ثرو ة بلا مال ... نعم هي ثروة من أدوية فائضة متناثرة ، من أثاث مهدور ، من فساتين العرائس المخبأة في الخزائن ، من ولائم فاض عنها أكثر مما استهلك بكثير... نعم هي ثروة بلا مال ... من هنا ولدت فكرة مشروع حفظ النعمة؟!

يقول السيد عمار الرفاعي المسؤول الإعلامي في المشروع : من ولائم دمشق العامرة استوحى والدي الشيخ سارية الرفاعي فكرة المشروع ، فكثيرا ما تكون دعوة الغداء أو العشاء لخمسين شخصا مثلا ، لكن الطعام يكفي لأضعاف هذا العدد ، فأين يذهب ما تبقى من طعام ، هل يذهب لمستحقيه مثلا أم إلى أكوام القمامة ؟

من هنا يؤكد الرفاعي جاءت فكرة المشروع في جمع بقايا هذه الوليمة أو تلك واستصلاحها وإضافة ما يلزمها من لحم وسمن وغيره ، كيف لا وأهل الشام يحرصون على النعمة وحفظها فكنا نحن في المشروع المعين لهم في الحفاظ على النعمة ، فما ان يتصل بنا أي متبرع حتى تكون السيارة تحت تصرفه لتحمل ما يصلح من الطعام المتبقي إلى حيث أمّنا الثلاجات لنحفظ فيها الطعام على شكل وجبات بعد تعبئتها بعبوات صحية تحت إشراف أطباء مختصين ومن ثم توزيعها على مستحقيها .

ويضيف السيد الرفاعي وكي نضمن استمرارية العمل ومصداقيتنا أمام الفقير بدأنا برفد النقص في الوجبات من خلال الطبخ في مطبخ المشروع الذي يعتبر بحق من أحدث المطابخ من حيث التجهيزات والاتساع حيث بلغ ثمن التجهيزات حوالي/ 25 / مليون ليرة سورية وزعت على مساحة / 1600 / متر مربع هي مساحة المطبخ ويكفي الإشارة هنا إلى أننا في السنة الأولى وزعنا / 240 / ألف وجبة غذائية في مختلف مناطق القطر والى كل مواطن سوري مستحق ، ناهيك عن عشرات الأطنان من الخبز ،اللحم ،الأرز ،السمن ، الزيت ،اللحم ،السمك ،السكر والشاي كمواد عينية فكان مشروعنا الأول المستمر منذ عام/ 2002 / حتى الآن وحفظنا النعمة.

ودواء:

تابع المسؤول الإعلامي ....... في عام / 2003 / وبعد مرور نحو سنة على النجاح الكبير الذي تحقق في مشروعنا الأول بدأنا مشروع حفظ النعمة للدواء وانطلقت الفكرة هنا من ان كل منزل فيه ثروة مهدورة ، واراهن - تابع الرفاعي – انه لا يوجد منزل الا وفيه صيدلية منزلية تحوي ما قيمته أكثر من / 2000/ ليرة سورية ورمي الدواء فيه هدر وضرر للبيئة ، أعلنا عن قبول كل ما يزيد من دواء لدى المواطنين بعد شفائهم ، أو ان الطبيب طلب تغيير الدواء أو لم يكمل المريض الدواء لأسباب متعددة ..... وفعلا كان هناك تجاوب منقطع النظير لدعوتنا هذه واستطعنا خلال الأشهر الأولى جمع ما قيمته نحو عشرة ملايين ليرة سورية؟ بطبيعة الحال يؤكد السيد عمار ان هذه الأدوية لا تقبل الا ضمن شروط كأن تكون ضمن مدة الصلاحية ،والقوارير غير مفتوحة و تخضع لفحص من قبل صيدلي خبير للتأكد من صلاحيتها، ومن ثم يتم توزيعها على الفقراء المستحقين من خلال ثلاث صيدليات موزعة في مناطق الفحامة والمزرعة والسبينة بريف دمشق ، وأضاف السيد عمار ان الأدوية بدأت تتوافد إلينا من شركات الأدوية ومن الأطباء أنفسهم مما يردهم من عينات مجانية .

المسؤول في صيدلية الفحامة أكد ان الصيدلية توزع يوميا ما يزيد عن مئتي وصفة طبية إلى المستحقين من الفقراء الذين يحملون بطاقات من جمعيات خيرية أو من مشروع حفظ النعمة .

السيدة م. ع تقول زوجي مريض قلب وارتفاع في ضغط الدم ولدي خمسة أطفال ولا معيل ، وأنا آتي إلى الصيدلية بشكل دوري لآخذ الأدوية وهي مكلفة جدا ولدى سؤالنا إياها ان كانت قد وجدت صعوبة في الحصول على بطاقة مستفيد من جمعية مشروع حفظ النعمة أجابت بلا تردد مطلقا فما على الفقير سوى التقدم بصورة عن الهوية وبيان عائلي ، وما هي الا أيام حتى تقوم لجنة بدون موعد مسبق بزيارة إلى منزل هذا أو ذاك الفقير وسؤال الجيران عن وضعه وبعد التأكد من الحال يحصل على بطاقة مستفيد وتبدأ المعونات العينية له من دواء وغذاء وكساء .

