة المسجد الأقصى عام 1969م وحتى اليوم».

خلال التكريم

أما عن المحاضرة فتقول المهندسة "ريم": «محاضرتُنا اليوم تدور كجميع محاضرات "أربعاء تريم الثقافي" في فَلَك الهوية العربية وأهمية الحفاظ عليها بمواجهة التحديات المختلفة، فرُويداً رويداً تفقدُ ملامِحنا شكَلها المميز لنصبح لا أحد"، وحينما نكون "لا أحد" لا نحتاج أن ندافع عن وجود "أحد"، وأي سلاحٍ أمضى لمحاربة أمةٍ وإبادتها من محو ذاكرتها وهويتها وكيانها المستقل ولغتها ومقدساتها؟ وهذا ما يقوم به الصهاينة».

تتابع: «نريد أن نعرف المزيد عن "القدس" لندحض الرواية الصهيونية الكاذبة لحكاية "القدس" التي تهمش بجرأة ووقاحة التاريخ العربي والإسلامي للمدينة، فرغم سقوط أساطير التوراةِ وأكذوبة الهيكل الضخمِ أمام نتائج التنقيبات الأثرية، تبقى اسرائيل متمسكة بالرواية المختلَقة لتبرر سرقةَ وطنٍ كامل بتراثه وتاريخه وفنونه وآثاره وذكرياته ومبانيه وكتبه ولوحاته، والعالمُ أعطاها المشروعية بقرار من الأمم المتحدة، والمئات العزّل يُقتَلون كل يوم بأبشع وسائل التدمير في فلسطين الجريحة التي تستبسل في وجه مدٍّ جارفٍ من جبروت الشرّ الاسرائيلي، لا تصدّقوا أكاذيب الإعلام الاسرائيلي، نريد حقّاً أن نعيش بسلام، لكن هل بوسعك أن تستغرق في رسم لوحة فنيّة رقيقة بينما يُقتحم باب دارك ويُضرب والداك ويُختطف أولادك ويُدكّ سقف بيتك؟».

المهندسة ريم عبد الغني

وتنهي المهندسة "ريم عبد الغني" حديثها بقولها: «"القدس" مرة أخرى إذاً، بل رابعة وعاشرة، لن نتوقف عن مناداتها أبداً كي تبقى زهرة المدائن دائماً في البال، حتى تعود وبعد أن تعود إلى أن ينتهي درب الآلام، لا يعنينا أن يخصص عام للقدس كعاصمة للثقافة العربية، فأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ستبقى نصب أعيننا اليوم وكل يوم لأجل "القدس" دربِ من مروا إلى السماء، لأجل أطفالها الشاخصين إلينا بنظرات الحيرة والخوف والرجاء، ستظل قلوبنا معلقة بين قناديل ليل دروبها، تنتظر أن يَلوحَ فجر يعانق الكنائس القديمة ويمسح الحزن عن المساجد عسى ألا تنتظرنا طويلاً، وأن يكون بأيدينا حقاً للقدس سلام آت».

وفي محاضرته أكد الدكتور "رائف نجم" على أنه: «لا يوجد قاعدة عامة لترميم المعالم الدينية التراثية، فكل معلم منها له حالة خاصة تعتمد على تاريخ المعلم وحالته الحاضرة ونوع التلف الذي أصابه، وهنا أشير إلى ضرورة التقيد باستعمال المواد الإنشائية التراثية والابتعاد عن استعمال المواد الإنشائية الحديثة».

من المحاضرة

شملت المحاضرة دروساً مستقاة من خبرة المحاضر العملية خلال مدة 40 سنة من العمل المتواصل في صيانة وترميم وإعمار معالم الحرم القدسي الشريف الذي يمتد على مساحة 144 دونماً ويشتمل على المسجد القبلي وقبة الصخرة المشرفة وقبة السلسلة والمآذن الأربع والقباب العديدة والموازين والمصاطب والساحات الحجرية.

والجدير بالذكر أن مركز "تريم" للعمارة والتراث هو مؤسسة غير حكومية، مركزها "دمشق"، أسستها وتشرف عليها المهندسة "ريم عبد الغني" حرم الرئيس اليمني السابق "علي ناصر محمد" في عام 2004، تُعنى بالتراث والعمارة في العالم العربي من خلال التوثيق والدراسة والنشر والإنتاج الفني وتنفيذ مشاريع الحفاظ والترميم وتبادل الخبرات مع المؤسسات والهيئات والمراكز المماثلة في العالم.