وهذا ما أكدته السيدة س . الأحمد بقولها زوجي متوفي ولدي سبع بنات أربعة منهن متزوجات والبقية يدرسن في المدارس وأنا مريضة ربو وضغط واحتاج إلى الأدوية والمساعدة وفعلا يعطوني من المشروع وبشكل شهري الأدوية والمواد الغذائية من سمن ورز وبرغل ورب بندورة بما يصل قيمته إلى نحو ألف وخمسمائة ليرة سورية !

أما الكساء:

فيقول عمار الرفاعي من منا لا يوجد لديه قميص أو جاكيت أو كرافيت أو بنطلون أو فستان قد صغر قياسه أو فات موديله أو مل منه صاحبه .

من هنا بدأنا باستقبال الثياب من المتبرعين وبعد غسلها وكيها وتعقيمها وتكييسها تحول إلى صالة عرض ليتم فرزها -- رجالية -- نسائية -- ولادية ثم توزيعها لاحقا على المستحقين وفق نظام النقاط التي تعطى للمستحق حسب عدد أفراد العائلة وكل قطعة لباس تقيم أيضا بعدد من النقاط ويتم الاختيار من قبل المستحق ضمن هذه القواعد ولثلاث مرات في العام ، بداية المدارس ،ومع بدء فصلي الصيف والشتاء وللعلم يقول الرفاعي انه وخلال الشهرين الأولين من بدء هذا المشروع استطعنا جمع مليون قطعة قيمتها تزيد على مئة مليون ليرة سورية كانت مخبأة في الخزن أو سترمى في الحاويات لتهدر فحفظنا النعمة ووزعناها إلى المستحقين .

السيدة ع . م قالت أنا معلمة وراتبي محدود وزوجي متوفي ولدي أربعة أولاد يدرسون في الجامعة ثلاثة منهم في كلية طب الأسنان ولذلك أنا بحاجة ماسة للألبسة وأنا وأولادي نستفيد من الكساء فقط ولا احتاج غير ذلك والحمد لله لم أجد أي صعوبة في الحصول على بطاقة مستفيد من المشروع .

ولمن أراد الزواج نصيب ؟

أما الشباب والفتيات فلهم من المشروع نصيب..... فالشباب غير القادرين على شراء غرف نوم أو أثاث لبيت الزوجية فقد استطعنا من خلال ما يصلنا من تبرعات ممن يودون تغيير أثاث منازلهم ان نزود بعضا ممن هم بحاجة فعلا بغرف نوم وغير ذلك بعد إصلاحه وتجديده في ورشات ، أما الفتيات اللواتي سيتزوجن وليس بمقدورهن شراء الفستان الأبيض لليلة العمر فقد استطعنا منحهن الفرحة المرجوة من خلال ما جمعناه من فساتين تبرعت به الأخوات الخيرات فقمنا بتجهيزه وإصلاحه ان كان يحتاج لإصلاح وإعارته لهن ومن ثم إعادته للمشروع لتستفيد منه أخت ثانية وثالثة ؟

وبعد:

يقول السيد عمار الرفاعي لدينا ستة آلاف عائلة مستفيدة من المشروع وكلها تستفيد من الغذاء والكساء والدواء ونحن لا نقدم الأموال الا في حالات استثنائية جدا ولليتيم فقط سيما وأننا في طور الانطلاق في مشروع التميز لكفالة اليتيم وبطريقة غير تقليدية ، كما أننا نستعد للانطلاق في مشروع آخر هو غاية في الأهمية ويتمثل في تأسيس ورشات عمل تمكن الفقراء ولا سيما الفتيات من تعلم حرفة ومهنة تمكن الفتاة من الاعتماد على نفسها وسنساعدها في تسويق المنتج الذي تقوم بتصنيعه بمعنى إننا نريد التحول من إعطاء الفقير ما يستحقه فعلا من غذاء وكساء ودواء دون مقابل إلى إعطائه كل ذلك بمقابل من خلال عمله الذي سنحاول جميعا تعليمه إياه وبالتالي تكون المساعدات التي تقدم لهم هي مقابل عمل قاموا به وإنتاج صنعوه ؟

بقي ان نشير إلى ان ميزانية المشروع تصل سنويا إلى ما يزيد عن الأربعمائة مليون ليرة سورية توزع على العائلات المستحقة في مختلف أنحاء سورية ولكل مواطن سوري مستحق ولكن بشكل عيني لا نقدي ولهذا كان شعار مشروع حفظ النعمة .... ثروة بلا مال ... حقا انها ثروة بلا مال ؟!!